نقاط على الحروف
حول غياب الأمن القومي اللبناني وأهمية المقاومة
محمد علي جعفر
حتى اليوم يغيب عن لبنان كدولة، مفهوم الأمن القومي. بإختصار، لا يوجد ما يُسمى "الأمن القومي اللبناني". وهو ما يحتاج لإعادة نظر، خصوصاً في ظل التحديات التي باتت تواجه لبنان داخلياً وخارجياً. وهنا ومنعاً للإلتباس فيما يخص المفهوم، ولأن الأغلب يعتقد أن الأمن القومي يتعلق بالجانب العسكري فقط، لا بد من إزالة هذا الإلتباس من خلال توضيح ما يعنيه هذا المفهوم نظريا، ولماذا نحتاجه في لبنان عملياً؟
الأمن القومي هو مجموعة من السياسيات التي تضعها الدولة لحماية الحكومة والبرلمان ومصالح المواطنين وعادة ما يتم تأسيس جهاز خاص لذلك. تُعنى هذه السياسات بتحديد أسس مواجهة التحديات كافة والتي تواجه الدولة على الصُعد العسكرية والسياسية والإقتصادية والبيئية والجغرافية. تُحدد الأولويات بحسب الموقع الجيوسياسي للدولة. كما يتم تعديل السياسات لترتقي لمستوى التطور في مستوى ونوعية التحديات.
اليوم يقبع لبنان في ظل تحديات عديدة محلية وإقليمية. بل إن التحدي الأكبر هو في وجود عدد من المفاهيم التأسيسية التي يغيب عنها الإجماع اللبناني، كالهوية والوطن بل حتى العدو. ما ينعكس على الأطراف تناقضاً على مستوى الرؤية، والاداء، والتقييم. فيما يخص التحديات المحلية، يعاني لبنان من خلل بنيوي في نظامه خصوصاً على صعيد أجهزة الدولة والسلطات. كما يعاني لبنان من اللاتوازن بين القطاعين العام والخاص وغياب المجتمع المدني. على الصعيد الإقليمي يعيش لبنان ضمن صراعات عدة لا يوجد موقف لبناني واحد منها. تُثبته اليوم معضلة العلاقة مع سوريا، وغياب الوحدة العربية حول الموقف من الكيان الإسرائيلي والذي تُشير تقارير الى وجود نية لديه لضرب لبنان مستقبلاً. هذه التحديات تكفي للإجابة على البعض من الذين يتحدثون عن إمكانية تحييد لبنان!!
حتى اليوم لم ينجح اللبنانيون في خوض تجربة بناء الأمن القومي اللبناني. لم ينجحوا في نسج عقدٍ وطني يَقيهم سياسات الأطراف الإقليمية ومصالح الدول، ولا حتى في حل اختلافاتهم أو ردم الهوة بينهم. ويوماً بعد يوم، تزداد الأوضاع سوءاً، وقد تصل الى الإنهيار. على المقلب الآخر، بلغت التحديات الإقليمية ذروتها. ولعل الواضح أن ما يتعلق بالتحديات الجيوسياسية والجيوعسكرية، عديدة، منها الإستراتيجية الدفاعية، العلاقة مع الدول العربية، الحق في موارد لبنان من النفط والغاز بالإضافة الى تحديات أخرى.
ولأن الواقعية تستلزم العودة الى التاريخ، يبدو أن لبنان يمتلك نقطة قوة وحيدة تُخوله صناعة معادلات خاصة به. تُطرح نقطة القوة هذه، دون أن يربطها اللبنانيون بمكونات الأمن القومي كافة. هي قوته على الصعيد العسكري!
عبر تاريخ لبنان الحديث ومنذ ما بعد الطائف، لم يكن بمقدور اللبنانيين التوجه لبناء مقومات الدولة، لإنشغالهم في التحديات الأمنية والسياسية والعسكرية لا سيما الصراع مع الكيان الإسرائيلي. اليوم بات مُمكناً طرح ملفات مثل التخطيط للدولة والإصلاح ومحاربة الفساد ولو أن الطروحات مازلت نظرية. كل ذلك يعود لنقطة القوة التي تدعم المُكون العسكري الخاص بالأمن القومي اللبناني، وهي المقاومة.
السؤال المطروح اليوم: هل يمكن أن يستغل اللبنانيون نقطة القوة هذه، لفرض معادلة لبنانية صرف، بشجاعة وواقعية؟
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024