نقاط على الحروف
التطبيع الخليجي الصهيوني.. الدين والاقتصاد بوابتاه
د.علي مطر
يأخذ التطبيع الخليجي مع الكيان الصهيوني منحًى تصاعديًا. يسارع الخليجيون إلى تلقف كل فرصة يمكن أن تقربهم من "إسرائيل". يستغلون كل مناسبة للتعبير عن انفتاحهم وولائهم للكيان الذي اغتصب الحقوق العربية. في الأشهر الأخيرة تتسارع وتيرة هذا التطبيع، بانفتاح علني مباشر، تقوم أسسه على العلاقات الاقتصادية والتسامح الديني قبل التوصل إلى اتفاق سياسي شامل. لقد باتت دول الخليج تتسابق إلى التطبيع العلني مع "إسرائيل"، وتتدافع لفرش السجاد الأحمر أمام الوفود الإسرائيلية. ويتورط النظامان الإماراتي والسعودي بهذا العار لدرجة تهنئة دولة الاحتلال بعيدها "العبري".
وفي خطوة تظهر مدى السعي نحو التطبيع، سارعت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود إلى تهنئة يهود أمريكا برأس السنة العبرية. وعلى خطى السعوديين، ولكي لا يكونوا السباقين في المبادرة، قدم وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان، التهنئة لليهود بمناسبة عيد رأس السنة العبرية، في خطوة أثارت تساؤلات بشأن الدافع وراءها.
التساؤلات التي تطرح أمام الخطوات المتكررة للتطبيع، تأتي في ظل سعي سعودي إماراتي لإقامة علاقات أمنية وسياسية واقتصادية شاملة الكيان مع الصهيوني، وخاصةً أن هناك دولًا مثل الإمارات تستقبل مسؤوليين صهاينة بشكل دوري بل افتتحت أول كنيس يهودي على مستوى الخليج في دبي بشكل سري منذ سنوات، ثم أعلنت مؤخرًا عن إقامة كنيس آخر في أبوظبي.
وهنا نذكر أن عبد الله بن زايد اجتمع قبل أيام مع وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكان قد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك أيضا قبل عامين. وقد أظهرت دولة الإمارات تقدماً غير مسبوق في دعم الديانة اليهودية ضمن خططها للتطبيع مع "إسرائيل"، من خلال إعلان موعد إنشاء أول معبد يهودي رسمي في البلاد، سيكتمل بعد ثلاث سنوات ويفتتح عام 2022.
الانفتاح غير المسبوق على اليهود عكس ما شهدته الإمارات من تقارب غير مسبوق مع "إسرائيل" في الفترة الأخيرة، حيث باتت تسير في طريق التطبيع العلني مع الاحتلال، وفق ما كشفته عدة تقارير عن زيارات سرية ولقاءات تمت بين مسؤولين إسرائيليين وإماراتيين. وآخر ما كُشف عن العلاقات بينهما كان في الثامن من كانون الثاني الماضي؛ إذ بينت القناة العاشرة الإسرائيلية أن زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب العمل، آفي غباي، زار العاصمة الإماراتية أبوظبي سراً، في الثاني من ديسمبر الماضي. كما سبق أن استُقبلت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف، على رأس وفد رياضي قادم من "تل أبيب"، للمشاركة في بطولة أبوظبي للجودو في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وفي خطوة أثارت استفزاز العالم الإسلامي دخلت إلى مسجد الشيخ زايد، أكبر مساجد الدولة.
أما سعودياً، فيمكن الإشارة إلى بعض المحطات للتطبيع ايضاً، فقد استضاف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تشرين الثاني 2018 وفداً من المسيحيين الإنجيليين في الرياض، وترأس المجموعة الكاتب والناشط الإسرائيلي جويل روزنبرغ، ومؤسس جمعية أصدقاء متحف صهيون في القدس مايك إيفانز بالإضافة إلى مشاركين آخرين، وفق ما نقلته جيروزليم بوست التي وصفت اللقاء بـ "الخطوة التاريخية"، هذا فضلاً عن تصريحات مسؤوليين وصحافيين سعوديين لصحف "اسرائيلية".
الخطوات التي يقوم بها النظامان السعودي والإماراتي، تظهر مدى استعدادهما للتطبيع العلني مع "إسرائيل" والاعتراف رسميا بها كدولة ذات سيادة وأرض وشعب، كما نصت عليه صفقة القرن، وبالتالي التنازل عن الحقوق الفلسطينية في تحرير الأرض وعودة اللاجئين المثبتة في القرارات الدولية، مع ما يتبع ذلك من المشاركة الواضحة في تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة كيان العدو وفق الترتيبات السياسية الأميركية للشرق الأوسط.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/10/2024
المراسل الحربي لا ينقل "مجرد وجهة نظر"..!
26/10/2024