نقاط على الحروف
بايدن في البيت الابيض.. لماذا تقلق الرياض؟
علي الدرواني
خيمت على السعودية حالة ذعر وفزع وضياع وقلق وتشتت غير مسبوقة، ودخلت في ما يشبه الصدمة القوية منذ أعلنت وسائل الاعلام الامريكية خسارة دونالد ترامب في السباق الرئاسي امام منافسه الديمقراطي جو بايدن الذي فاز بعد معركة انتخابية هي الاشرس بين الانتخابات الامريكية وأكثرها اثارة للمخاوف والجدل والتوقعات المتشائمة الى حد لا يوصف.
وفي حين انهالت على الرئيس المنتخب برقيات التهاني بالوصول الى البيت الأبيض من الرؤساء والملوك والامراء في العالم بشكل عام والخليج بشكل خاص تأخرت الرياض في ابداء أي رد فعل إزاء النتيجة المعلنة.
ان كان لهذا الاحجام والصدمة والقلق من تفسير فانه بطبيعة الحال سيؤكد على الانتكاسة او على الأقل خيبة الامل السعودية العميقة من خسارة ترامب وعدم تمكنه من الاستمرار في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، ومرد ذلك كما يؤكد كثير من المراقبين هو ان الرياض قد ربطت قرارها وسلمت زمام امرها ورهنت حاضرها ومستقبلها ووضعت ثرواتها بيد دونالد ترمب وفتحت له خزائنها بمليارات الدولارات طوال السنوات الأربع الماضية.
كل تلك الإجراءات والخطوات تشير الى ان الرياض وحاكمها الفعلي محمد بن سلمان قد راهن الى ابعد مدى على فوز ترمب أملا في ضمان وصوله الى العرش، وحشد له في سبيل ذلك ما يستطيع من وسائل الدعم الانتخابي وعلى رأسها العمل من اجل الاسراع بقطار التطبيع مع العدو الإسرائيلي وبعض الأنظمة العربية وعلى رأسها أبو ظبي والمنامة والخرطوم.
ربما كان الشيء الوحيد الذي تريث به محمد بن سلمان بقصد او غير قصد هو عدم التسرع في وضع الرياض في عربة التطبيع وان تحدثت المعلومات ان التاخير كان من اجل ان يصبح هدية فوز ترمب بولايته الثانية ومع ذلك يبقى هو الاستثناء في مجمل قاعدة التسليم لترمب.
السبب الاخر للصدمة والذي يمكن ان يفقد بن سلمان صوابه، هو ان توضع عراقيل في طريقه الى عرش المملكة، بالإضافة الى الخشية من فقدان الحصانة التي كان قد حصل عليها من خلال علاقته بترامب، وهو ما صرح به ترامب أكثر من مرة، لا سيما فيما يتعلق بملف خاشقجي، ومبيعات الأسلحة والفيتو الذي اتخذه في وجه قرارات تشريعية صادرة عن الكونغرس الأمريكي، حيث أبدى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مواقف متشددة ضد السعودية، متوعدا بتغيير الاستراتيجية تجاه الرياض وولي عهدها، لاسيما فيما مسألة العدوان على اليمن وملف مقتل جمال خاشقجي، وتأكيده على معاقبة القتلة وايمانه بعلاقة وثيقة لبن سلمان بالجريمة.
وقد بدا هذا القلق واضحا على مستوى الاعلام السعودي اثناء سير الانتخابات وما رافقها من تصاعد حظوظ المرشح الديمقراطي، ولم تستوعب الامر الى الان، ولا يزال المحللون السعوديون يراهنون على فوز ترامب عبر القضاء وما شابه، وفي ذات الوقت الذي يقللون من تهديدات بايدن وجديتها، ويتساءلون عن مقاصده في دعم الديمقراطيات وحقوق الانسان في المنطقة مع بعض النصائح للتعامل مع الضيف الجديد حسب تعبير احدهم.
وفي الحقيقة ليست مشكلة السعودية ان يكون الرئيس القادم للبيت الأبيض جادا في تنفيذ تهديداته ام لا، في كل الأحوال على بن سلمان ان يكون مستعدا لمزيد من التنازلات ومضاعفة الاثمان والدفع من جديد، فما اخذه ترامب لن يصب في جيب بايدن، ويبقى السؤال: ماذا بقي في جعبة الرياض من أوراق وهل سيكون المزيد من حلب بقرة النفط هو الحل؟ ام تفتح السعودية لنفسها صفحة جديدة تعيد فيها الحسابات وتعترف بالاخطاء وتصلح علاقاتها في المنطقة والاقليم؟
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024