معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

المشروع الأميركي للبنان بلا قفازات: الدعم لقاء مواجهة حزب الله
30/07/2021

المشروع الأميركي للبنان بلا قفازات: الدعم لقاء مواجهة حزب الله

مع اقتراب الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، يتزايد الحديث عن الدعم الأميركي لمنظمات وشخصيات تصنّف في غالبها ضمن ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني. لم يعد خافيًا أن طموح واشنطن هو استبدال الطاقم اللبناني من المسؤولين الذين فشلوا نسبيا في تحقيق ارادتها بمواجهة حزب الله في لبنان، بطاقم "مدني" جديد، تستطيع من خلاله تمرير مشاريعها، وتحقيق أهدافها.

ولفهم الدعم المتزايد، والنشاطات المتكاثرة لمنظمات جديدة - قديمة في لبنان، كتقديم قروض ميسرة وتنظيم أعمال بيئية وكشفية والانخراط في نشاطات صحية وغيرها، لا بد من الاستماع جيّدًا الى ما يقوله المسؤولون الاميركيون بأنفسهم.

يقول المساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر إن "ادارة بايدن تسعى إلى الاستقرار في لبنان إلا أنها وبشكل حكيم غير مستعدة لدفع ثمن ذلك دون قيد أو شرط". في اقرار واضح بأن أي "مساعدة" للبنان لن تكون دون شروط، يعرف الجميع أنها - الشروط - لا ترتبط بالاصلاحات كما يدعي الأميركيون، بل بأمن حليفتها "اسرائيل".

بحسب شينكر يمكن أن تزداد الأزمة في لبنان سوءًا وستزداد سوءًا قبل أن تتحسن. ويوضح في شهادة أدلى بها أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب حول "الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومكافحة الإرهاب العالمي" أنه "المرجح أن لا يتجاوز برنامج صندوق النقد الدولي في لبنان - إذا ومتى حدث - 5 مليارات دولار وسيتم توزيعه بشكل تدريجي على أساس تنفيذ الحكومة لالتزاماتها، ولن يكون ذلك رصاصة فضية، بل إن تعافي لبنان حتى في أفضل السيناريوهات سيحتاج إلى عقود.. سيعاني أصحاب الحسابات اللبنانية من إقتطاع أموالهم. وأثناء ذلك، سيزداد التدهور الأمني، ومع زيادة الإحباط والجوع، ستزداد الجرائم الصغيرة والعنيفة، وسيتم اختبار نزاهة المؤسسات اللبنانية بما في ذلك الأجهزة الأمنية، على هذه الجبهة، سيكون الشاغل الأكبرهو تماسك الجيش اللبناني".

 ومن بوابة الجيش اللبناني، يدخل شينكر الى عمق ما يريده الأميركيون من لبنان وجيشه، بعيدًا عن أقنعة نشاطات المجتمع المدني البيئية والوجوه الشبابية المتجددة. يعترف شينكر أن إحدى مبتغيات الادارة الأميركية من دعم الجيش اللبناني تتمثل بابعاده عن حزب الله، بل انه ذهب بعيدًا في الحديث عن شرووط سياسية واضحة مقابل هذا الدعم: "كثيرًا ما يستشهد منتقدو دعم الجيش اللبناني والولايات المتحدة للمؤسسة بعلاقة الجيش اللبناني - وبالطبع النخبة السياسية - مع حزب الله للدفاع عن حجب هذه المساعدات، هذا التعاون إشكالي ويجب معالجته. يجب على واشنطن أن تُلزم الجيش اللبناني بمعايير عالية. للقيام بذلك، يجب على إدارة بايدن الانخراط في عملية زيادة التمويل الأمريكي لاستبعاد كبار الضباط الموالين لحزب الله. كما يجب على إدارة بايدن أن تشترط مساعدة الجيش اللبناني بإنهاء ممارسته الفاحشة المتمثلة في استخدام المحاكم العسكرية لاستهداف منتقدي حزب الله في الداخل والخارج".

دق اسفين بين الشعب والجيش من جهة، وبين الجيش وحزب الله من جهة ثانية، هي واحدة من التكتيكات الأميركية القديمة التي لطالما اتبعها الاميركيون في لبنان، وفشلوا بها. وانطلاقًا من ادعاءات شينكر هذه، يمكن فهم الكثير من الأصوات اللبنانية المتماهية مع السياسية الأميركية، والتي لا تنفك تثير التلفيقات والقصص والروايات المختلقة حول سيطرة للحزب على ضباط في الجيش أو عن تدخل مزعوم لحزب الله في القضاء وصولًا الى الادعاء بتحويل مراكز للبلديات في بعض القرى لصالح الحزب. كل هذا الكم من الادعاءات والترويج لها ثم نشرها في بعض وسائل الاعلام المحلية لتتم ترجمتها لاحقا ونشرها في الاعلام الأجنبي، يصبح مفهومًا لدى قراءة العقل الأميركي.

وبالحديث عن المنفذين اللبنانيين للسياسات الأميركية، من اعلاميين وسياسيين وفنانين و.. لا بد من الاستماع جيّدًا الى توصية شينكر في هذا المجال: "يجب على واشنطن الاستمرار في التعامل مع الجهات الفاعلة المحلية ودعمها (إلى أقصى حد ممكن) لا سيما الذين يشاركوننا القيم الأمريكية ويطمحون إلى ممارسة السيادة. في الوقت نفسه، بينما تساعد الولايات المتحدة في تخفيف المعاناة الإنسانية في لبنان، ينبغي أن تستمر في استهداف حزب الله مالياً".

هو جوهر القضية اذا، يعيش لبنان حالة من الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي، تعمل واشنطن على تعميقه وترسيخه ومن ثم استغلاله، للانقضاض على حزب الله. ومن هنا حتى الانتخابات النيابية، سيشهد اللبنانيون الكثير من مهرجانات المجتمع المدني وشخصياته، القائمة على شعارات فضفاضة تحاكي المواطن اللبناني الواقع تحت الانهيار الاقتصادي، بكثير من السطحية، كتوزيع بضع كمامات هنا وحملات تشجير هناك أو تبرع بالدم في مكان ما، طبعًا مع أجواء اعلامية مرافقة مطبلة ومصفقة لهذه الوجوه الجديدة التي ستخلص اللبنانيين من فساد طبقة سياسية حكمت لعقود.. وللصدفة أيضًا برعاية أميركية تامة.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف