الخليج والعالم
"فورين بوليسي": احتمالات توتر العلاقات الأميركية "الإسرائيلية" كبيرة إذا ما فاز ترامب
كتب ديفيد روزنبرغ (David Rosenberg) مقالة نُشرت في مجلة السياسة الخارجية (Foreign Policy) نبّه فيها من أن "سجل المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب وشخصيته المتقلّبة وتعليقاته العلنية حول "إسرائيل" خلال الحملة لا يعطي الكثير مما يبرر الحماسة "الإسرائيلية" لفوز ترامب في الانتخابات".
وقال الكاتب، إن "الحرب التي خاضتها "إسرائيل" خلال العام المنصرم جعلتها أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة من أي وقت مضى منذ حرب عام 1973".
كما تحدث "روزنبرغ" عن "حاجة "إسرائيل" إلى الدعم الكامل من الرئيس الأميركي المقبل أيًا كان هذا الرئيس"، وأردف بأن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يبدو مستعدًا لتجاهل أحد المرشحين الاثنين للرئاسة الأميركية ودعم المرشح الآخر بالكامل (أي ترامب)"، منبّهًا من أن "الغرائز السياسية لدى الأخير تتناقض عمومًا ومصالح "إسرائيل"".
وأضاف أن "نتنياهو طالما شعر بارتياح أكبر مع الجمهوريين مقارنة بالديمقراطيين"، مشيرًا إلى أنه "بيّن بشكل واضح عام 2012 أنه يفضل المرشح الجمهوري "ميت رومني" (Mitt Romney) على باراك أوباما في ذلك الوقت".
وتابع الكاتب قائلًا إن "ترامب استاء عندما هنّأ نتنياهو الرئيس الأميركي جو بايدن بعد فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية عام 2020"، مؤكدًا أن "التواصل بين الرجلين انقطع بعد ذلك لمدة أربعة أعوام"، لافًتا إلى أن "ترامب حمّل نتنياهو مسؤولية "الإخفاقات" التي مكّنت حماس من تنفيذ عملية طوفان الأقصى، وذلك في مقابلة إعلامية في نيسان/ أبريل الماضي".
هذا، واعتبر الكاتب أن "نتنياهو "كسر الجليد" في تموز/ يوليو الماضي عندما زار ترامب في منتجع الأخير في فلوريدا، حيث تحدث الرجلان عدة مرات منذ ذلك الحين"، ولفت إلى أنه "مهما كان رأي الرجلين في بعضهما، فإن كليهما يجد أنه من المفيد سياسيًا أن يظهرا أصدقاء وحلفاء".
وحول الشعبية التي يحظى بها ترامب في "إسرائيل"، اعتبر الكاتب أنها "تعود بشكل أساس إلى ولايته الأولى، حيث نقل السفارة الأميركية إلى القدس (المحتلة)، واعترف بـ "السيادة" "الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان، وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران، وقام بتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية"، وفق تعبيره.
وأضاف الكاتب أن ""الإسرائيليين" كما يبدو ينظرون إلى الإيماءات الإيجابية على أساس أنها تثبت محبة ترامب لـ "إسرائيل""، لكنه رأى أن "سجل ترامب لا ينسجم بالكامل مع هذا التقييم".
وتابع الكاتب ديفيد روزنبرغ قائلًا إن "ترامب زار "إسرائيل" مرّة واحدة كرئيس، بينما سافر بايدن إلى "إسرائيل" مرتين، من بينهما زيارة قام بها خلال الأيام الأولى من الحرب في غزة، حيث قدم كل الدعم لنتنياهو".
ولفت الكاتب إلى أن ترامب في المراحل الأولى من حملته الانتخابية عام 2016 أخطأ في الكلام المؤيد لـ"إسرائيل" عندما قال لشبكة CNN إنه "يحبذ اتخاذ موقف حيادي حيال "الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي" وسرعان ما عاد واستدرك موقفه".
كذلك، رأى الكاتب أن ترامب في حملته الحالية تبنّى مواقف متباينة وغامضة حيال "إسرائيل" في الملفات "الأكثر إلحاحًا"، مثل حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان وإيران.
وبيّن أنه خلال الأشهر الأولى من الحرب بين "إسرائيل" وحماس تحدث ترامب عن "ضرورة إنهاء الحرب بسرعة"، لافتًا إلى ما قاله خلال المناظرة مع هاريس في أيلول/ سبتمبر الماضي عن أنه "سيتوصل إلى تسوية للحرب بسرعة".
وأشار إلى أن "ترامب تبنّى مؤخرًا موقفاً أكثر ميلًا نحو دعم الحرب، حيث قال لنتنياهو خلال مكالمة هاتفية أن يفعل ما عليه فعله".
ولفت الكاتب إلى أن ترامب "يبدو عازمًا" على تتويج ما يُسمّى اتفاقيات "أبراهام" بصفقة بين "إسرائيل" والسعودية، "عندها قد يجد نتنياهو نفسه تحت الضغط من إدارة جديدة بقيادة ترامب للاستجابة للمطالب السعودية المتعلقة بإحراز تقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية".
فيما خص إيران يقول الكاتب إن "ترامب تبنّى نبرة علنية أقوى، لكن ليس بالقدر الذي يريده نتنياهو"، مضيفًا أن "ترامب تحدث عن تكثيف حملة الضغوط القصوى على طهران، من خلال العقوبات الاقتصادية الشاقة وليس الحرب"، منبهًا إلى ما نقلته صحيفة "فاينانشال تايمز" Financial Times عن أحد مستشاري ترامب من أن الأخير "في العموم لديه حرص كبير على تجنب الحروب".
وأضاف الكاتب، أن "ذلك إنما يعكس نظرة ترامب العالمية التي لا تنسجم والمصالح "الإسرائيلية"، وأن ترامب لديه شكوك حيال الحلفاء، وخاصة الذين لا يدفعون مستحقاتهم الدفاعية".
كما شدد على أن "ترامب لا يحب التعددية"، مؤكدًا بأن ""إسرائيل" في كل هذه المجالات ستكون غير محصنة أمام إدارة جديدة بقيادة ترامب".
ورأى الكاتب أن ""إسرائيل" ربما كانت في السابق تصنف بالحليف الذي يقدّره ترامب، إذ إنها كانت تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية دون أن تفعل شيئًا في المقابل"، لافتًا إلى أن "الحرب مع حماس والحروب الأخرى مع حزب الله وإيران غيّرت الديناميكية"، وإلى أن "الولايات المتحدة أنفقت 22.7 مليار دولار على الأقل على مساعدات عسكرية مباشرة لـ"إسرائيل" وفقًا لدراسة أجرتها جامعة براون".
وشدد الكاتب على أن "القتال سينتهي في النهاية، إلا أن اعتماد "إسرائيل" على الولايات المتحدة على الأرجح سيبقى مرتفعًا خلال المستقبل المنظور".
وأشار إلى أن "المخططين "الإسرائيليين" يفترضون أنهم سيضطرون إلى زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل ملحوظ خلال الأعوام القادمة"، منبهًا من أن "إسرائيل" قد تواجه صعوبة في تغطية هذه النفقات، خاصة إذا ما استمر التباطؤ الاقتصادي.
ورأى الكاتب أن "المدافعين عن ترامب سيقولون إن "إسرائيل" حالة خاصة، وإنه خلافًا لحلفاء آخرين هناك كتلة انتخابية مؤيدة لـ"إسرائيل" في الولايات المتحدة تتألف من مسيحيين إنجيليين والعديد من اليهود". وبينما قال إن "الدعم لـ "إسرائيل" هو شرط أساسي في الحزب الجمهوري"، تساءل عما "إذا كان ذلك سيكون كافيًا؟".
كما نبّه إلى أن "ترامب لن يضطر إلى مواجهة الناخبين مجددًا إذا ما فاز في الانتخابات الأسبوع المقبل"، مؤكدًا أن "ترامب ونتنياهو في الوقت الراهن كليهما يحتاج الآخر سياسيًا، إلا أن ترامب ليس من النوع الذي يسامح ولا يتساهل مع التحدي".
ونبّه من أن "الصداقة قد تنهار بسهولة في حال اصطدم الجانبان حول إيران والسياسة الفلسطينية وشروط التطبيع مع السعودية".
وأوضح الكاتب أن "فريق ترامب للسياسة الخارجية على الأرجح سيتضمن عددًا كبيرًا من مؤيدي "أميركا أولًا" الذين قد يحبون "إسرائيل" لكنهم لا يريدون توريط الولايات المتحدة في "حروب أبدية" في الشرق الأوسط، حتى وإن كانت "إسرائيل" طرفًا فيها"، كذلك قال إن "مستشاري ترامب الذين يريدون تفعيل السياسة الخارجية الأميركية يركزون اهتمامهم على الصين، وبأنهم وكما إدارة بايدن يعتبرون أن إيران ملفًا ثانويًا ولا يريدون تخصيص الموارد لمواجهة هذا التهديد"، وفق تعبيره.
وختم الكاتب قائلًا: "إنه مهما يكن الفائز في الانتخابات، فإن الأعوام الأربعة المقبلة من العلاقات "الإسرائيلية" الأميركية ستكون على الأرجح أصعب من أعوام رئاسة بايدن"، لافتًا إلى أن "بايدن كان صديقًا حقيقياً لـ"إسرائيل" ومستعدًا للذهاب بعيدًا من أجل مساعدتها في وسط الأزمة، وذلك مقابل ثمن سياسي كبير"، على حد قوله.