معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

اللقاح الآمن: حقٌّ ومسؤولية‎
12/01/2021

اللقاح الآمن: حقٌّ ومسؤولية‎

    ليلى عماشا

    لا يحتاج اللئام في لبنان إلى التخصّص أو إلى الموضوعية إذا أرادوا بثّ لؤمهم فيما يخصّ موقف الجمهورية الإسلامية في إيران بشأن اللّقاح ضد ڤيروس كورونا. وقد لا يحتاجون أيضًا إلى تعليمة أو إشارة ببدء الهجوم، فالحقد على إيران بات جزءًا من محرّكاتهم الذاتية، حتّى إذا قيل لهم إنّ الشمس أشرقت في إيران، صاحوا جميعًا بصوت أبله واحد: لا، إيران لا تشرق فيها شمس!

    حسنًا، أشرقت في إيران المحاصرة شموس التقدّم والتطوّر والعلم حدّ مقارعة قوى الاستكبار في كلّ الميادين.. كما في الطاقة كذلك في الطب، وبالتالي ليس غريبًا أن يكون الحديث عن وصول اللقاح الإيراني إلى آخر مراحله التجريبية حديثًا جديًا وواعدًا يجعلنا نأمل بلقاح آمن مصدره بلد لا يحتاج إلى شهادة من أحد حول حرصه على الإنسان، كلّ إنسان.. بلد لم يصدّر يومًا دمًا فاسدًا ملوّثًا بڤيروس نقص المناعة المكتسبة كما فعلت فرنسا.. بلد لم يضع لوائح تمنع حصول العجّز وذوي الإعاقات على المساعدة الطبية بحال إصابتهم بكورونا كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية، بلد لم يتحدث المسؤولون فيه عن ترك الناس لمواجهة مصيرهم تحت عنوان "مناعة القطيع" كما جرى الحديث في بريطانيا.. بلد يرفض الخضوع ويرفض حتى خوض غمار صناعة السلاح النووي لأسباب شرعية وأخلاقية، في حين يواجه ترسانات الدول المسلحة بالنووي، وبانعدام الأخلاق.

اللقاح الآمن: حقٌّ ومسؤولية‎

    تحدث آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي بالتفصيل عن لقاح كورونا وعن الأسباب التي تجعله يمنع دخول اللقاحين الأميركي والبريطاني إلى بلاده. وجميعها أسباب منطقية وموضوعية وعلمية إذا ما قُرئت من زاوية التجربة الموثقة والوعي الحاضر والمسؤولية الأخلاقية تجاه الإنسان.

    وطبعًا لم يحتمل البعض مواجهة المنطق العلمي بمنطق علمي مضاد، وهو مطلوب إن وجد. على العكس، حاولوا طمس المنطق بطلاسم لا تنمو إلا في عقولهم وأدبياتهم. وحاولوا إظهار المنع الإيراني كنوع من العناد والمكابرة بمواجهة "الإنسانية الغربية"!

    لم يلتفت هؤلاء لمجموعة من النقاط التي من البديهي أن تكون حاضرة في أي موقف تتخذه إيران بهذا الشأن.
    منطقيًا، إيران تعمل وبجديّة وباحترافية على تصنيع لقاح مضاد لكورونا، وهو في طور التجربة على البشر. أليس من الطبيعي أن تكون الأولوية بالثقة تجاه الصناعة المحلية المراقبة والموجهّة والمبنية على أسس متينة بمتانة الدولة الإيرانية وحرصها على شعبها؟

اللقاح الآمن: حقٌّ ومسؤولية‎

   تتعرّض إيران وسائر دول محور المقاومة إلى هجمات متتالية في مختلف الميادين. ولا ننسى أن إيران دولة محاصرة يكاد يُمنع عن شعبها الدواء. ما الذي سيدفعها إلى الثقة بأن من يحاصرها مانعًا عنها الدواء سيهديها لقاحًا آمنًا؟ لا سيّما أن لإيران تجربة مريرة مع الدم الملوّث الذي قدّمته فرنسا لمرضى إيرانيين وأدى إلى مقتل ٢٥٠ مريضًا منهم!

    • إذا اضطرت إيران إلى استيراد لقاح أجنبي بحال عدم نجاح لقاحها الذي تحت الاختبار، ما الذي سيدفعها إلى التسليم للقاح غير موثوق قادم من أعدائها، بظل وجود لقاح آخر موثوق تصنّعه دول حليفة لها هي روسيا والصين.

    • ما الذي يجبر بلدًا سيّدًا ومستقلًا وقويًّا كإيران على الخضوع لهمروجة التسويق للقاح أميركي أو غيره؟ بمعايير السيادة التي كثر الحديث عنها في هذه الأيام، هل الإيراني ملزم بتبرير موقف يراه الأنسب لشعبه؟ طبعًا لا، فالتبرير الإنبطاحي هو من عادة الضعفاء، وإيران ليست ضعيفة.

    والآن، يمكن للحديث عن اللقاح أن ينتقل إلى مستوى آخر، مستوى محليّ يحاكي ما يتمّ تداوله عبر منصات التواصل.

    عبر وسم #لقاح_آمن عبّر المئات من الناشطين عن رأيهم الشخصي حول اللقاح. وإن كان الخوض في حيثيات اللقاحات والتجاذبات حول من يؤيدها ومن يعارضها هو حديث ذو بعد علمي وطبي وصحي، فإن الحديث عن معيار الأمان في اختيار اللقاح هو خيار شخصي وحر ولا يتطلب من صاحبه سعة معرفة بكيفية عمل اللقاحات وباختلاف التركيبات وبقراءة النتائج المخبرية.. ببساطة، يحق للمرء أن لا يثق مطلقًا باللقاح الأميركي لألف اعتبار موضوعي وذاتي. وكذلك يحق له أن يثق تمام الثقة بأمان اللقاح الذي قد تنتجه إيران لاعتبارات ذكرناها سابقًا تتعلق بمصداقية هذه الدولة وبحرصها على المعايير الأخلاقية أولاً في تعاملها مع صحة الإنسان. بل يحق للمرء أن يثق تمام الثقة أن اللّقاح الإيراني آمن فقط لأن سيّدًا وليًّا قائدًا يثق به، وإن كان في جمع اللئام من يرى لنفسه الحق بمنع الآخرين من التدقيق في معيار الأمان في اللقاح فليتقبل، مشكورًا طبعًا، تشكيكنا الموثّق بسقوط كلّ معايير الأمان الطبيّ عن لقاح يصنّعه أسياده، وليقبل أيضًا رأيًا فيه يقول إن حقده على إيران يجعله يتلذّذ بشرب السمّ الأميركي حتى آخر قطرة في كوب الذلّ، أو يجعله يتطوّع كفأر تجربة مطيع، لا يجرؤ على قول "أشكّك!"، ويتخلّى طوعًا وبكلّ ما أوتي من كراهية عن أي مسؤولية أخلاقية تجاه الناس، كلّ الناس، حين يدعوهم إلى الثقة العمياء بلقاح غير موثوق حتى بالنسبة إلى صانعيه، ويهزأ بهم إن قالوا نريد لقاحًا آمنًا.

   

لقاح كورونا

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل