عين ترامب على احتواء الصين

كتبت الباحثة في مركز السياسة الدولية جوانا روزبيدوفسكي مقالة نشرت على موقع "Responsible Statecraft" تحدثت فيها عن عملية مراجعة بدأت من الآن لأولويات السياسة الخارجية الأميركية وأهداف الأمن القومي الأوسع نطاقًا، وعن وجود إدراك بين أقطاب سياسية مختلفة بأن هناك حاجة إلى تحول من سياسة خارجية اتسمت بالمغامرات غير المدروسة و"ركود أيديولوجي" نحو رؤية "جريئة" في السياسة الخارجية في كل الساحات التي يحتمل أن تشهد تنافسًا.

وأضافت الكاتبة أن كلاً من تايوان وغرينلاند وقناة بنما برزت ثلاثتها كمناطق منافسة حقيقية على صعيد النقاط الأمنية الساخنة المحتملة في العالم، متحدثة في هذا السياق عن تنافس دولي على الموارد والممرات التجارية والبحرية، والهيمنة السياسية العسكرية. كما أشارت إلى أنَّ المناطق المذكورة أصبحت محط اهتمام في تغريدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.

كذلك تابعت الكاتبة، أنَّ المناطق الثلاث وبينما تبتعد جغرافيًا، إلا أنَّ هناك قاسمًا مشتركًا بينها الذي يتمثل بالصين. وأردفت أنَّ الولايات المتحدة ومنذ عام 1979 حافظت على التزامها بتايوان استناداً إلى قانون العلاقات مع تايوان الذي يلزم الولايات المتحدة بأن تزود تايوان بما تحتاجه من أجل الدفاع عن نفسها (وفق قول الكاتبة).

كما لفتت إلى أنَّه على المستوى الرسمي، فإن سياسة واشنطن بتبني سياسة الغموض الإستراتيجي في ما يخص الدفاع عن تايوان في حال تعرضت الأخيرة لهجوم من الصين، وفي نفس الوقت التبني الرسمي لسياسة "الصين الواحدة"، إنما يخلق حالة من عدم اليقين المتعمدة والردع المزدوج.

وقالت الكاتبة، إن التركيز على تسليح تايوان بدلًا من اشراك الجيش الأميركي في الدفاع عن الجزيرة هو من بين التحديات العدة التي تنتظر إدارة ترامب بينما تسلم الشؤون الأوروبية إلى الأوروبيين وتوجه أنظارها شرقًا.

كما لفتت إلى أنَّ تايوان هي في قلب منطقة المحيطين الهندي والهادئ والتي تلعب دورًا متناميًا في التجارة والأمن الدوليين. كذلك أضافت أنَّ أهمية هذه المنطقة الإستراتيجية لا تكمن فقط في دورها باحتواء تمدد الصين، ولكن أيضًا في كونها نقطة محورية بين الموردين العالميين لأشباه الموصلات التي تستخدم من أجل إنتاج الرقائق الدقيقة (microchips) التي تزرع في الأنظمة العسكرية المتطورة لدى الولايات المتحدة وحلفائها.

غير أن الكاتبة شددت على ضرورة أن تحذر الولايات المتحدة من تضخيم التهديد الصيني أو فرض نموذج غربي على العلاقات الصينية التايوانية، وعلى ضرورة اعتماد ضبط النفس.

أما في موضوع غرينلاند فقالت الكاتبة، إن هذه المنطقة قد تضمن للولايات المتحدة مخزونًا هائلًا من موارد الأرض والهيدروكربونات للتطبيق التكنولوجي والعسكري. كذلك أشارت إلى أنَّ موقع غرينلاند الجيوغرافي الإستراتيجي ينال اهتمام القوى الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية، وإلى أنَّها تتضمن نقاط مراقبة لا نظير لها للعمليات العسكرية والمراقبة، ما يجعلها حجر زاوية في الإستراتيجية الأميركية لمنطقة القطب الشمالي.

وتابعت الكاتبة أنَّ التغير المناخي أعاد إحياء الاهتمام في هذه المنطقة بعد ما كانت تراجعت من حيث الأهمية العسكرية عقب الحرب الباردة. كما لفتت إلى أنَّ إدارة ترامب أعلنت عن رغبتها في شراء الجزيرة عام 2019 (خلال ولاية ترامب الأولى)، ليتكرر الموضوع في عام 2024، وأردفت أنَّ هذا الاهتمام نابع من قيمة غرينلاند الإستراتيجية وأهميتها الجيوسياسية التي تنامت بسبب موضوع الموارد الطبيعية وممرات المياه في القطب الشمالي.

غير أنَّ الكاتبة نبهت إلى أنَّ السجلات التاريخية تفيد بأن فكرة ترامب ليست جديدة أو غير مألوفة لهذا الحد، وإلى أنَّ الولايات المتحدة حاولت مرارًا منذ عام 1867 شراء غرينلاند من الدنمارك. كما أشارت إلى أنَّ معاهدة تعود إلى عام 1951 تمنح الولايات المتحدة سلطة وازنة في الدفاع عن الجزيرة (وفق قول الكاتبة).

هذا، وتابعت الكاتبة القول، إنَّ واشنطن أعربت عن مخاوفها إزاء تركيز الصين المتزايد على منطقة القطب الشمالي و"عسكرة" روسيا وتعزيز هيمنتها على هذه المنطقة، بحسب قول الكاتبة، مضيفة أنَّ واشنطن واجهت التحديات في وضع السياسات الهادفة إلى إعادة إنشاء النفوذ الأميركي في المنطقة.

كذلك أردفت الكاتبة أنَّ الإستراتيجية الأميركية القوية لمنطقة القطب الشمالي تنسجم والعناوين العامة لترامب مثل القومية الاقتصادية وأمن الموارد.

وفي ما يتعلق بقناة بنما قالت الكاتبة، إنها طالما كانت شريانًا حيويًا للتجارة الدولية وإستراتيجية الملاحة الأميركية، متحدثة عن تنامي تدريجي لنفوذ الصين في قناة بنما منذ عام 2017، وكذلك تنامي الاستثمارات الصينية الضخمة في مشاريع البنية التحتية في نصف الكرة الغربي.

كما ذكرت في هذا السياق شراء الصين لجزيرة مارغريتا من أجل ميناء "Panama-Colon"، وعقد بقيمة 1.4 مليار دولار لجسر قناة بنما الرابع واستثمارات في منشآت الطاقة، مثل مصانع الغاز الطبيعي. وقالت إن الصين عززت موطئ قدمها في بنما، وجعلت من نفسها شريكاً اقتصادياً إستراتيجياً في المنطقة.

وختمت الكاتبة بالقول، إنَّ تايوان وغرينلاند وبنما تتشارك مواصفات جوهرية تجعلها عناصر أساسية في سياسة خارجية أميركية قوية ومرنة، مشيرةً إلى أهمية هذه المناطق للتجارة والحركة العسكرية، ما يستدعي أن تكون ضمن أي تخطيط مستقبلي يجريه "البنتاغون" أو وزارة الخارجية الأميركية.

الولايات المتحدة الأميركيةالصيندونالد ترامبتايوان

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم