خطاب الإمام الخامنئي حول المفاوضات مع أميركا تصدّر الصحف الإيرانية

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 09 آذار/مارس 2025، بخطاب آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي يوم أمس والذي حسم فيه الرد على ترامب في ما يخص المفاوضات، وقد أكدت الصحف الإيرانية وحدة الشعب الإيراني خلف قيادتها في وجه وقاحة ترامب، كما اهتمت أيضًا بالأحداث المستجدة في القارة الأوروبية التي صارت بمعزل عن المساعدات الأميركية الأمنية.

ظاهر وباطن لعبة ترامب

بداية كتبت صحيفة همشهري: "تصدرت تصريحات ترامب المتكرّرة بشأن التفاوض مع إيران عناوين الصحف. وهذه المرة حاول في المؤتمر الصحفي أن يتحدث بطريقة متسلطة وأنه من المفترض أن تحل قضية المفاوضات مع إيران! ولهذا السبب ادعى ترامب لقد وصلنا إلى اللحظات الأخيرة مع إيران، وأضاف هذا التصريح الجريء إلى ادعائه بأنه لا يمكن أن يسمح لطهران بالحصول على سلاح نووي".

[...] في قصّة إذلال زيلينسكي والضغط عليه للاستيلاء على المناجم الأوكرانية، وفي إذلال جاستن ترودو لانضمام كندا إلى الولايات المتحدة باعتبارها الولاية رقم 51، وفي قصّة تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا!، وفي الاستيلاء على جرينلاند من الدنمارك!، وفي ما يسميه استعادة قناة بنما، وأمثلة من هذا القبيل، كان ترامب يمضي دائمًا بالتهديدات والقوّة والعمليات النفسية. لكن خطأ ترامب هو أنه يعتقد أن هذه الطريقة ستنجح بالضرورة في أي وقت وفي أي بلد.

خلال فترة ولايته الأولى كرئيس، زعم ترامب، الذي كان يبدو أكثر جنونًا بعض الشيء، أن مشروع الضغط الأقصى على إيران، والذي يهدف إلى شل صادرات بلادنا النفطية، سيكون من النوع الذي لن يجعل الإيرانيين يحتفلون بالذكرى الأربعين لاستقلالهم، لكنّه فشل في هذا الصدد. وكما أراد ترامب تنفيذ خطة صفقة القرن لفلسطين خلال ولايته الأولى كرئيس، وفشل مرة أخرى.

ومن الجدير بالذكر أن ترامب يلجأ إلى رافعة التهديد العسكري من أجل الفوز بالصفقة التي يريدها، مدّعيا أن الوجه الآخر لعدم التفاوض هو الحرب من أجل استخدام هذا الضغط العسكري المزعوم كضمانة لعملياته النفسية. 

[...] في الفترة الأولى من رئاسة ترامب، عندما هدّد إيران باستخدام القوّة العسكرية من قبل النظام الإسرائيلي، قال بريجنسكي، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، في مقابلة مع صحيفة هآرتس: "لا أعتقد أن الولايات المتحدة لديها حقًّا خطة لخيار عسكري حقيقي في ما يتعلق بإيران". والآن وبينما يناور ترامب للتفاوض مع إيران، فإنه يحاول على الفور التلميح إلى أنه إذا لم يتم عقد المفاوضات فإن الخيار التالي هو هجوم "إسرائيلي" على إيران! والحقيقة أنه لا يزال يسعى إلى الحصول على تنازلات من إيران، ويتحدث عن المفاوضات من أجل رمي الكرة في ملعب إيران، ومن خلال التهديدات والعمليات النفسية، يحاول إعداد الظروف للاتفاق الذي يسعى إليه. 

[...] ولذلك، يتعين علينا أن نتعامل مع ترامب بالصبر والذكاء، وأن نفصل الأوهام النفسية عن الواقع. إن حسابات ترامب وإدارته هي تجنب الحرب مع إيران، وغني عن القول إن "إسرائيل" أيضًا لا تملك القدرة على مهاجمة إيران دون إذن أميركي. الأمر الوحيد الذي يجعل خيار الحرب أكثر ترجيحا هو إذا غير ترامب وأميركا حساباتهما، وهذا يحدث عندما يتم إرسال إشارة ضعف من الداخل ومن قبل تيارات سياسية معينة إلى الخارج".

الخطر الرئيسي للإصرار على المفاوضات

من جهتها، كتبت صحيفة قدس: "لقد خلفت التجربة الفاشلة للمفاوضات والصفقات السابقة مع الولايات المتحدة مزيجًا من المشاعر الجماعية بين الشعب الإيراني لا يمكن نسيانها بسهولة. لكن السؤال الرئيسي هو، هل كانت هذه التجربة المكلفة مفيدة بالفعل؟ للجواب عن هذا السؤال يجب أن نبحث عنه في النظرة الحالية والأجواء الخطابية للشعب والمسؤولين الإيرانيين تجاه موضوع المفاوضات".

وتابعت "المفاوضات سامة ما دامت أميركا باقية على ما هي عليه الآن، هاتان الجملتان اللتان قالهما قائد الثورة هما حل عملي وبسيط لتشابك المفاوضات المربك ومعادلة بسيطة؛ هل تغيرت أميركا؟ لا ينبغي علينا أن نعود إلى الوراء كثيرًا. [...] هل الاتّجاه يتحسن؟ هل وصل إلى السلطة العقلانيون والمعتدلون والذين يؤمنون بالقانون الدولي والتعايش والتنافس، أم وصل إلى السلطة المتطرّفون المحرضون على الحروب وهم نفس الأشخاص الذين سخروا بتوقيع واحد من كلّ مبادئ وأسس القانون الدولي التي ذكرها ذلك المسؤول الإيراني المتفائل؟".

وفي مكان آخر يتحدث قائد الثورة الإسلامية عن وظيفة التفاوض والعلاقات مع أميركا على النحو التالي: إذا فتحنا الطريق اليوم للمفاوضات مع الأميركيين وإغراءاتهم في مختلف القطاعات فإننا لن نفتح الطريق أمام نفوذهم العلني والخفي فحسب بل إن التقدم المنشود للبلاد لن يتحقق أبدًا وسيكون التخلف أمرًا مؤكدًا. 

[...] إن الخطر الرئيسي الذي يترتب على الإصرار على التفاوض والتركيز عليه في الفضاء السياسي للبلاد يتمثل في تهميش عملية التقدم والتنمية الذاتية في إيران وخسارة رأس المال الرئيسي في هذا المسار، ألا وهو الوقت، الذي يشكّل الأساس الذي يحدد مكانة الأمة في التاريخ. إن تكرار تجربة فاشلة في التعامل مع أميركا ووضع تقويم تقدم الأمة على حالة انتظار، وعلى حالة من الثقة في أعداء الحضارة الإيرانية اللدودين سيكون إرثًا سيئًا ومخزيًا".

أوروبا تكافح من أجل أمنها في ظل غياب أميركا

إلى ذلك، كتبت صحيفة جام جم: "بعد عدة أسابيع طويلة من استعراض القوّة الثاني من قِبَل إدارة ترامب وإدراكها لنهاية عصر التحالف عبر الأطلسي غير المشروط، تحركت القوى الأوروبية نحو إجماع بشأن الاستقلال الأمني عن واشنطن. 

وفي الوقت نفسه، تحرك زعماء الاتحاد الأوروبي نحو إعادة هيكلة الجيش الأوروبي في إطار صندوق دفاع بقيمة 800 مليار دولار. أوروبا مضطرة إلى استعادة أمنها القاري بسبب ضغوط ترامب. وعلى النقيض من سابقاتها، فإن الإدارة في البيت الأبيض غير راغبة في الاحتفاظ بقوات أميركية دون انفاق المزيد على الاتحاد الأوروبي. 

قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خطة مشتركة لإرسال 30 ألف جندي أوروبي إلى أوكرانيا، والتي على الرغم من المظهر المستقل للإيماءات الأوروبية، بحسب رئيس الوزراء البريطاني، "يجب أن تحظى بدعم أميركي". وفي الواقع، لا يزال الأوروبيون، على المدى القصير والمتوسط، يعتمدون على التعاون الأمني مع واشنطن. 

وقال ماكرون للتلفزيون البرتغالي يوم الجمعة إنه إذا كانت أوروبا تسعى إلى مزيد من الحكم الذاتي في المسائل الدفاعية، فيجب على قادتها بدء نقاش إستراتيجي ومفتوح بشأن الردع النووي. ودعا ماكرون أوروبا إلى بدء نقاش حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الأسلحة النووية الفرنسية في الدفاع عن القارة. وتأتي تصريحات الرئيس الفرنسي بعد أن دعا فريدريش "ميرتس"، الفائز في الانتخابات الألمانية، إلى شراكة نووية مع فرنسا وبريطانيا وأوروبا لممارسة استقلالها النووي في مواجهة التهديدات التي يشكلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن".
 

الولايات المتحدة الأميركيةالجمهورية الاسلامية في إيرانالإمام الخامنئيأوروبادونالد ترامب

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم