نقاط على الحروف
آخر روايات "النهار"
ياسر رحال
هي المهنية المزعومة، بل قل هي اصطناع أحداث ومحاولات لضخ النفَس في جسد مثقوب، وأكثر من ذلك هي "كب حرام" و"زيت على النار" في بلد تعصف فيه رياح الفوضى التي هدمت دولاً وخرّبت مجتمعات.
يمكن أن تفهم حملة جمع التبرعات التي تقوم بها صحفية "النهار" بالدم الأزرق (الحبر)، وقد تكون هي إحدى ضحايا "تفليسة" الحريري الابن. ولكن ما لا يمكن فهمه هو إذكاء نار فتنة مذهبية ليست موجودة الا في مخيلة "المتلاعبين بالعقول" الفقيرة والمهمشة في أطراف العجيبة التي تسمى "ثورة لبنان".
صحيفة تدعي المهنية، وتلتزم مواثيق الشرف الإعلامية، ولها تاريخ من العمل في ظل أحداث مماثلة لما يجري اليوم، من ثورة 1958، ومروراً بحروب السنتين والحروب الأهلية والفتن الطائفية، لا تزال تصر على أن ما يحدث في الأيام الأخيرة هو صراع سني ـ شيعي وتحاول إشعال بارود الفتنة التي أعلن الطرفان أنها لم ولن تمر مهما كلف الثمن.
بل وتتهم وتصدر أحكامًا وتعلن انتماء "المخربين" إلى جناحي الطائفية الإسلامية في لبنان السنة والشيعة، ثم تتهمهم بالتخريب والتحطيم، وسرقة الوسط التجاري لبيروت عبر نص في صفحتها الأولى بتاريخ 20 كانون الثاني جاء فيه: "عودة المواجهة غير المعلنة السنية ـ الشيعية في شارعين متقابلين غير متواجهين حتى الساعة. فالمجموعات الشيعية بغالبيتها التي ركبت موجة الانتفاضة وأمعنت تخريباً في شارع الحمرا، وكسرت واجهات المحال والمصارف، قابلتها مجموعات سنية الطابع تحاصر يوماً بعد يوم محيط مجلس النواب وتحاول اقتحام ساحة النجمة في رد غير مباشر على الأولى".
ومن المفيد هنا الإشارة إلى أنه حتى الساعة لم يصدر أي اتهام أو حكم من قبل الأجهزة القضائية بحق كل ما ورد أعلاه.
والأنكى، أنها تتابع الهجوم التحريضي فتكتب صاحبتها في افتتاحيتها: حزب الله صادر الانتفاضة، وتسهب شرحاً في "إنجازات" هذه الانتفاضة وكيف ان حزب الله "خاف" منها وعمل على "احتوائها" و"خنق صوتها ومنعها من فتح ملف السلاح خارج الشرعية". هنا يجدر التوقف ملياً لإعادة طرح سؤال على صاحبة النص: هل خرج المحتجون من أجل "السلاح خارج الشرعية" أو من أجل أسباب أخرى يجدر بالكاتبة مراجعة برامجها ونقاطها ومناقشتها على الأقل مع "الثوار" قبل إسقاطها عليهم. الا في حال كانت النية ان تجعل الكاتبة "الثوار" يخوضون معركة هي قررت أهدافها وليس من هم على الأرض.
ثم نكمل في إبداع "النهار": هو صراع إيراني ـ سوري على ما تنقل الصحيفة في مقال عن "مصادر سياسية عليمة لـ "النهار"، لتقول إن "ما جرى هو متعدد الوجه (بحسب النص) من حرب أجهزة وصراع إيراني ـ سوري...". وهنا آخر البدع التي لو كان جبران تويني حياً بيننا اليوم لدفعته الى كسر قلمه وقال لابنته كما قال جدها له يوما: "لأ يا بيي مش هيك ...".
شماعة الهروب نحو تجهيل القائل هي عادة من عادات الصحفيين التي يلجأون إليها عندما يريدون قول شيء ويعلمون أنه بأقل التقديرات "مو دقيق" كي لا نقول كذب وافتراء، وتالياً، تحريض اعتاده الأميركي ليصنع حروباً عرقية عبر مصطلحات من قبيل "عربي وفارسي" وعلى النسق صراع "سوري ـ إيراني". طيب ما علينا من هو السوري هنا ومن هو الإيراني؟
من المعيب في زمن الفضائيات والبث المباشر و"الحكي على الهوا" ومواقع التواصل الاجتماعي أن يكون آخر زمن الصحافة روايات "النهار".. بالفعل غاب "نهار" آخر.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024