معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

هناك شيطان
07/03/2020

هناك شيطان

أمير قاروط
هناك خيال وأحلام، تصوير وأفلام، هناك سلام واستقرار، وتمثال كبير يحمل مشعل، هناك موسيقى وفرص، هذا في الظاهر، المُخادع، أمّا حقيقةً، هناك بلد يخصص نصف موازنته للجيش، الجيش الذي يذهب لقتل الشعوب واحتلال بلدانها، ثم يخسر بطبيعة الحال، ويعود أفقيًا، هناك أيضًا، بلد فيه نسبة المساجين تفوق مساجين الصين وكوريا الشمالية، بلد يُقتَل فيه يوميًا ما يفوق الـ 30 شخصًا بالرصاص الحيّ، في الشوارع، هناك أيضًا، بلد يسمى the land of chances، أرض الفرص، نعم الفرص التي نعرفها جيّدًا، والتي لطالما كانت في تزايد وتسارع، وتحديث يومي، في مشارق الأرض ومغاربها، لم تترك بلدًا أو بقعة يابسة، أو مياه أو سماء، الفرص الشيطانية، كفرصة هيروشيما وناكازاكي، التي أودَت بحياة 220 ألف إنسان بسبب التفجير، في يومٍ واحد، وعادت وحصدت الآلاف ممّن تأثروا بجراهم، بسبب التأثير الإشعاعي والكيماويات، والتي بدورها حصدت أيضًا ما يقارب الـ 600 ضحية، توفوا بسرطان الدم. ولا زالت حتى اليوم تعاني من تشوّه خلقي وأمراض ومشاكل في التربة والأرض،  كلّ ذلك بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام، وكان نصه أن تستسلم اليابان استسلامًا كاملًا بدون أي شروط.

أيضًا، كفرصة احتلال جمهورية الدومينيكان عام 1916، والإستيلاء على كل المناصب الحكومية الرسمية، والإيرادات الجمركية والمالية، وقتل شعب الدومينيكان بأبشع الطرق، والحدّ من نسله، عبر طرق شيطانية لا تُصدّق، كبثّ أدوية منع الحمل وما شابه في الأطعمة والمنتجات الموردة إليهم.

فرصة، كفرصة مجزرة بئر العبد التي اقتربت ذكراها الـ 35، وقتل أكثر من 80 شهيدًا من النساء والأطفال والأجنّة، من اجل تغييب رجل واحد، رجل يمثّل حالة كانت تشكل خطرًا على الشيطان، وقد قالت الإدراة الأمريكية في ذلك اليوم "لا مشكلة في قتل الأبرياء، من أجل تغييب فضل الله"، بل وأكثر من ذلك، قاموا بتدريب مجموعات من المرتزقة تحت عنوان " مجابهة الإرهاب" وقد عُرِفَت بالـ كونترا، لتبرير قتلهم البشع، تحت مسمّى مجابهة الإرهاب.

فرصة أخرى، كفيروس قاتل، يعبر القارات، ليستقر عند فلان وعلّان، على وجه الخصوص، من باب الصدفة طبعًا، سبحان الله، ويحصد الآلاف من الضحايا، ويسبب الهلع والخوف والطوارئ، فيروس، هو بمثابة سلاح موّجه إلى صدورنا، هدفه التهويل وضعضعة القاعدة الشعبية الشريفة، التي لم تقل يومًا "نعم" لأمريكا، والتي لم تخضع يومًا لحصار اقتصادي هنا أو مجازر هناك أو عقوبات بالجملة، وحملات ناعمة بيضاء كالسمّ.

فئة مؤمنة محصنّة لم تسقط في هوّة التسليم والتطبيع، فئة يطلقون عليها "الممانعة"، فئة قليلة، وكمّ من فئةٍ قليلةٍ..

المطلوب اليوم مُجابهة هذا العدوان، كما لو كنا نواجه حربًا عسكرية ضروس، والمواجهة تتطلب إستنفارًا وحيطة وجهوزية عالية، لا ينبغي علينا ترك الساحات، أو إخلاء المناطق والمؤسسات والمراكز، هذا ما يريده العدو، وهذا هو الهدف الأساسي للعدوان: الشرخ وضرب الصفوف في البيئة الحاضنة للمقاومة.

الحذر واجب، والوقاية ضرورية وأساسية في المواجهة، فهما بمثابة الدرع والخوذة في جبهة القتال، وهل يستطيع المجاهد القتال من دونهما؟ التوعية ونشر المعلومات والأخبار الإيجابية واجب علينا جميعًا، كذلك الحدّ من نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة التي بدورها تساهم بإضعاف المعنويات وتزعزع النفوس والثبات عند البعض، وتساهم بتضخيم الحالة وتوسعّ دائرة تأثيرها.

نحن على يقين أننا سنعبر هذه المرحلة الصعبة، أقوى من أي وقت مضى، فهذه التجارب التي نمرّ بها ما هي إلّا تجارب مكثفّة اختصّنا بها الله، ونحمده على عنايته ومتابعته.

التجربة مدرسة ممتازة، لكن مصاريفها باهظة.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف