نقاط على الحروف
أرقام ووقائع من مسيرة الاربعين..
بغداد ـ عادل الجبوري
في هذا العام، كما هو الحال في الاعوام السابقة، تصدرت مسيرة اربعينية الامام الحسين بن علي عليهما السلام، قائمة اكبر التجمعات البشرية السنوية في العالم، وفق لائحة اعدتها الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)، ومؤسسات اخرى معنية بأصدار احصائيات دورية سنوية عن اكبر التجمعات البشرية في العالم، وطبيعة تلك التجمعات.
وتشير (ويكيبيديا) في لائحتها الى "ان مسيرة الاربعين تحدث كل عام، وان الاحصائيات التي رصدتها لزيارة الاربعين في الاعوام (2013, 2015، 2016، 2017} تزيد عن تسعين مليون شخص.
وتعكس الارقام المشار اليها الصورة الواقعية الحقيقية للحشود البشرية الهائلة التي تتقاطر في كل عام نحو كربلاء من داخل العراق وخارجه على امتداد ثلاثة اسابيع، لاحياء ذكرى اربعينية استشهاد الامام الحسين واهل بيته وصحبه الكرام في واقعة الطف (61 هـ.ق).
فالجهات الرسمية العراقية المعنية ـ العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية ـ اعلنت ان اعداد زوار الاربعينية بلغت هذا العام اكثر من خمسة عشر مليون شخص، اربعة ملايين منهم جاءوا من اكثر من عشرين دولة عربية واجنبية، وكانت حصة الاسد للجمهورية الاسلامية الايرانية، التي قدم منها اكثر من ثلاثة ملايين زائر عبر خمسة منافذ برية، ومنفذين جويين هما مطاري بغداد والنجف الدوليين.
وطبيعي ان ذلك الرقم الهائل لاعداد الزائرين، ترتبط به ارقام اخرى تنطوي على دلالات ومعان كبيرة وكثيرة.
فالمواكب والهيئات الحسينية التي قدمت الخدمات للزائرين في داخل مدينة كربلاء المقدسة لوحدها بلغت اكثر من عشرة الاف موكب وهيئة مسجلة رسميا لدى قسم الشعائر والمواكب الحسينية في العتبتين الحسينية والعباسية، وبعض هذه المواكب والهيئات من دول عربية واجنبية، مثل لبنان والكويت وايران واذربيجان والسعودية والهند وبريطانيا والسويد والمانيا وتركيا وتايلند وفرنسا وهولندا.
هذا في الوقت الذي تؤكد فيه الجهات الرسمية، استحالة احصاء العدد الكلي لمواكب الخدمة الحسينية في عموم العراق، لان كل الطرق التي تمتد لمئات الكيلومترات، تزدحم وتتزاحم فيها المواكب على خدمة الزائرين، ولايستبعد البعض ان يتعدى العدد الكلي المائة الف موكب.
والى جانب مواكب تقديم الطعام والشراب واماكن النوم والاستراحة للزائرين، هناك المواكب التي تهتم بالجوانب الثقافية والعبادية، لاسيما المتعلقة بتوضيح ابعاد وحقائق الثورة الحسينية، وهناك المواكب التي توفر العقاقير الطبية واجهزة العلاج الطبيعي، فضلا عن المواكب التي تعنى بشؤون النظافة، الى جانب معارض الكتب والتراث والجهاد، التي وجدت لها حيزا مناسبا ضمن اجواء الزيارة.
ولعل ذلك التنوع، اخرج مسيرة الاربعينية من الطابع التقليدي المعروف لها، الى فضاءات واسعة، تستوعب الاهتمامات والمستويات المتعددة والمختلفة لجموع الزائرين، لتكون اشبه بمهرجان كبير متحرك على مساحات مفتوحة وافاق رحبة.
ولم تقتصر المواكب والهيئات الحسينية للدول العربية والاجنبية على تقديم الطعام، وانما شملت تقديم الخدمات الطبية المجانية للزائرين من خلال عشرات الاطباء والكوادر الطبية، وقد اقامت العتبة الحسينية المقدسة بالتعاون مع دائرة صحة كربلاء مخيم الامامية الطبي الدولي، الذي ضم اكثر من مائة وثلاثين طبيبا من عدة دول بمختلف الاختصاصات.
الى جانب ذلك، الاف الاشخاص، من العراقيين وغير العراقيين، ساهموا في حملات تنظيف الشوارع والازقة في داخل مدينة كربلاء المقدسة، وكذلك الطرق الرابطة بين كربلاء والمدن الاخرى، التي سلكها الزائرون سيرا على الاقدام.
وعلى صعيد النقل، الاف المركبات الكبيرة والمتوسطة التابعة لمؤسسات حكومية مختلفة، فضلا عن المركبات الخاصة، والقطارات، تكفلت بأعادة الزائرين الى مدنهم بعد اتمام مراسيم الزيارة.
وقد قابل النجاح الواضح في الخطط المتعلقة بالقضايا الخدمية واللوجيستية، نجاحا مماثلا في الخطط والاجراءات الامنية، بحيث لم تقع اية حوادث او عمليات ارهابية، اذ ساهمت تشكيلات الشرطة المحلية في كربلاء والمحافظات الاخرى، وقوات الشرطة الاتحادية والجيش والحشد الشعبي، وكذلك طيران الجيش، والاجهزة الامنية المختلفة، في تأمين مسير الزائرين، ووضع السياقات الامنية الكفيلة بالتنسيق مع مسؤولي المواكب والهيئات لمنع اختراق الارهابيين للمواكب، وقدرت مصادر حكومية اعداد التشكيلات المشاركة في تنفيذ الخطة الامنية لزيارة الاربعين، بأكثر من مائة وعشرين الف عنصر من مختلف الصنوف.
وتكتمل صورة الارقام الكبيرة لمسيرة الاربعين، بالكثير من الوقائع اللافتة، من قبيل مشاركة ذوي الاحتياجات فيها، ومشاركة اعداد لايستهان بها من ابناء الطوائف والمذاهب والديانات الاخرى، فضلا عن صور ومشاهد حافلة بكل مظاهر الايثار والتضحية ونكران الذات، التي لاتمثل في النهاية الا نزرا ضئيلا للغاية مما وثّقه التأريخ في يوم عاشوراء قبل اربعة عشر قرنا من الزمان.
هذه الصورة الفريدة لمسيرة الاربعين، وصلت الى كل انحاء العالم عبر اكثر من ثلاثمائة وخمسين الف وسيلة اعلامية محلية واجنبية، لتكون كربلاء حاضرة في صدارة اخبار القنوات الفضائية ووكالات الانباء ومنصات التواصل الاجتماعي، بالتالي تتجلى حقيقة عالمية الاربعين قولا وفعلا، ومعها تتجلى مقولة (كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء).
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024