الخليج والعالم
الصحفي الأميركي برانكو مارسيتيك: مصلحة ترامب هي في عدم الانصياع لنتنياهو
لفت الكاتب برانكو مارسيتيك (Branco Marcetic) في مقالة نُشرت على موقع The American Conservative إلى أن من "أبرز أسباب فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانتخابات هو تعهده بإجراء تحوّل كبير في السياسة التي اتبعتها إدارة سلفه جو بايدن حيال المنطقة في أعقاب عملية طوفان الأقصى". وأضاف أن "ترامب بات أمام خيار قد يحدد مصير رئاسته: إما الالتزام بتعهده والتصرف بشكل حازم مع "إسرائيل"، أو تكرار إخفاقات بايدن".
وتابع الكاتب: إن "ترامب جنى من الآن مكاسب من الخيار الأول، وذلك عندما ضغط على رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو للموافقة على وقف لإطلاق النار، وذلك قبل تنصيبه"، واستدرك قائلًا: "لكن خطوات ترامب منذ تسلمه الحكم تفيد بأنه يتحرك باتجاه رفض هذا النهج والسقوط في المقابل في نفس الفخ الذي سقط فيه بايدن، ومواجهة تداعيات كارثية محتملة إثر ذلك".
وأضاف: "نتنياهو أعلن صراحة أنه لا ينوي الانتقال إلى المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بل استئناف الحرب بعد انتهاء مدة اثنين وأربعين يومًا (وهي مدة المرحلة الأولى من الاتفاق)". كذلك أشار الكاتب إلى أن ترامب أدلى بتصريحات علنية تفيد بأنه قد يدعم نتنياهو في هذا الإطار.
هذا، ونبّه الكاتب من أن "اعتماد هكذا مسار سيكون "خيانة" بحق شريحة أساسية من الناخبين الذين صوّتوا لصالح ترامب، ويقضي على أمله بأن يكون "صانع السلام""، وفق تعبيره. كما حذر من موجة تظاهرات واسعة جديدة على غرار ما حصل خلال حقبة بايدن، مشيرًا إلى أن الغالبية المشاركة في هذه التظاهرات لم يكونوا أجانب وإنما آلاف المواطنين الأميركيين.
كذلك نبّه الكاتب من تشويه "صورة القيادة الأميركية القوية، بحيث سيسأل العديد من الأميركيين عمّا إذا كان نتنياهو هو الذي يدير السياسة الخارجية الأميركية وليس الرئيس الأميركي"، وفق تعبيره.
وحذر الكاتب أيضًا من خطر عودة سيناريو جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى "غبية وكارثية" في الشرق الأوسط، وأضاف: إن "وقف إطلاق النار الذي حققه ترامب (وفق تعبير الكاتب) أوقف هجمات أنصار الله على السفن الأميركية في البحر الأحمر، والتي فتحت الباب فعليًا لحرب أميركية غير معلنة على اليمن، إضافة إلى كون هذه الهجمات عرضت حياة أميركيين للخطر".
كذلك حذر من أن هذه التطورات ستعود مجددًا في حال بدأ نتنياهو بقتل الفلسطينيين من جديد. وذكر في نفس السياق مساعي نتنياهو لجر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، لافتًا إلى أن ترامب أعلن أنه "لا يريد مثل هذه الحرب".
ولفت الكاتب إلى أن "الخطة التي أعلن عنها ترامب لسيطرة الولايات المتحدة على غزة تحمل نفس مستوى الخطورة". وقال: إن "رفض دول مثل مصر والأردن ودول الخليج استيعاب أعداد كبيرة من الفلسطينيين ليس مجرد مسألة عدم استعدادهم للقيام بذلك"، محذرًا من تأجيج مشاعر الغضب لدى الشارع في هذه الدول والذي تظاهر بأعداد كبيرة ضد الحرب وطالب الحكومات بتمزيق "اتفاقيات أبراهام" واتفاقيات "السلام" الأخرى مع "إسرائيل".
واستبعد الكاتب أن يتحقق "حلم ترامب" بصفقة كبرى بين "إسرائيل" من جهة والسعودية ودول أخرى من جهة في مثل هذه الظروف، مضيفًا أن "السلام الطويل الأمد الذي يقول ترامب إنه سيأتي من خلال طرد سكان غزة من أرضهم هو وهم".
كذلك توقع أن تبقى حماس أو أي تنظيم آخر في أي مكان سيذهب إليه الفلسطينيون، وذلك بسبب الغضب العارم نتيجة حرب "إسرائيل"، حيث حذر من أن السيطرة على أرضهم ستزيد من هذا الغضب، ولفت إلى أنه "من غير الواقعي أن يجلس الفلسطينيون ويتفرجوا، بينما تحتل الولايات المتحدة و"إسرائيل" موطنهم".
ورجح الكاتب أن "خطة ترامب باختصار ستضمن حربًا مستمرة ربما تتسع، بدلًا من "السلام" والاستقرار الدائمين"، وأوضح أن "السيطرة على غزة ستزيد من احتمالات انجرار الولايات المتحدة إلى حرب أخرى مروعة في المنطقة.
وفيما لفت إلى أن "بايدن تسبب بالإذلال لنفسه وللولايات المتحدة، فقط من أجل عدم الوقوف بوجه "الإسرائيليين""، قال "ترامب بدأ رئاسته باعتماد نهج معاكس (من خلال الضغط لوقف الحرب في غزة)، ومن مصلحة الولايات المتحدة وكذلك مصلحة ترامب نفسه مواصلة السير على هذا المسار"، وأضاف متسائلًا: "هل ترامب يتمتع بالذكاء الكافي لإدراك ذلك؟".