الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: بركان الغضب الشعبي يثور في الدول العربية
اهتمت الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم الاثنين 09 أيلول 2024، بـــ"عملية معبر الكرامة" التي نفذها سائق شاحنة أردني، وبما تحمله من رسائل تدل على غضب الشعوب العربية، لا سيما التي تعيش في الدول المطبّعة مع الكيان الصهيوني. واهتمت، أيضًا، بتحليل العلاقة المتبادلة بين أوروبا وإيران في ظروف الانتخابات الأميركية، والتي بيّنت مرة أخرى أن الولايات المتحدة لا تهتم بحلفائها الأوروبيين، وأثر هذا الأمر على السياسة الخارجية للدول الأوروبية.
رسائل "عملية معبر الكرامة"
في هذا الصدد؛ قالت صحيفة "قدس": "عملية معبر الكرامة أظهرت أن بركان الغضب الشعبي يثور في الدول العربية، وحتى في عواصم مثل عمان والقاهرة التي لديها سياسات حكومية متحالفة مع الكيان الصهيوني وضد محور المقاومة، إذ إن منفذ العملية الاستشهادية التي وقعت، يوم أمس الأحد، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة صهاينة على جسر الملك الحسين، هو سائق شاحنة دخل منطقة الغور الأردنية قادمًا من الأردن، ونفذ هذا العمل".
توقعت الصحيفة عاصفة من الغضب، خاصة في العالم العربي، ضد الكيان الصهيوني. وتابعت: "لقد أظهرت التجارب السابقة أن بعض الدول العربية التي كانت خادمة ومنفذة لسياسات أميركا وبريطانيا وحتى الكيان الصهيوني في المنطقة، تعرضت للعقاب من شعوبها"، مردفة: "حتى اليوم، بعض حكام العالم العربي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وغيرها، الذين يدعمون الاحتلال بقوة، يلعبون بفرص حكوماتهم؛ لأن الناس في الدول العربية لا يرون الفلسطينيين إخوانًا لهم في اللغة ذاتها وحسب، بل هم إخوتهم في الدين، بكل ما يحملونه من رموز التديّن".
الحرب الوجودية في المنطقة و"طوفان الأقصى"
من جهتها، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "ما أدار المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني، في العقود الأخيرة، هو ما يسمى بالمعركة في المنطقة الرمادية. وغالبًا ما يكون استمرار الأعمال العدائية في المنطقة الرمادية غير واضح، وذلك باستخدام وسائل غير تقليدية نسبيًا، وعادة ما تكون بين الطرفين خطوط حمراء غير مكتوبة تحذرهما من الاقتراب من الحرب النهائية". وقالت إن: "استراتيجية العمل التدريجي التي يفكر فيها الكيان الصهيوني في المرحلة الانتقالية الإقليمية وضعف الهيمنة الأميركية هي التحالف ضد إيران وعزل شبكة المقاومة. وهذا الكيان الذي تبنى، في أواخر الخمسينيات، مبدأ "التحالف المحيطي" للخروج من العزلة، يسعى في العقد الأخير إلى تطبيق استراتيجية "التحالف مع محيط إيران من أجل عزلها""، موضحة أن: "المرحلة الأولية من هذه الخطة كانت تطبيع العلاقات مع حكومات المنطقة، ثم اتباع الخطوة التالية المتمثلة ببناء تحالف يستثني إيران".
تعلّق الصحيفة على هذا المخطط بأن الولايات المتحدة و"إسرائيل" تدركان تمام الإدراك استحالة الاستمرار في دفع الخطة الخاصة بالشرق الأوسط حتى التوصل إلى "اتفاق عظيم"، يشكّل فيه انضمام السعودية إلى قطار العلاقات المنفتحة والتطبيعية مع "إسرائيل"، قطعة كبيرة من أحجية "المحيط الإيراني" المتاح للكيان الصهيوني من الشمال إلى الجنوب عبر أراضي جمهورية باكو وإقليم كردستان ودول الخليج. ولفتت إلى أن المؤامرة الأمنية الجديدة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" لا تشمل إيران فحسب، بل تشمل أيضًا الأمن الجماعي للمنطقة برمتها من خلال الاعتماد عليها وربطها بأمن الأراضي المحتلة. بمعنى آخر، إنّ أمن المنطقة وتقاربها، والذي لا يمكن تحقيقه بالقضاء على إيران، يعتمد على أمن الكيان الصهيوني. وكانت هذه العملية تسير وفقًا للخطة المرسومة، حتى شهد العالم يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر عملية "طوفان الأقصى".
تابعت الصحيفة أن عملية المقاومة الفلسطينية، إن لم تكن مدمرة، فقد عطّلت على الأقل الخطة التي صُممت واتبعت بالتوازي مع التحول الإقليمي. وهذا يعني أنه مع "طوفان الأقصى"، بالإضافة إلى بروز قضية فلسطين تبرز مرة أخرى، تمكّنت المقاومة الفلسطينية من أن تكون أكثر فعالية في تشويه خطة الشرق الأوسط الغربية العبرية العربية. لذلك، في هذا الصدد، أشار آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، في كلمته لمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني (قدس)، إلى الدور الإقليمي لعملية "طوفان الأقصى"؛ وكان من أبرز نقاط هذا الحدث أهمية عنصر الوقت، كون عملية المقاومة تمت "بالضبط في لحظة تحتاج إليها المنطقة"، وفي إشارة إلى خطة أميركية صهيونية واسعة، اتبعت بالتعاون مع بعض حكومات المنطقة، ذكر أن هدفها هو "هيمنة الكيان الصهيوني على سياسة منطقة غرب آسيا واقتصاد بأكملها، بل على كامل المنطقة في العالم الإسلامي، فقد أبطل إعصار الأقصى مثل هذه الخطة لهيمنة جبهة العدو على نظام ما بعد أميركا، حيث يقوم الطرفان الآن، خلافًا للاتجاه الحالي، بتقسيم النقطة الزمنية للمنطقة إلى ما بعد طوفان الأقصى وما قبله، ويعاد تصميم معادلة نظام غرب آسيا وفقًا للوضع الذي يقترب من عامه الأول.
العلاقة بين أوروبا وإيران
في سياق آخر، ذكرت صحيفة "إيران": "اتخذت العلاقات بين إيران وأوروبا مسارًا معقدًا، في عهد الحكومة الثالثة عشرة. إذ بعد السنة الأولى للحكومة، والتي كانت فيها العلاقات الثنائية ملتوية وغير صحية، شهدنا في العام 2022 توترًا واسع النطاق بين طهران والعواصم الأوروبية. وفي العام الثالث للحكومة الـ13، كانت مفاوضات إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة والحرب في أوكرانيا متغيرين أعادا العلاقات بين الجانبين مع احتمال إحياء الاتفاق المزيد من التوتر والتحول والغموض في العلاقات".
أضافت الصحيفة: "خلال السنوات الثلاث الماضية، تأثرت العلاقات بين إيران وأوروبا بسبب سياسات الولايات المتحدة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ لكن اليوم، يدرك العديد من السياسيين الأوروبيين أن "أميركا لم تعد أنموذجًا لأوروبا"، وبعد أن مروا بمرحلة ما بعد ترامب مع رئيس ديمقراطي، توصل الأوروبيون إلى نتيجة مفادها أن شعار "أميركا أولًا أو أميركا فقط" ليس مجرد شعار لحزب سياسي، بل في الحقيقة هو منهج السياسة الخارجية الأميركية". وقالت :"إن مراقبة تصريحات المسؤولين الأوروبيين، في الأسابيع الأخيرة وعشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، تظهر نظرة أوروبا القلقة للتطورات المستقبلية للنظام الدولي في وضع ترى فيه نفسها وحيدة أكثر من أي وقت مضى لحل مشكلاتها وتحدياتها، خاصة التحدي الكبير مع روسيا". ورأت أن: "ثقة أوروبا تضررت في أميركا بشدة، في الأعوام الأخيرة، فيما تحاول أوروبا بشكل جدي الحفاظ على تماسكها الداخلي وإيجاد استقلال استراتيجي".
وختمت الصحيفة: "في مثل هذه الأجواء، دعم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الحوارات البناءة مع أوروبا منذ بداية عمل حكومته، ومن خلال شرح الخطوط الرئيسة للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مؤكدًا أن: "عدم الدخول في المسار المتوتر الحالي يتطلب إعادة تقويم من جانب الطرفين وإدراك فوائد التعاون ومساوئه في الوقت نفسه. ومن المثير للانتباه أن هذا التغيير يمكن أن يعطي تصورًا واقعيًا للعواصم الأوروبية للعودة إلى المسار السابق للعلاقات".
الجمهورية الاسلامية في إيرانالصحف