معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

تهاني القحطاني: نموذج عن مذلة التطبيع
31/07/2021

تهاني القحطاني: نموذج عن مذلة التطبيع

ليلى عماشا 

للألعاب الرياضية روحها التي تجعل من الخسارة في منافسة محلية أو دولية مسألة لا تستوجب السخرية أو التقريع عادة، لكن المشهد الذي ضجّت به منصات التواصل عن خسارة اللاعبة السعودية تهاني القحطاني بمواجهة اللاعبة "الإسرائيلية" استوجب هذا الكم من السخرية المستحقة، ليس لنقص في الروح الرياضية لدى الساخرين، وانما لانعدام الروح الوطنية لدى الخاسرة تهاني، وكل ما رافق انعدام هذه الروح من غياب للالتزام الأخلاقي والقيمي وحتى الديني. علمًا أن موجة السخرية التسونامية هي دليل خير، ودليل فطرة واعية وحاضرة في جمهور يراد له التطبيع، ويصرّ على العداء الطبيعي تجاه وجود "اسرائيل" الذي لن يصبح طبيعيًا أبدًا.

يختصر المشهد حكاية السعودية وغيرها من اللاهثين الطالبين للرضا الصهيوني، الخاسرين مهما بلغ حجم التنازلات التي يقدمونها، الباعثين للسخرية في كلّ نفس عزيزة.. فالخسارة بحدّ ذاتها شرف في مواجهة حُفظت فيها الأخلاق والهوية والمبادىء، أما حين يسقط كلّ هذا قبل الصعود إلى منصة المواجهة، فالربح ليس بطولة، والخسارة ليست إلا انعكاس مقرف لما سبقها.

عمليًا، وافقت اللاعبة السعودية، مهما كانت أسبابها على خوض مباراة رياضية مع "صهيونية"، وهو ارتكاب قد تنال عليه تصفيقًا من النظام الخائن الذي تمثّله في الألعاب الأولمبية، لكنّه في قاموس الشعوب خيانة موصوفة. وهذا تمامًا ما حدث مع كلّ وجوه الأنظمة التي طبعت أو تتجه إلى التطبيع مع الصهاينة، ينالون تصفيق من مثلهم، والكثير من اللعنات في قلوب الناس وعلى ألسنتهم.

تخلّت كذلك، قبيل المواجهة، اللاعبة السعودية عن هويتها الدينية بمجرد القبول بشرط نزع الحجاب، وهو يُعدّ تنازلًا رخيصًا إذ يدور حول مسألة الحرية الشخصية والقرار الشخصي، والتنازل عنه لأجل إرضاء الآخر، أيًّا كان هذا الآخر، هو سقوط أخلاقي مدوٍّ. هذا السقوط لا تبرره روح رياضية، ولا يصبح مقبولًا إذا سبقتها إلى ألف سقوط يعادله أنظمة ودول تخلّت عن وجوه هويتها لصالح القبول الغربي والصهيوني.

أما في حيثيات المباراة فقد بدت اللاعبة السعودية آتية بكل عتاد التنازل والانبطاح لتنال نصيبًا وافرًا من الضربات بدون أي مقاومة ولو صورية، أو لتكون "كومبارس" ترك للصهيونية المجال الأوسع لتنفيذ كلّ مهاراتها. المشهد ينقل حرفيًا حال الأنظمة المطبّعة مع الصهاينة.. فهم يتعاملون معهم بكلّ مظاهر التعامل التي يقدّمها عبدٌ لسيّده، وبكلّ جهوزية لتقبّل الإذلال برأس منخفض وإرادة مسلوبة..

وبعد الثواني المعدودة التي انتهت بخسارة اللاعبة الخاسرة أصلًا، يقضي البروتوكول الرياضي بتبادل التهاني بين اللاعبين.. والمشهد أقرب إلى الذلّ منه إلى أي عنوان آخر، ويذكّر بابتسمات ممثلي الأنظمة المطبعة بعد توقيعهم على ما يريد الصهاينة بعد كلّ لقاء يجمعهم.

بشكل أو بآخر، صبّ الناس غضبهم بلغة ساخرة على كل ما رأوه في هذا المشهد "الرياضي"، فصارت تهاني القحطاني صورة عن "عرب التطبيع والتسويات والتنازلات" ونموذجًا عن شكل المواجهة التي يريد لنا الغرب أن نخوضها مع الصهاينة في كلّ الميادين: الشكل المنبطح والذليل والخاسر والمتنازل والخاضع لقواعدهم في اللعبة..

بقي أن نحمد الله أنّنا من تلك الفئة التي تضع قواعد المواجهة، والتي تعادي الصهيوني بكامل هويّتها ولا تواجهه إلّا في ميادين القتال، ولن تقرّ له لا في محفل رياضيّ ولا في ساحة دولية.. الفئة التي حفظت وتحفظ كرامة الشعوب مهما سعت أنظمة التصهين إلى سحقها.. الفئة التي انتصرت، وستظل تنتصر حتى زوال اسرائيلهم من الوجود

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف