معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

11/12/2019

"إسرائيل" أمام تهديد وجودي

هيثم عبّاني

لعقود خلت واجه الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين أعداءه العرب الذين تمتعوا بالتفوق العددي، وبالعتاد والعدة، بالعمق الاستراتيجي أيضا، وامتلكوا عنصر المباغتة، بالضعف والفشل في السباق نحو متطلبات العالم الحديث. هذا الضعف، بحسب "دان شيفتن"، رئيس البرنامج الدولي للأمن القومي في جامعة حيفا "ضمِن لإسرائيل نجاحات في الصراع القومي الشامل، حتى عندما اصطدمت بتفوقهم الكبير في مجال المقدرات السياسية والاقتصادية".

بعد مائة عام على الصراع مع الدول العربية، تواجه "إسرائيل" اليوم عدوا ذكيا ومواكبا ولديه مقدرات هامة للتخطيط الاستراتيجي والتصميم في العمل، يواكب الحداثة والتطور بوتيرة مذهلة، ولديه صبر يصفه المعلقون الإسرائيليون "بصبر حائك السجاد العجمي"، هي إيران. ويكتب "دان شيفتن" عن ذلك قائلاً "اسرائيل لم تواجه أبدا مثل هذا الخليط الخطير الذي يقيم بنجاعة، بمنهجية وبذكاء مؤسسة اقليمية تعرض وجودها للخطر".

"إسرائيل" رفعت منذ حوالي اربع سنوات شعار التصدي لإيران في المنطقة، حتى وصل الامر بالتبجح من قبل مسؤوليها عن ضربات وجهت الى القوات الإيرانية وحلفائها في المنطقة ـ تصريحات عارضتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشدة ـ وآخرها تبجح وزير الامن الجديد "نفتالي بينت"، الذي دعا الى مهاجمة جميع المواقع الإيرانية في سوريا، لاعتقاده ان ذلك سيدفع ايران الى الانسحاب من سوريا.
 
معلقون اسرائيليون سخروا من خطة وزير الامن "بينت" ووصفوها بانها انتخابية أكثر منها أمنية، ومنهم معلق الشؤون العسكرية في القناة الثانية عشر، "روني دانيئيل"، الذي استعار حادثة ساخرة من الحرب العالمية الثانية لوصف خطة بينت فقال: " عندما عانت بريطانيا جداً في الحرب العالمية الثانية من الغواصات الألمانية التي هاجمت السفن التي كانت تجلب لهم تجهيزات عسكرية وامور أخرى، جاء شخص وقال اريد ان ألتقي تشرشل فأنا أملك فكرة كيف نحل مشكلة الغواصات. أُدخل الى تشرشل، وقال له أنصت فكرتي بسيطة، اسحبوا (ضخوا) المياه من المحيط تقع كل الغواصات على الأرض وتحل المشكلة. فرد تشرشل، لكن كيف نضخ المياه من كل المحيط؟ قال له ذلك الشخص اسمع الفكرة قدمتها لك، لكن كيف تفعلون ذلك فهذه قصتكم". لذلك خطة بينت لا تشكل حلا عمليا، بحسب دانيئيل.

في الخلاصة، إيران تبني مظلة صاروخية استراتيجية، تشل القدرات الدفاعية الجوية الإسرائيلية، واذا نجحت ايران في انهاء استعداداتها، سيميل الميزان بشكل دراماتيكي لطالحها.

اللواء في الاحتياط اسحاق بريك، مفوض شكاوى الجنود السابق، يوضح لماذا "اسرائيل" تقف امام خطر وجودي، فيقول "في السنوات الاخيرة يبني الايرانيون مظلة صواريخ مؤلفة من 250 الف صاروخ، بعضها كبير وبعضها صغير حول اسرائيل. الامر يتعلق بإطلاق 1500- 2000 صاروخ في اليوم من بينها صواريخ كبيرة من 500-600 كيلوغرام ستسقط على تجمعاتنا السكانية وعلى أهداف استراتيجية لدينا وعلى قواعد الجيش. لا يوجد لدينا رد، لان سلاح الجو لا يعرف ايقافها وصواريخنا ليست مبنية لإيقافها".

"إسرائيل" منذ أن تم تأسيسها لم تواجه معضلة استراتيجية كالتي تواجهها اليوم، والتي تزداد وتكبر يوما بعد يوم، وتتحول الى تهديد وجودي.. فقط وفقط لأن من يقف في مواجهتها اليوم ليس فاشلاً في مواكبة التطورات على كافة الصعد سيما التقنية في المجال العسكري ويراكم الخبرات يوماً بعد يوم، وبنفس الوقت يملك قوة الإرادة على استخدام ما لديه من قوة بخبرات عالية.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف