نقاط على الحروف
عن فلسطين.. بعيداً عن فن "أم هارون" والسياسة
ايهاب زكي
في القصص القرآنية، بعد أنّ نجّى الله بني إسرائيل من فرعون، ورأوا بأمّ العين معجزة شقّ البحر، وبمجرد وصولهم للضفة الأخرى شاهدوا قوماً يعكفون على أصنامٍ لهم، طلبوا من موسى أن يصنع لهم صنماً ليعبدوه. وفي التاريخ القانوني وفي القرن الثامن عشر تحديداً، يحكى أنّ قاضياً فرنسياً شاهد من شرفته جريمة قتل، ورأى القاتل رؤية العين، وحين مَثُلَ أمامه المتهم لم يكن هو القاتل الذي رآه، ولكن من سوء حظ البرئ أنّ جميع الأدلة كانت تدينه فحَكَم عليه بالإعدام، وبعد إعدامه وتحت وطأة تأنيب الضمير، اعترف القاضي أمام الرأي العام بفعلته، لكنه استمر في عمله، حيث تفاجأ يوماً بأحد المحامين المترافع أمامه يرتدي الروب الأسود، وحين سأله عن السبب، قال حتى أذكرك بظلمك بإعدام إنسانٍ برئ، ومنذ ذلك الوقت هنا لا زال المحامون يرتدون ذلك الزيّ، وعليه فإنّ معرفة الحق والتيقن منه ليس سبباً على الدوام لاتباعه، وليس كافياً للردع عن ارتكاب الموبقات، لذلك فإنّ أسوأ وسائل إعادة الضالين إلى جادة الصواب، هو شرح الحق، لأنّهم يعرفونه أكثر من أسمائهم، وقد يكونون أكثر درايةً به من الشارح.
و
ومن "أناكيدات" - ولا أعرف إن كان يصح هذا اللفظ لغوياً - لكن لشدة مراكمة النكد قد تكفر الضاد بقواعدها، فمن "أناكيدات" الدهر أنّ يوضع الدفاع عن فلسطين خصوصاً مهاجمة الدراما السعودية التطبيعية، في إطار الحرد السعودي القطري، وأنّ مشكلة التطبيع الدرامي السعودي هو فقط الكيد القطري، وحتى الآن لا أعرف أيضاً موضع فلسطين من هذا الحرد المتأزم، أهي الحماة أم الكنة أم السِلفة، ولكني أعرف أنّ
شخصياً لا أتابع المسلسلات لأنّي أرى فيها ابتزازاً موصوفاً، يبتزونك عاطفياً لتبقى مسمراً أمام الشاشة على مدى أيامٍ أو شهور المسلسل، ولكن الدراما لم تعد مجرد تسلية وعملية ابتزاز لأهدافٍ تجارية، بل تحولت إلى آلةٍ جبارة لنحت الوعي، وفي حالة "أم هارون" وأشباهها لصقل الذّل، ولا أريد مقارنة الثرى بالثريا، حيث مسلسل "حارس القدس" الذي قطعاً هو فاشلٌ تجارياً مقارنة بحراس الذل في "أم هارون" وأشباهها، لكنه نحاتٌ باهر للنور، يعيد شعاع النور إلى مصدره، ليتحسس الناس أبصارهم، ويعيدوا اكتشاف البديهيات، ويعرفوا وظيفة النفط وأخفى، وظيفة تلويث زكيّ الدم طهور السرائر، وظيفته أنّ يجعل من أمةٍ بتاريخها ورسالاتها وعقلها وضميرها وحاضرها ومستقبلها جارية بين خطين أزرقين، فالنفط ومنذ ابتلينا به لا وظيفة له غير تلك، ولن تكون له مهما حاولنا تطهيره غيرها، فالنفط لم يعط فلسطين مالاً، بل كان يتحرى من بيده مطرقة، فيعطيه ليشتري مسماراً، فيغريه بدق نعش فلسطين وقضيتها. وفي النهاية لا أريد أن أقول لا تصدقوا النفط ولو تعلق بأستار الكعبة، لأنّه لا رغبة لدي في قول البديهيات.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024