نقاط على الحروف
السيد ماكرون.. مضى عهد الانتداب
فيصل الاشمر
أتحفنا الأب الفرنسي الحنون ماكرون يوم أمس بخطاب تقريعيّ خالَ فيه نفسه يخطب فينا منذ مئة عام مضت، وكأن الزمن هو الزمن نفسه، زمن الاحتلال الفرنسي المغطى بغطاء العطف والحنوّ والانتداب.
وإذا كان كلام ماكرون الفظّ يحلو في مسامع من تعوّد الاستماع إلى كلامٍ مثله وما هو أقسى منه، من أولئك المسؤولين اللبنانيين الذي اعتادوا على الاستماع إلى الخطابات والكلمات المجبولة بالإهانة والتقريع، صادرة عن سيد خليجي مرة وغربيّ أخرى، فإن في لبنان من لا يسمح لماكرون أو لأي ماكر أعلى منه بالتطاول عليه وممارسة الأسلوب الانتدابي في مخاطبته.
وإذا كان شرفاء لبنان قد رضوا بالتدخل الفرنسي المتمثل بالمبادرة الماكرونية، لأجل الوصول إلى حل سياسي للمشكلة اللبنانية المتعلقة بتأليف الحكومة العتيدة، كما رضوا باللجوء إلى صندوق النقد الدولي، لعلّ وعسى، فالواجب على هذا المتدخل أن يحترم نفسه في خطابه اللبنانيين، لا سيما الذين لم يرضوا في تاريخهم بخطاب من يظن نفسه ما زال وصيًّا على لبنان.
النقاط التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي أمس متعددة، لكن كلامي سيكون عن قول ماكرون: "حزب الله لا يمكنه أن يكون جيشًا محاربًا لـ"إسرائيل"، وميليشيا الى جانب سورياً وحزبًا محترمًا في لبنان، وقد أظهر العكس في الأيام الأخيرة".
بالتأكيد حين يصف ماكرون حزب الله بالجيش المحارب لإسرائيل فلن يكون مادحًا، ولذلك لا بد من تذكيره بسبب محاربة حزبِ الله "إسرائيلَ"، وهو احتلال هذا الكيان غير الشرعي أراضيَ لبنانية، وهو الاحتلال الذي استدعى وجود قوات الطوارئ الدولية في جنوبيّ لبنان، وعدد كبير من هذه القوات فرنسيّ، نعم سيد ماكرون، فرنسي، إن كنت نسيت.
أما قتال "ميليشيا" حزب الله إلى جانب سوريا، فجملة "إلى جانب سوريا" صحيحة منه ودقيقة، وتنافي بالتالي كون حزب الله ميليشيا، لأن الميليشيا، وفق العرف السائد، هي المجموعات التي تقاتل ضد الدولة والنظام القائم، لا المجموعات التي تستعين بها هذه الدولة في محاربة الميليشيات، التي هي، كما يعرف ماكرون، صنيعة أصدقائه الغربيين والعرب.
وأخيرًا، نعم سيد ماكرون، حزب الله حزب محترم في لبنان، شئت أم لم تشأ، وشاء أصدقاؤك في لبنان وخارجه أم لم يشاؤوا، حزب محترم في القتال، كما خبرَ أعداؤه وكما اعترفوا، وحزب محترم في السياسة، كما يعترف حتى خصومه، في حالات المصارحة حين تخلو الجلسات من آلات التسجيل، وحزب محترم حين يعِد فيصدق.
وبعد، إذا كان السيد ماكرون غير معتاد على أحزاب كحزب الله فهذه مشكلته لا مشكلة الحزب، فليبحث عن المعرقل تأليف الحكومة اللبنانية لدى جهات أخرى غير حزب الله.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024