الخليج والعالم
هل بدأ الانقسام السياسي العلني في أميركا حول تسليح "إسرائيل"؟
توقف تشارلز بلاها وهو مسؤول أميركي سابق شغل منصب مدير مكتب الأمن وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأميركية بين عامي 2016 و2023، في مقالة نشرت على موقع "Responsible Statecraft" عند تصويت مجلس الشيوخ الأميركي على ثلاثة مشاريع قرارات بتاريخ عشرين تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تتعلق بتزويد "إسرائيل" بالسلاح.
ووصف الكاتب التصويت بالتاريخي إذ كانت المرة الأولى التي يجري فيها التصويت على مبيعات سلاح ضخمة لـ "إسرائيل". كما أضاف أنه وبينما لم تحصل هذه المشاريع على عدد الأصوات المطلوب للتمرير، فإن نيلها 19 صوتًا مؤيدًا يفيد بأن هناك تحولات في ما يخص تزويد "إسرائيل" بالسلاح.
هذا، وأوضح الكاتب أن المشاريع الثلاثة نصت على معارضة شحنات سلاح هجومية إلى "إسرائيل" بقيمة تزيد عن 1.6 مليار دولار. كما أردف بأن الأسلحة الهجومية التي تتطرق إليها مشاريع القرارات تسببت بأعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في غزة ولبنان، موضحًا أن شحنات السلاح المذكورة هي عبارة عن قذائف الدبابات بقيمة 774 مليون دولار، وقذائف الهاون بقيمة 583 مليون دولار، وعتاد الهجوم المباشر المشترك الذي هو عبارة عن معدات توجيه الصواريخ جو أرض التي تعمل على قوة الجاذبية، وذلك بقيمة 262 مليون دولار.
كذلك تابع الكاتب، أنَّ 18 سيناتوراً بقيادة بيرني ساندرز عارضوا تزويد "إسرائيل" بالشحنات الثلاث المذكورة، وذلك رغم معارضة قوية من لوبي آيباك المؤيد لـ"إسرائيل"، إلى جانب معارضة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الغالبية في مجلس الشيوخ وهو السيناتور الديمقراطي تشاك شومر. كما لفت إلى أن السيناتور الديمقراطي جون أوسوف عارض شحنتي قذائف الدبابات والهاون، لكن دون أن يعارض الشحنة الثالثة.
ونبه الكاتب إلى أن إدارة بايدن نفسها اعترفت بأن "إسرائيل" أساءت استخدام الأسلحة الأميركية في غزة، حيث ذكَّر بأنَّ بايدن وصف في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي القصف "الإسرائيلي" لغزة بالعشوائي. كذلك أشار إلى تقرير أعدته وزارة الخارجية الأميركية في أيار/مايو الماضي جاء فيه، أنه يصح التقدير بأن القوات "الإسرائيلية" أحيانًا ما استخدمت الأسلحة التي قامت أميركا بتزويدها بشكل يتعارض وتعهداتها استنادًا إلى القانون الدولي الإنساني.
وأضاف الكاتب أنَّ قذائف الدبابات التي زودتها أميركا تسببت بوقوع ضحايا مدنيين، وبأنها استخدمت في قتل الطفلة البالغة من العمر ست سنوات هند رجب وعائلتها والمسعفين الفلسطينيين، وذلك في كانون الثاني/يناير مطلع هذا العام.
كذلك قال الكاتب، إن "إسرائيل" استهدفت مرارًا مواقع تشغَلُها أعداد كبيرة من المدنيين، خاصة النساء والأطفال، وذلك على ما يبدو في محاولات لقتل أعداد صغيرة من العناصر من المستوى الثاني في حركة حماس (وفق تعبير الكاتب)، والذين ربما هم ليسوا موجودين في المكان أصلًا.
وتابع، أنَّه وحتى عندما لا يكون الأمر كذلك، فإن الضربات الجوية "الإسرائيلية" التي تستخدم أجهزة التوجيه تسببت مرارًا بوقوع ضحايا مدنيين، مشيرًا في هذا السياق إلى ضربة جوية استهدفت ثلاثة صحافيين في لبنان.
كما لفت الكاتب إلى أنَّ الأصوات المعارضة لتقييد تزويد "إسرائيل" بالسلاح تتجاهل الأثمان الجيوسياسية الناتجة عن الدعم الأميركي غير المشروط لـ"إسرائيل". ونبه إلى أن الولايات المتحدة وعلى غرار "إسرائيل" أصبحت في عزلة متزايدة على المسرح العالمي، وإلى تراجع مصداقيتها ونفوذها الدبلوماسي، خاصة في المعسكر الجنوبي العالمي، محذرًا من أنَّ ذلك يضعف بشكل كبير الولايات المتحدة في إطار تنافسها العالمي الإستراتيجي مع الصين وروسيا.
كذلك تابع أنَّ المؤسسات التجارية الأميركية تتعرض للمقاطعة في أنحاء مختلفة من العالم بسبب علاقاتها مع "إسرائيل". وذكر في نفس السياق تعرض المنشآت العسكرية الأميركية للهجوم، مشددًا على أنَّ كل ذلك لا يصب في خدمة أميركا.
واعتبر الكاتب أنَّ مجرد إجراء التصويت على مشاريع القرارات كان بحد ذاته حدثاً تاريخياً، وأنه مؤشر على حصول تغير. كما أكد على أن إجراء تصويت كهذا لم يكن من الممكن تخيله قبل نحو عام، وعلى أنه يعكس قلقاً عميقاً إزاء طريقة تنفيذ "إسرائيل" لعملياتها في غزة. كذلك أضاف بأن تصويت 18 سيناتوراً لصالح عدم تزويد "إسرائيل" بالسلاح في مواجهة معارضة كهذه، يعكس انقساماً غير عادي في إطار عقود من الدعم شبه الكامل لتزويد "إسرائيل" بالسلاح. ونبه إلى أن من بين الأصوات المؤيدة لمشاريع القرارات كان السيناتورة الديمقراطية جان شاهين التي ستصبح عضواً في لجنة العلاقات الخارجية لدى مجلس الشيوخ.
هذا، وتحدث الكاتب عن معطيات أخرى تفيد بحصول تغير، مشيرًا إلى ثلاثة استطلاعات رأي، نظمت قبل انتخابات عام 2024 كشفت أن الناخبين عمومًا وليس فقط الديمقراطيون، يؤيدون فرض شروط على "إسرائيل" أو حتى وقف الدعم المقدم لها، بما في ذلك تزويدها بالسلاح. كما قال إن عدم تأييد نائب الرئيس كامالا هاريس فرض حظر سلاح على "إسرائيل" كلفها أصوات العديد من الناخبين العرب والمسلمين والتقدميين. وأردف أنَّ الديمقراطيين الذين عارضوا تقييد تزويد "إسرائيل" بالسلاح قد يصبحون أكثر استعدادًا لدعم التقييد مستقبلًا كون الانتخابات أُجريت وصفقات التسلح المستقبلية ستأتي من إدارة جمهورية.
الولايات المتحدة الأميركيةالكيان الصهيوني
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
04/12/2024