نقاط على الحروف
حسان اللقيس "مخرز العين"
سلمان علي
إنه واحد من الآباء المؤسسين للمقاومة. من هم الآباء المؤسسون للمقاومة؟ هم أولئك الذين قال لهم الناس "العين لا تستطيع أن تقاوم المخرز" فذهبوا إلى المستحيل ليجعلوا للعين مخرزًا يُبتّكون به قلب العدو.
حسان هولو اللقيس (1963-2013) ابن بعلبك مدينة الشمس (هليوبوليس) تفتحت عينه على شمس مدينته التاريخية، فتعلم من موقعها أن يضع عينه في مخرز التحديات. في 1982 يتخرج ابن العائلة المقتدرة من الجامعة الأمريكية تخصص (الهندسة الإلكترونية والحاسوب). تلوح في سماء مستقبله منحة لإكمال تخصصه في كندا، لكن عينه المشغولة بالسماء، كانت ترقب الطائرات الإسرائيلية وهي تجوب سماء بيروت الزرقاء، فيقرر أن يمنح حياته لإسقاطها.
لقد وثّق لنا جانبًا من هذه الحياة أحد اصدقائه حميد داوود آبادي في كتاب يروي خواطر متفرقة من سيرته وقد صدر باللغة الفارسية وقامت دار مودة للترجمة والتحقيق والنشر بالتعاون مع مؤسسة لبيك بترجمته واعادة تقديمه وتنقيحه تحت عنوان (عقل مبدع).
بدل أن يكون في كندا، ذهب في دورة تدريبية إلى معسكر الإمام علي في طهران عام 1982 وكان هناك يقلب مجسم طائرة، ويفكر في تطوير فكرة الطيارات المسيرة واستخدامها في الحرب.
في مدينة الشمس، سيؤسس صداقة مع سماحة السيد حسن نصر الله أشبه ببيعة روح، حتى صار المقربون يصفونها بعلاقة (العين والجفن). صار ملتقاهما في مقر (محبي الشهادة) الذي استهدفته "إسرائيل" في 1983م، تم تدمير المقر لكن الشهادة ظلت أمنية لم ينلها أي منهما، ولا نالها أحد في هذا المقر، إذ اقتصرت الخسائر على الماديات.
راح يعمل على تحويل العين إلى مخرز، صارت عين المقاومة موضوعه الشاغل، كيف نهندس هذه العين؟ كيف نمكّنها من الحصول على تكنولوجيا تكشف عمق العدو؟ كيف نغير معادلة العين والمخرز؟ كيف نحمي عين السيد؟ كيف نجعل إصبعه مخرزًا في عيونهم، يرقبونها ترتفع ملوحة وهم يرتعبون؟
كان اللقيس واحدًا من مهندسي معادلة (العين والمخرز) والمعادلة الأخرى التي عمل على فقعها "الليل للإسرائيلي". كان العدو بمناظيره الليلية ودبابات الميركافا قادرًا على أن يرصد حتى الأرنب لو تحرك في ليل الجنوب، وهذا ما جعله يفرض قانون منع الحركة في الظلام. صار التحدي بالنسبة للحاج حسان هو كيف يعمل ليل نهار ليجعل الليل والنهار للمقاومة لا للعدو.
في مجزرة (عين كوكب) 1994 بمدينة بعلبك، تم استهداف معسكر للمقاومة وسقط 26 شهيداً، وخلال شهر ظلت عيون اللقيس -(موسوعة التكنولوجيا العسكرية) كما يصفه المقربون ومطور البرنامج الصاروخي لحزب الله كما تصفه المواقع الإسرائيلية- والمقاومين معلقة في أطياف شهداء "عين كوكب"، حتى جاءت "عملية الريحان" لتضع معادلة جديدة في الصراع مع الإسرائيلي، حتى إن العدو اعترف بأن عيون حزب الله صارت تعرف الكثير وعلينا أن نغير أساليب قتالنا.
كلما قويت عين حزب الله انكشف العدو، وبان أنه أوهن من بيت العنكبوت، هذا ما تيقن منه الحاج حسان، فراح في إحدى الأمسيات يخوض مساجلة أخوية مع "عباسي" أحد الخبراء العسكريين الإيرانيين، استعرض خلالها قدرات عيون المقاومة، وحين انتهى عباسي من استفزازاته المقصودة، قال له بابتسامة: الآن أستسلم، فقال له اللقيس في ختام المساجلة بعين واثقة:"إذا احتجت لأي صورة أو خريطة لمواقع الكيان الصهيوني ومقراته، يكفي أن تخبرني، لأرسل الشباب فيعدوها لك، حتى لو كانت على عمق أربعين كيلومتراً ضمن خطوط العدو".
إشارة : كتاب العقل المبدع متوفر في دار المودة للترجمة والتحقيق والنشر مع امكنية طلبه على الارقام التالية : 0096170724300 / 009611270664
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024