نصر من الله

الخليج والعالم

فئات وازنة في الداخل الأميركي تنظر بحذر إلى أحداث سورية
17/12/2024

فئات وازنة في الداخل الأميركي تنظر بحذر إلى أحداث سورية

توقّف العنصر الاستخباراتي الأميركي السابق براندن بوك عند ما قاله الشخصية المعروفة من معسكر المحافظين الجدد بيل كريستول عن التطورات في سورية وعن أنه يجب توجيه التحية إلى الذين ساهموا في سقوط النظام، فقال في مقالة نشرها موقع Responsible Statecraft، إن كريستول لم يذكر أن من قاموا بذلك كانوا أعداء أمريكا خلال "الحرب العالمية على الإرهاب"، ولم يذكر أن السلطة الحاكمة الجديدة في "سورية ما بعد بشار الأسد" هي هيئة تحرير الشام المصنفة بالمنظمة الارهابية، والتي هي فرع من فروع تنظيم القاعدة.

الكاتب الذي عمل سابقًا في الجيش وكذلك في قوات الحرس الوطني في الولايات المتحدة، نبّه إلى أن الأصوات "المنشقة" في السياسة الخارجية ينتبهون إلى هذه المفارقة، وأغلب هذه الأصوات تُحذّر منذ سنوات من أن الولايات المتحدة تناصر نفس قضية أعدائها من "الحرب العالمية على الارهاب"، وذلك جراء المحاولات للاطاحة بنظام الاسد".

وتابع "ردود الفعل الداخلية الاميركية المتشعبة على "الاطاحة بنظام الاسد" وما تلاها من تطورات تشير من جديد إلى الفجوة ما بين النخبة وعامة الشعب حيال السياسة الخارجية والرؤى المتنافسة حول دور أميركا في العالم، وأكمل "طبقة السياسة الخارجية تقلّل في الغالب من "التعقيدات الاخلاقية" بشأن "الحرب الاهلية السورية"، وتقدم سردية حول التطورات الاخيرة تفتقد إلى المضمون التاريخي".

أما منتقدي السياسة الخارجية وخاصة المحاربين القدامي، فشدد الكاتب على أنهم ينظرون إلى التطورات في سوريو من منظار الشك إن لم يكن الهلع، ولفت الى أن موقف الحكومة الرسمي وكذلك ما يقوله معلقون مثل كريستول يقوم بشكل أساس على الرفع من شأن الاطاحة بالاسد، على أساس أن ذلك هو نصر ليبرالي، بينما يقلّلون من شأن طبيعة الأطراف في المعسكر المقابل والجيوسياسات المتناقضة التي أدت إلى ما حدث.

كذلك أشار الكاتب إلى أن صنّاع السياسة في واشنطن مثل الرئيس جو بايدن وأعضاء الكونغرس مثل السيناتور تيم كاين، أعربوا عن استعدادهم للعمل مع "الحكومة السورية الجهادية الجديدة" (وفق تعبير الكاتب)، لافتًا إلى ما قاله كاين عن أنه "منفتح" للموضوع، إلا أن المساعي "يجب ان تستند على أداء هذه الجماعة".

وبحسب الكاتب، منتقدو السياسة الخارجية في المنطقة وعلى غرار ما فعلوا طوال فترة "الحرب السورية"، حذروا من أن المزيد من التورط في سورية يضع الولايات المتحدة في تحالف مع خصومها من "الحرب العالمية على الإرهاب" ويشكل خطرً حقيقيًا بإدخال الولايات المتحدة في مستنقع جديد.

الكاتب بيّن أن الباحثين في مراكز الدراسات والسياسيين في واشنطن قد يرغبون في طيّ الصفحة وبالتالي تقديم السردية التي يفضلونها، مشيرًا الى أن الذين تحملوا نتائج السياسات المذكورة لهم "ذاكرة أطول"، وقال "اختلاف السردية واضح وجلي، مستشهداً بالبيان الصادر عن مؤسسة Concerned Veterans for America والتي تمثل بشكل أساس محاربي قدامى اميركيين، إذ لفت الى أن هذه المؤسسة تنظر إلى ما حدث في سورية على انه تكرار للحرب العالمية على الإرهاب بدلا من ان يكون حدث منفصل عن التاريخ المعاصر. كذلك نبه إلى ما ورد في بيان المؤسسة عن ان "الأميركيين يدركون جيداً كيف ان تغيير الانظمة قد يؤدي إلى حرب لا نهاية لها".

وتطرّق الكاتب إلى حديث المحلل السابق في "CIA" المدعو Fred Fleitz والذي كان مسؤولًا رفيعًا في مجلس الأمن القومي خلال ولاية دونالد ترامب الأولى، أشار فيه الى أنه هو الآخر ينظر إلى التطورات في سورية من منظار الماضي ومن منطلق الحذر.

ولفت إلى ما قاله Fleitz عن أن تدخل المسؤولين في إدارة بايدن في أحداث سورية هو عمل "غير مسؤول بتاتًا"، منبّهًا إلى عقيدة هيئة تحرير الشام والتشابك الجيوسياسي في المنطقة.

كذلك حذّر الكاتب إلى أن جذور هيئة تحرير الشام التي تعود إلى تنظيم القاعدة واعتماد الجماعة على "الجهاديين الأجانب" حظي باهتمام اكثر بكثير خارج المؤسسة التقليدية للسياسة الخارجية الاميركية.

ولفت في هذا السياق إلى ما كتبه العنصر السابق في قوات المارينز Dan Caldwell على منصة "اكس" عن أنه "يجد هتاف الباحثين في مراكز الدراسات الاميركية للسلفيين المرتبطين بالقاعدة أمرًا عجيبًا".

ووفق الكاتب، هذا التحول يفيد ب|أن مؤسسة السياسة الخارجية التقليدية لم تتعلم شيئًا من تجارب تغيير الأنظمة الفاشلة أو بانها انتقلت من نزاعات قديمة لتركز على هدف جيوسياسي جديد حيث أصبحت هزيمة "الجهاد العالمي" من الماضي، وبات التركيز الآن على "هزيمة طموحات إيران الاقليمية"، مضيفًا أن الرغبة في الانتقال إلى أولويات جديدة في تحالف مع أعداء قدامى يشير من جديد إلى انفصال هذه الجهة عن عامة الشعب.

وختم "الحكومة الأميركية لم تُجبَر على الدخول في شراكة مع "الجهادية" في سورية نتيجة الحقائق الجيوسياسية المادية، و"نظام الاسد" لم يكن يشكل أيّ تهديد للولايات المتحدة او مصالحها الأمنية.. يتوجّب على الحكومة الاميركية بأن لا تضع إرث السياسة الخارجية الماضية تحت البساط، خاصة عندما يتعلّق الأمر بتاريخ أميركا المعاصر في الشرق الأوسط، حيث لم ينسَ الأميركيون بعد ما أنتجته "الحرب العالمية على الارهاب، وبالتالي يرفضون المزيد من التورط".

سورياالولايات المتحدة الأميركية

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة