نقاط على الحروف
طرابلس شريكة في مجد أيار.. وهذه حكايتها
محمد ملص
أتذكر جيدًا قبل عشرين عامًا، كيف استفاق أبناء طرابلس والشمال على خبر يفيد عن امكانية انسحاب العدو الصهيوني من الجنوب المحتل، حينها تسمرت الوجوه أمام شاشات التلفزة، علَّهم يتلقون خبرًا من هنا أو من هناك. لم تكن وسائل التواصل ناشطة كما اليوم. ساعات قليلة وبدأت مشاهد التحرير تنقل مباشرة عبر المحطات اللبنانية، الا أن اللحظة التي ذرف فيها آلاف الطرابلسيين دموع الفرح، كانت لحظة وصول أهالي الجنوب الى معتقل الخيام، وانطلاق صيحات النصر من قبل الأسرى مع أصوات الجنازير والأقفال التي كسرت، وكسر معها جيش الاحتلال الصهيوني ومعه كل الدول الداعمة له.
فعلاً انها لحظات للتاريخ.. لا تنسى. هي لحظات عز وكرامة رسمت حدود النصر والفرح على كامل حدود الوطن، وكان لطرابلس الحصة الأكبر من هذا النصر. كيف لا وهي شريكة دائمة في القضايا الوطنية والعروبية. لا يزال يذكر أهالي الجنوب، أيام التهجير عقب عناقيد الغضب وعقب مجزرة قانا، كيف اسقبلهم ابناء طرابلس وفتحوا لهم بيوتهم وقدموا لهم كل ما يستطيعون من مستلزمات، وحتى الطعام تقاسمه أبناء طرابلس والجنوب، حينها هبت كل أطياف المجتمع الطرابلسي لايواء مئات العائلات الجنوبية والوقوف الى جانبها دون أي تمييز سياسي أو عقائدي.
مع تبدل الظروف والمصالح السياسية، وبالرغم من الهجمة الشرسة التي لا تزال تحاول حتى اليوم فتغيير وجه طرابلس العروبي الفلسطيني المقاوم، الا أنهم لم ينجحوا في ذلك. فالمدينة لا تزال حتى اليوم تروي حكايات عن انتصار ايار ٢٠٠٠، وكيف توجه الآلاف من مناطق طرابلس والمنية وعكار والضنية الى الجنوب لمشاركة الجنوبيين فرحتهم، وكيف وزعت الحلوى في شوارع طرابلس لأيام متتالية فرحاً بهذا الانتصار العظيم، مفرقعات نارية وفرحٍ جماعي لطالما كان مفقودًا، مواكب تصدح فيها الحناجر بأهازيج النصر على الاحتلال الذي هزمه اللبنانيون في انتصارٍ قدمته المقاومة لكل ابناء الوطن وليس لمنطقة وحدها أو لطائفةٍ بذاتها.
وكعادتها في مشاركة جميع اللبنانيين انتصاراتها، وبعد عدة أيام على الانتصار، خصصت المقاومة لأهالي طرابلس يوماً ليشهدوا فيه على غنائم النصر التي غنمت من الجيش الصهيوني المحتل، وكان الموعد المحدد حيث تجمع آلاف المواطنين في ساحة النور رافعين أعلام ورايات المقاومة، وصور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مرحبين ومهللين لرجال المقاومة الذين هزموا من ادعى يوماً انه جيش لا يقهر.
لا تزال ذكريات وصور الغنائم التي غنمتها المقاومة الاسلامية، وهي تشق طريقها من ساحة النور في طرابلس الى الشوارع الاخرى، محفورة في أذهان الطرابلسيين وكيف نزل عشرات الالاف يحملون الارز والورود ليستقبلوا بها رجال المقاومة، الذين قدموا أجمل الملاحم وسطروا أروع البطولات.
قيادة المقاومة كانت أهدت إحدى الدبابات التي غنمتها لتكون شاهدًا اضافيًا على صلابة الرابط المميز الذي يجمع بين المقاومة وأهالي طرابلس.
هذا التاريخ، وإن غاب عن طرابلس قسراً، لكنه لا يزال راسخاً في قلوب الطرابلسيين ووجدانهم، كيف لا وهو انتصار لبنان على عدو استباح وهتك دماء اللبنانيين من الجنوب الى الشمال، ولم يردعه سوى رجال المقاومة الذين حولوا 25 أيار الى تاريخ الشرف والكرامة والعزة والعنفوان، تاريخ لن ينسى ولن يستطيع أحد أياً كان أن ينسي أبناء طرابلس أشرف أيام الانتصار في هذا الوطن المقاوم.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024