معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

فؤاد السنيورة الى جانب
29/10/2019

فؤاد السنيورة الى جانب "الفقراء"؟

ميساء مقدم

دعا المتظاهرين احتجاجًا على تردي الوضع المعيشي في لبنان الى الاستعداد لتحرك "طويل الأمد"، وحثّهم على البقاء في الطرقات مطالبًا باستقالة الحكومة لأنها "فقدت ثقة الشعب". هو ليس الوزير السابق المستقيل شربل نحاس ولا النائب القريب من الشعب أسامة سعد ولا... بل الأعجوبة فؤاد السنيورة.

نعم، في زمن "الثورات" يختلط "الحابل" بـ"النابل" حتى يصبح المسؤول الذي أمسك بمفاصل السياسة المالية للبلاد منذ عام 1993 محرّضًا وداعمًا للشعب في ثورته على الفقر والحرمان. لذلك، لا بد من اطلالة تذكيرية على التاريخ الاقتصادي لرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة.

ما يقارب الـ 10 أعوام من حياته أمضاها السنيورة وزيرًا للمال، كان قبلها لأعوام رئيسًا للجنة الرقابة على المصارف. منذ العام 2005، تولى السنيورة لأربعة أعوام رئاسة الحكومة، فماذا جنت يداه على الاقتصاد اللبناني ومالية الدولة؟

*الحسابات المالية

تولى السنيورة وزارة المالية اللبنانية منذ العام 1993، ومنذ ذلك الحين حتى العام 2013، ضاعت حسابات الدولة المالية وأثيرت حولها شكوك كبرى. شبهات بالفساد والسرقات حامت حول الفترة التي تسلم فيها السنيورة الوزارة، حتى فتح ملف ما بات يعرف بـ"الحسابات الضائعة" للدولة.

خلال إقرار موازنة 2018، ألزم مجلس النواب وزارة المال بإعداد الحسابات المالية للدولة وإنجازها. كما عملت "المالية" منذ 2014 على إنجاز الحسابات المالية، قبل قرابة العام، والنتيجة؟  تبين لوزارة المال أنّ حسابات الدولة (بين 1993 و2013) كانت غير دقيقة، وأن أموالاً اختفت، وأن مستندات ضاعت، وأن مبالغ مالية كبيرة لم يُعرف كيف أُنفقت.

يستشهد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان في كتاب "الابراء المستحيل" بالمادة 87 من الدستور التي تنص على أن "حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبات"، ليقول إن "هناك من يعتبر نفسه فوق الدستور وخارج نطاق موجب تقديم الحساب فيمتنع عن التقيد بهذا الموجب، لا بل يلجأ إلى تصفير الحسابات حيناً، ويدعو إلى تكرار عملية التصفير كلما جرت مطالبته بهذا الموجب، عنيت بذلك رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة والفريق السياسي الذي ينتمي إليه".

ويؤكد كنعان بموجب الوثائق الواردة في الكتاب "أن هذا الفريق السياسي قد لجأ إلى تصفير الحسابات في  مطلع العام 1993، وقدم حسابات منقوصة عن السنوات من 1993 ولغاية 2003، وامتنع عن تقديم أي حساب منذ ذلك التاريخ، ولم يحترم أحكام الدستور وقانون المحاسبة العمومية في إعداد الموازنة وتقديمها إلى المجلس النيابي، وأنفق على أساس مشاريع موازنات لم تُقدَّم إلى المجلس النيابي، أو قُدِّمت بعد انتهاء السنة المالية، وتجاوز في الإنفاق العام خلال السنوات 2006 – 2009 وحتى ما قبلها، وخالف أحكام الدستور وقانون المحاسبة العمومية في تدوين الهبات والمساعدات النقدية المقدمة إلى الدولة، ومنح سلفات خزينة خلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية، لا بل عاد ليطالب على لسان بعض نوابه بتصفير الحسابات مجدداً بنهاية العام 2010".

* الهبات

التلاعب بالحسابات المالية ينسحب على غيره في عهد السنيورة كوزير للمال أو كرئيس للحكومة. عام 2006 خرق فؤاد السنيورة الأصول المعتمدة في الدولة اللبنانية لجهة قبول الهبات. قانوناً، يجب أن تقبل الهبة من مجلس الوزراء، قبل أن يتم تحويلها الى حساب الدولة اللبنانية، وهو حساب رقم 36 التابع لوزارة المال. أما الرئيس السنيورة، فابتدع مخالفات جديدة. استقبل الهبات بعد حرب تموز دون قرار من مجلس الوزراء، الذي كان فاقداً لميثاقيته آنذاك بسبب غياب مكوّن أساسي عنه. الهبات لم تدخل الى حساب الخزينة اللبنانية، بل ذهبت الى حساب خاص فتح بمصارف خاصة أو بمصرف لبنان، أو ذهب الى حسابات خاصة بالهيئة العليا للاغاثة.

لم يحترم فؤاد السنيورة آليات قبول الهبات وادخالها الى حساب وزارة المالية، كما حال الهبة السعودية التي فَتح فيها حساباً خاصاً في مصرف لبنان، وقال "إنه فتح الحساب حتى يستدين من المصرف"، علماً أن الاستدانة من مصرف لبنان تحتاج الى قانون خاص، وهو ما لم يحصل عليه السنيورة طبعاً.

ونتيجة المخالفات التي حصلت أعلاه، يوجد اليوم خلاف جدي كبير حول قيمة الهبات التي وردت الى لبنان في حرب تموز.

* الضرائب

ركزت سياسة فؤاد السنيورة الاقتصادية منذ التسعينيات على جعل لبنان مركزاً خدمياً وخدماتياً لمحيطه العربي والخليجي على وجه الخصوص. وعليه، لم يجد حرجاً في اعتماد سياسيات اقتصادية ـ مالية اعتمدت على التقشّف وفرض الضرائب ووضع قيود صارمة على القطاعات الإنتاجية أدّت في نهاية المطاف الى إغلاق آلاف الوحدات الصناعية المنتجة وتسريح العاملين فيها.

"الضرائب ليست عملية انتقامية وانا مع الـ TVA" هذا كان شعار فؤاد السنيورة عام 2017 خلال نقاشات سلسلة الرتب والرواتب، وهو شعار يعكس نظرته الى الاقتصاد الذي تحكم به منذ العام 1993 دون حسيب أو رقيب. وهو اليوم، حين خرج الناس الى الشارع غاضبين مما جنته يداه عليهم وعلى جيوبهم، يتوجّه اليهم عبر وسائل الاعلام داعمًا "تحضّروا لتظاهر طويل الأمد"، على من تراه يضحك  "عليهم" أم على نفسه؟

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف