الخليج والعالم
"إسرائيل" عاجزة عن القضاء على محور المقاومة
أكد مدير مبادرة العراق في معهد تشاتام هاوس البريطاني رناد منصور أنه من المستحيل أن تتمكّن "إسرائيل" من القضاء على المنظمات و"الأنظمة" التي تنتمي إلى محور المقاومة كما تأمل، على الرغم من تفوقها العسكري الواضح ناهيك عن الدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا.
وقال منصور في مقالة نشرت في مجلة فورين أفيرز: "إن المحور أثبت مرارًا قدرته على التكيف والصمود التي تشهد على الروابط العميقة لدى أعضاء المحور داخل بلدانهم ومجتمعاتهم. كما تابع بأن قدرة المحور التاريخية على الصمود تفيد بأن "إسرائيل" ستجد صعوبة في القضاء على مجموعات مثل حماس وحزب الله. كذلك أردف بأن محور المقاومة اليوم يختلف بشكل كبير عما كان عليه عندما أنشئ في حقبة الثمانينات.
وأشار الكاتب إلى اغتيال الأمين العام الأسبق لحزب الله السيد عباس الموسوي عام 1992، لافتًا إلى أن صحيفة "إسرائيلية" معروفة وقتها أعلنت أن عصر النزاع مع حزب الله في ملعبه انتهى. إلا أن الكاتب نبه إلى أن حزب الله استطاع أن يعيد بناء نفسه رغم هذه الحادثة، حيث استفاد من دعمه الداخلي من أجل تجييش الشيعة في لبنان (وفق تعبير الكاتب) وتأمين الدعم من إيران. كما قال إن شبكة الدعم القوية هذه مكنت حزب لله ليس من التعافي فحسب وإنما أيضًا من توسيع نفوذه. كذلك تابع بأن حزب الله أصبح أقوى في النهاية بحيث أجبر "إسرائيل" على الانسحاب من الأراضي اللبنانية عام 2000، وذلك تحت توجيهات مجلس الشورى والأمين العام السابق السيد حسن نصر الله. وأضاف بأن انسحاب عام 2000 وإلى جانب حرب 2006 عزز بشكل كبير سمعة حزب الله وأوجد وجهاً جديداً لمحور المقاومة.
هذا، وتحدث الكاتب عن تحدٍ آخر واجهه المحور في عام 2011 عندما واجهت القيادة السورية تهديداً وجودياً على شاكلة حرب أهلية (دائمًا وفق توصيف الكاتب). وقال إن المحور استطاع مجددًا أن يتكيف بحيث تمكّن من تخطي الأزمة، وأن الروابط المهمّة التي أنشأها المحور مع دول خارج المنطقة ساعدت بشكل جزئي الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرًا في هذا السياق إلى روسيا التي قال إنها جاءت "لإنقاذ الأسد" وتحولت إلى شريك دولي مؤثر للمحور. غير أن الكاتب لفت إلى أن القيادة السورية استفادت أيضًا من مساعدة أعضاء آخرين في المحور. وتحدث عن جسر بري حيوي قامت قوات فيلق القدس في حرس الثورة الإيرانية ببنائه تحت توجيهات قائد الفيلق السابق اللواء قاسم سليماني وبمشاركة "مجموعات مسلحة شيعية" (وفق توصيف الكاتب)، مضيفًا أنه جرى نقل الإمدادات والسلاح والعناصر من إيران والعراق إلى سورية عبر هذا الجسر. كما تحدث في نفس السياق عن إرسال مقاتلين من حزب الله إلى سورية.
كذلك قال الكاتب، إن محور المقاومة واجه العديد من الاعتداءات الاقتصادية على شاكلة العقوبات، مشيرًا إلى العقوبات التي فرضها ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة على إيران وحلفائها في المحور خلال الأعوام الأولى من القرن الحالي. ونبه إلى أن هذه العقوبات ازدادت بشكل دراماتيكي عام 2018 عندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي وأطلق حملة الضغوط القصوى على إيران. وتابع بأن من أهداف هذه الحملة كان تقليل صادرات إيران النفطية إلى الصفر، وبالتالي حرمان إيران من مصدر أرباح رئيسي. إلا أن هذه العقوبات وعلى الرغم من أنها ألحقت أضرارًا كبيرة بالاقتصاد الإيراني، غير أنها لم توقف مبيعات النفط. وقال، إن طهران وجدت طرقاً لبيع نفطها عبر الأسواق غير الرسمية، وأن إيران وبمساعدة حلفائها في محور المقاومة استفادت من هذه الأسواق من أجل بيع موارد الطاقة وتمويل العمليات العسكرية والوصول إلى عملة الدولار الأميركي. كما أضاف بأن الأرباح الناتجة عن المبيعات سمحت لإيران بأن تشتري قطعًا لإنتاج السلاح وشحنها إلى الحلفاء في المنطقة. كذلك أردف بأن المحور تمكّن أيضًا من إنشاء علاقات دولية، هي عبارة عن مشتري النفط الصينيين.
وتابع الكاتب بأن التحدّي الكبير الأخير الذي واجهه المحور قبل حرب "إسرائيل" على حركة حماس وحزب الله عقب أحداث السابع من أكتوبر كان اغتيال سليماني على يد الولايات المتحدة في أوائل عام 2020، حيث قال، إن هذه الحادثة بينت مجددًا قدرة المحور على التكيف للتعامل مع تهديدات حقيقية.
أما أحداث السابع من أكتوبر فشدد الكاتب على أن التهديدات التي يواجهها المحور في أعقاب هذه الأحداث هي أكبر بكثير مما واجهه في السابق. غير أنه أضاف بأن المحور وكما في السابق اضطرّ إلى أن يتكيف من أجل بقائه، وأنه استمر في الانتقال نحو هيكلية قيادية أفقية وعزز الروابط العابرة للأوطان. كذلك تابع بأن حرب "إسرائيل" ضدّ حماس وحزب الله أدت إلى رد فعل قوي من حلفاء آخرين في المحور مثل أنصار الله وكتائب حزب الله العراق، وذلك على مستوى أعلى بكثير مقارنة مع نزاعات سابقة.
هذا، وتحدث الكاتب عن توطيد العلاقات بين بعض أعضاء المحور بعد السابع من أكتوبر، مشيرًا إلى أنه كان لدى أنصار الله ممثل واحد فقط في بغداد لأعوام عدة، إلا أن الجماعة اليمنية قامت بتعميق تعاونها مع قوات الحشد الشعبي ردًا على الهجمات "الإسرائيلية" على حماس وحزب الله. وقال إن تكثيف التعاون هذا شهد زيادة في مشاركة السلاح والعمليات المشتركة واستعراضًا للقدرة على مهاجمة "إسرائيل".
كما أردف الكاتب بأن أعضاء المحور عززوا التعاون عبر الحدود بعد اغتيال السيد نصر الله.
ولفت الكاتب إلى أن أفعال "إسرائيل" خلال العام المنصرم تفيد بأنها تستخف إستراتيجيًا بقدرة المحور على الصمود وإلى أي حد يمكن للحل العسكري أن يأتي بتحولات اجتماعية في بلدان أخرى، مشددًا على أن العام المنصرم أثبت أن المحور إلى حد كبير لا يزال قادراً على التكيف لمواجهة التحديات العسكرية والاقتصادية.
كذلك أكد الكاتب أن القضاء على المحور بشكل كامل هو مهمّة مستحيلة تتطلب على أقل تقدير التدمير والاحتلال وإعادة إنشاء دول جديدة. وتابع بأن مثل هذه المساعي ستلقى رد فعل عكسي من حلفاء بارزين في المجتمع الدولي، مشيرًا في هذا السياق إلى أن "إسرائيل" اتّهمت بارتكاب جرائم الحرب من قبل محكمة الجنايات الدولية.
وتابع الكاتب بأنه وبدلًا من تمكين إستراتيجية "إسرائيل"، يتوجب على اللاعبين الدوليين إيجاد تسوية سياسية تبدأ بوقف الحروب الدموية في غزّة ولبنان. كما قال إن الخطوة التالية يجب أن تتمثل بإشراك الحكومات المرتبطة بالمحور في التفاوض للتوصل إلى تسوية تأخذ في الحسبان الطبيعة الحقيقية لديناميكيات القوّة في المنطقة. ونبه من أن النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط ستستمر من دون اعتماد هذه المقاربة الشاملة.
الكيان الصهيونيمعركة أولي البأس
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
13/11/2024