نقاط على الحروف
حنين إلى الذبح على الهوية: حواجز تستهدف النازحين!
ليلى عماشا
على صهوة المطالبة بـ"حرية التعبير" وبالديمقراطية، حشد العالم في سوريا وضدّها كلّ أشكال الإرهاب: قتلة يتلذذون بارتكاب المجازر، تكفيريون وهابيون يتاجرون بالبشر، عصابات منظّمة تستهدف كل حياة وكل كرامة. تحت مسمّى "الثورة السورية" اجتمع كلّ شياطين الأرض ليشبعوا عطشهم الدائم للدم وللقتل ولاستباحة الأرض والعرض والكرامات.
لكن رياح الشرف جرت بما لا تشتهي سفن الأوباش، فكانت سوريا صخرة تحطّم عليها مشروعهم وتذوقوا فيها مرارة الهزيمة المذلة. خابوا ومعهم خاب كلّ من جهّزهم ودعمهم وأرسلهم وموّلهم وابتهج بفعالهم. وما أكثر الذين خابوا في لبنان، لا سيّما أولئك الذين توهموا أن الدولة السورية وعلى رأسها الرئيس بشار حافظ الأسد ستسقط حتمًا، وبنوا كلّ آمالهم على رمال هذا الوهم.
أدّت الهجمات التكفيرية الإجرامية في سوريا إلى نزوح أعداد كبيرة من العائلات السورية إلى خارجها، بحثًا عن الأمن ولو كان هذا الأمن مشبعًا في أحيان كثيرة بالمخاطرة وبالجوع وبالأحوال المعيشية السيّئة. وسرعان ما تحوّل نزوحهم هذا إلى ورقة يعتاش منها الكثيرون تحت مسمّى "الجمعيات الخيرية" التي تتسوّل باسمهم وتنهب ممّا تتسوّل ولا تعطي للنازحين إلا الفتات. تحوّلوا فعليًا إلى مشروع يدرّ الأرباح على من كانوا في الصفوف الأولى الداعمة لمن تسبّب بنزوحهم ولمن عاث في بلادهم قتلًا وإرهابًا. ولذلك، في كلّ مرة خرج فيها صوت منطقي يطالب بعودة النازحين إلى المناطق الآمنة، كان شركاء الدواعش في لبنان يستنفرون رفضًا ويصوّرون إصرارهم على استبقاء النازحين السوريين كحرصٍ على أمنهم، علمًا أنّ القاصي والداني يعلمان أن أبناء حواجز الذبح على الهوية، والمصفقين لمن يبدي إجرامًا أفظع في سوريا والمتحلقين حول صور القتل والتنكيل بالجثث بابتهاج لا يمكن أن تكون خلفيتهم في استبقاء النازحين خلفية شريفة أو على الأقل إنسانية.
انتصرت سوريا على ذبّاحيها ومعها انتصر محور الحق كلّه على مشاريع التفتيت الجديدة، وهُزم من قتل وذبح وشرّد ونهب وأرهب تحت شعار الديمقراطية وحق السوريين بالتعبير. ومن شدّة وقع الهزيمة على أهلها، نسي هؤلاء كلّ شعاراتهم التي رافقت الحرب في سوريا وتلتها، فخرجوا على قوافل النازحين الذين يريدون ممارسة حقهم الديمقراطي بالاقتراع في سفارة دولتهم في لبنان، ومارسوا ضدّهم كلّ أنواع التنكيل التي بلغت القتل!
نسوا، في غمرة خيبتهم، أنّهم طالبوا العالم كله بمنع عودة النازحين من لبنان إلى سوريا خوفًا على أمانهم، ثم نصبوا لهم حواجز القتل. ونسوا أن حجّتهم الأولى لدعم عصابات التكفير في سوريا كانت "حرية التعبير"، فألقوا الخطابات التي تهدد النازحين إن مارسوا حريتهم بالتعبير حبًّا وولاء لرئيس صان البلاد وصانهم.
ببساطة، تعرّوا في ساعة الخيبة من كلّ شعاراتهم المشوّهة، وظهروا بالبث المباشر عراة الوجوه والداعشية.. بشكل أو بآخر، يقرّ هؤلاء بتصهينهم وبداعشيتهم دون خوف ولا خجل بعد أن بلغ الصراع حدًّا لا يحتمل معه أي طرف أن يراوغ أو يتخفّى خلف الشعارات الرنّانة، وأيقنوا أن مشروعهم المهزوم قد أصبح ماضيًا، فخرجوا عن طورهم غضبًا، ومارسوا الاستقواء الدموي على عُزّل يحبّون بلادهم.
في هذه الأثناء، وفيما عائلات سورية نازحة تداوي جراح أفراد منها تعرضوا للضرب المبرح على حواجز "الديمقراطيين" في لبنان، يقطر الدم من أنياب مجرمين داعشيين يحنّون أبدًا لحواجز الذبح على الهوية، كحنين المرء لأول منزل.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024