نقاط على الحروف
الأنفاق عدو مرتعد.. لكن
خالد رزق
نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار ( مصر )
بلسان نجس وفي بساطة شديدة الوقاحة خرج الصهيوني أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال على الدنيا متهماً حزب الله بخرق تعهدات الحكومة اللبنانية والقرارات الدولية، وبتعريض الشعب اللبناني للخطر مستخفاً بالسيادة اللبنانية.
والحق أن كلام الإفك الكثير الذي جرى على لسان هذا الغلام الصهيوني المضلل لم يثر عندي أي دهشة، فصبي جيش الاحتلال لم يخجل وهو يصف ما يجرى شمال الأراضي المحتلة من فلسطين بالعملية العسكرية، في حين أن حكومته لا تتجاسر على أكثر من الطنطنة بأحاديث اللجوء للأمم المتحدة للشكوى.
وبعيداً عن كل الخرف الذي قال به أدرعي وروج له أعضاء سلطة الاحتلال، فإن واحداً منهم لم يغفل عن التأكيد على أن ما يقوم به جيش العدوان حالياً يستمر فقط على الأراضي المحتلة، وهو ما كشف حقيقة تغير الموقف الاستراتيجي للقوة اللبنانية الشاملة الشعب والجيش والمقاومة في مواجهة هذا الاحتلال البغيض الذي لم يعد يجرؤ على أكثر من التهديدات الخائبة والشكوى. وهوما يعني عند كل صاحب عقل يفكر أن هذه القوة التي بات عليها لبنان وحزب الله مكان القلب الدافع منها، بات يعمل لها حساباً وأي حساب. فهذا العدو المتغطرس لم يعودنا على غير العدوان المرة تلو المرة إلى أن أفاق على صدمة هزيمته وخسائره الفادحة في حرب تموز.. والتي أسكتت وأوقفت عدوانيته تجاه لبنان إلى اليوم.
وهو يعرف الآن بأن لبنان لم يعد ممكناً الاعتداء عليه من دون تلقي رد مؤثر وإن تخلت عنه أمة العرب كلها، وحتى وإن كان حزب الله يحمي الداخل اللبناني ويرابط عند الحدود مع فلسطين ويقاتل المعركة الأشرس في سوريا.
تخاريف صبي جيش العدوان المدلل فضحته وفضحت الاحتلال وكشفت أمام العالم أن لا شيء يردعهم غير الخوف من رد موجع ربما كان مميتاً لحلم وجودهم ووطنهم الكاذب على أراضينا المحتلة كلها.
وبالمقابل نرى حزب الله أشد هدوءا وأعمق رسوخاً من أي مرحلة مضت، فالحزب الذي قصدت سلطة الاحتلال وضعه في منطقة استفزاز داخلي مع الحكومة والإيقاع بينه وبين الجيش اللبناني كان الأكثر ذكاء عندما لم يعلق على الأمر برمته وترك أمر "الناقورة" إلى الجيش والحكومة اللبنانية مفسحاً كامل المجال أمام السلطات الرسمية في البلاد لتقدر ما ترى، ولتصرح بما تشاء وللحق فإنها لم ترى و لم تصرح بأكثر مما هو قائم والأهم أكدت على حق لبنان في اختصام العدو لخروقاته المتكررة شبه اليومية للتعهدات الدولية.
أسئلة كثيرة ينبغي طرحها عند تقدير الموقف الآن ونخطئ بالتأكيد إن ظننا أن العدو الذي يعرف بعجزه أمام الحالة اللبنانية القائمة في ظل ثلاثية القوة هو من السذاجة بحيث يقدم على ما لا طائل من ورائه سوى انكشاف ضعفه.
العدو وهو ليس قادراً وحده على حماية نفسه وعليه لا يمكنه شن أي عدوان واسع أو غير واسع على لبنان، ربما كانت تحركه أهداف أخرى ضمن خطة يشاركه فيها كل الأعداء الإقليميين والغربيين ومن أجلها يطبق سيناريو "الراية الزائفة" بادعاء تدمير شبكة انفاق لحزب الله تهدده، وهي الانفاق التي إن وجدت فعلاً لكانت حقا مشروعا لمن يستعد منذ سنوات لحماية بلده وللقيام بدور أعظم لنصرة أمة بأسرها تبدو في هذه اللحظات من التاريخ وكأنها فقدت روح الكرامة المجبول عليها أسوياء البشر، وصار سلاطينها وملوكها ورؤساؤها يصادقون أعداءها.
والأقرب في تحليل الأمر أن يكون العدو وقد هزمت سورية مشروعه ومشروع أسياده في لندن وواشنطن وعملاءهم من الأعراب وفي سياقات أوسع للتآمر العدواني الذي يستهدف محور المقاومة كله.. بدأ حملة دعائية للتمهيد لعدوان يشترك فيه وكل هؤلاء يشمل ساحة المواجهة العربية الشمالية سوريا ولبنان والجنوبية في قطاع غزة ونقل ساحة الحرب المحتومة والتي تأخرت كثيراً مع إيران إلى هذه المنطقة البعيدة نسبياً عن الخليج بما لا يهدد شرق جزيرة العرب وجنوبه ومضيق هرمز معبر النفط.. هكذا يظنون واعتقد بخطأ ظنونهم.
والحرب التي تبدو نذرها في الأفق ليس هدفها عقائدياً فحسب وإنما الهدف هو نهب الثروات وفرض أوضاع جديدة تسوق شعوبنا للانكسار والتسليم ببقاء الاحتلال والتنازل عن الأرض والثروة والوجود لحساب أحط وأوضع المجرمين سفاكي الدماء واللصوص.
عموماً قد لا يكون شيء من ذلك واقع قريب ولكن الأكيد أنه كله محل لدراسة ولتدبير وتخطيط، وإنه سيبقى هدفاً قائماً للعدو طالما بقي هذا الجيل المسخ من حكام العرب في مواضعهم والأكيد أنهم ـ سيسعون لتحقيقه قبل انتهاء الولاية الأولى لترامب ـ غير المضمون ـ استمراره بالحكم وسيسعى هو لتحقيقه قبل تغيير صار وشيكاً في موازين القوة لحسابات الدول بنطاقات المواجهة سوريا و لبنان و إيران و مصر التي ليس ممكناً إخراجها من حسابات الصراع مهما كانت توجهات مواقفها الرسمية في مرحلة من المراحل.
الموقف العام لا أتصوره غائباً عن محور المقاومة .. ولا عن المؤسسات في كل بلاد الطوق بغض النظر عن مواقفها.
والذي أراه أنه آن الأوان للانفتاح أكثر على مبدأ السعي لتجميع وحشد كل عناصر القوة ومدخلاتها وتنسيق الخطط العسكرية وفق سيناريوهات ميدانية تشمل خرائط المواجهات المحتملة والمتوقعة كلها، وليس مهماً من يبدأ، فليس عيباً أن يقدم أحد من أصحاب المصير الواحد على ما هو في صالح الأوطان والقضية، ليس في الأمر تنازلاً إنما هو خطوة لن تجيء إلا من الأشرف والأكثر إخلاصاً لقضيتنا الوجودية ولن تعيب وتشين إلا من يرفضها، أزعم أن المقاومة وقد مدت يدها بدل المرة عشرات لن تكون أبداً إلا محل احترام الشعوب، فلتكن المبادرة من أي اتجاه لبنان سوريا، إيران أو مصر ولا فاعل رئيسي غيرهم بين بلادنا فمهما كانت الخلافات وأياً كانت الشكوك نعلم جميعاً أنها مختلقة بلا أصول ولا جذور راسخة ومهما بلغ بنا التنائي فلا شيء سيغير من حقيقة أن لنا نفس الأعداء وأن لنا نفس الأهداف وأننا مشتركون وجودياً في تكليفات إلهية لا يغيبها سوى ابتعاد غير جائز عن الإيمان..
فقط خذوا بناصية الشعوب.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024