نقاط على الحروف
3 ملايين دولار الكلفة الامنية لِعُطَل بايدن في 43 اسبوعًا
د. علي دربج(*)
قد يبدو الامر بالنسة لنا عاديا كلبنانيين، إذا سمعنا او قرأنا ان المسؤولين في بلدنا يكبدون الخزينة المموّلة طبعا من جيوبنا، سنويًا، المليارات، التي ينفقونها على اسفارهم وتنقلاتهم ورفاهيتهم وعطلاتهم الاسبوعية.
هنا لا غرابة في ذلك، فالفساد والسرقة وعدم التفريق بين المصالح الخاصة والعامة، جميعها سلوكات كانت وما زالت، في الاغلب، جزءا لا يتجزء من ثقافة الحكم في لبنان.
لكن الجديد ان تبديد الاموال العامة قد تحول الى اشبه ما يكون بـ"مذهب سياسي" له انصاره ومؤيدوه من ساسة وقادة كبار، ليس في لبنان فحسب، بل وغيره من بلدان العالم، ومنها امريكا، وإن بشكل مختلف واقل بكثير مما هو قائم في بلادنا. وبعيدا عن السرديات المثالية للحكام في الغرب، ومع الاعتراف انه من الاجحاف مقارنتهم بأرباب السلطة في وطننا، فالرؤساء الامريكيون السابقون والحاليون، منغمسون ايضا في هدر الاموال العامة، على مسائل شخصية وعائلية، والرئيس جو بايدن لا يشذّ عن هذه الحالة.
واليكم التفاصيل:
في الوقت الذي قد يتصارع فيه الامريكيون حول كيفية وضع الطعام على المائدة -بحسب توصيف صحيفة "نيويورك بوست" الامريكية- بسبب الارتفاع الحاد في اسعار السلع والمواد الغذائية اليومية، ظهرت الى الملأ اخبار ترف الرئيس الامريكي جو بايدن، خصوصا تلك المتعلقة بتكاليف عُطل نهاية الأسبوع العادية للرئيس، مضافًا اليها عدد قليل من الرحلات في منتصف الاسبوع إلى مسقط رأسه في مدينة "ديلاوير" الامريكية، والتي بلغت ما يقرب من 3 ملايين دولار على اجراءت الامن وحدها، وفقا لسجلات نفقات الخدمة السرية في الولايات المتحدة، المسموح الاطلاع عليها، بموجب قانون حرية المعلومات هناك.
تشير السجلات الى انه جرى انفاق حوالي 1.96 مليون دولار على التفاصيل الأمنية لبايدن، والتي تضمنت 16 رحلة إلى منازله في "ديلاوير" هذا العام، هذا دون احتساب تسع رحلات أخرى، من المرجح أن يرتفع معها المجموع، إلى 3 ملايين دولار. للعلم القيام بهذه الرحلات تم خلال 43 أسبوعا فقط.
ليس هذا فحسب، فثمة امر مخفي، الا وهو ان التكلفة الحقيقية لدافعي الضرائب أعلى، لأن البنتاغون لم يفرج بعد عن تكاليف رحلات طائرات الهليكوبتر التابعة للرئاسة.
تغطي النفقات الموثقة، في معظمها، الفنادق وتأجير السيارات لعملاء الخدمة السرية، فضلا عن تذاكر السفر جوا، والقطارات، لذهابهم إلى "ديلاوير".
وماذا عن ترامب واوباما؟
ما لا تعرفه عزيزي القارىء، هو ان الرؤساء الامريكيين لديهم عادات متفاوتة بشكل كبير في عطلة نهاية الأسبوع. غادر الرئيس السابق دونالد ترامب البيت الأبيض بانتظام في عطلات نهاية الأسبوع لزيارة منتجعاته. فيما الرئيس باراك أوباما نادرا ما كان يقوم برحلات شخصية في عطلة نهاية الأسبوع. اما المثير في الامر فهو ان التكلفة الامنية لعطلات بايدن كانت اكبر من سلفه ترامب.
فتكاليف الخدمة السرية لبايدن، والتي تبلغ قيمتها 3 ملايين دولار تقريبًا لمدة 77 يومًا، وزار فيها منازله في "ديلاوير"، تفوق بكثير مثيلتها، من الخدمة السرية البالغة 2.4 مليون دولار لحماية ترامب خلال 99 يومًا، قضاها في ملعب الجولف بـ"دمينستر ـ نيوجيرسي" على مدار أربع سنوات.
أكثر من ذلك، فإن التكاليف التي تتكبدها وكالات أخرى غير الخدمة السرية يمكن أن تزيد المبالغ بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، كلفت أربع إقامات لترامب في منتجعه الساحلي "Mar-a-Lago" في "فلوريدا" في أوائل عام 2017، حوالي 13.6 مليون دولار، منها 10.6 مليون دولار للطائرات والقوارب الرسمية. وكلّفت كل رحلة لترامب خفر السواحل حوالي مليون دولار. ودائما الارقام تعود لسجلات نفقات الخدمة السرية كما اوردها موقع صحيفة "نيويورك بوست" الاميركية.
بالمقابل، زار بايدن منزله في "ويلمنجتون ـ ديل" 22 مرة، ومنزله على شاطئ "ريهوبوث" ثلاث مرات، منذ توليه منصبه. وفي الشهر الماضي، قام بنزهة على الشاطئ مع السيدة الأولى جيل بايدن، بينما كانت سفينة تابعة لخفر السواحل تقوم بدوريات في عرض البحر. وكذلك، ذهب بايدن إلى "كامب ديفيد" في ولاية "ماريلاند"، في 11 عطلة نهاية أسبوع.
وفي هذا الاطار، قال "غريغ جينكينز"، مدير التخطيط المسبق في البيت الأبيض في عهد الرئيس "جورج دبليو بوش"، إنه "من وجهة نظر لوجستية، يتعين على السلطات القيام بعمل أقل لتأمين وجهات الرؤساء". واوضح "جينكينز" إنه "على الرغم من أن مزرعة بوش في "كروفورد بولاية تكساس"، كانت بعيدة جدًا عن الرحلات المنتظمة في عطلة نهاية الأسبوع، فقد تم إعداد مقطورة للسماح باتصالات آمنة عندما يزورها بوش".
واضاف "جينكينز": "كلما حصل الرئيس على بعض الوقت لنفسه، كلما كان ذلك أفضل". وقال "أعتقد أن الأمر يتعلق حقًا بالسؤال التالي: هل ينتبه الرؤساء إلى ما يحتاجون للتركيز عليه عندما يكونون بعيدين عن البيت الأبيض؟ وليس لدي سبب للاعتقاد بأن الرئيس بايدن لا ينتبه لما يحتاج إلى الاهتمام به ".
مؤخرا، استضاف بايدن في منزله، في "ويلمنجتون"، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "تشاك شومر" (ديمقراطي من نيوجيرسي) والسناتور "جو مانشين" (ديمقراطي من ولاية فرجينيا) لإجراء محادثات تشريعية، ولكن يُعتقد أن الكثير من عطلات نهاية الأسبوع التي يأخذها الرئيس، يقضيها في الاسترخاء مع أفراد اسرته.
المفارقة هنا ان مسؤولا سابقا في البيت الابيض في عهد الرئيس "دونالد ترامب"، سخر من هذا الامر قائلا: "معظم الأميركيين يعرفون أن بايدن يتم إخفاؤه لأنه غير مؤهل للمنصب"، واضاف "ما قد لا يدركونه هو أنهم يدفعون مبالغ مالية جنونية من أجله ليُدس في السرير في ديلاوير في نهاية كل أسبوع".
وتعقيبا على كل ما تقدم قال "توم فيتون"، رئيس "منظمة المراقبة القضائية"، التي حصلت على السجلات بموجب قانون حرية المعلومات، "إن تكاليف السفر الرئاسي والأمن ذات أهمية عامة واضحة". وإذ أشار "فيتون" إلى أن "السجلات غير مكتملة" رأى "إنه لأمر محبط أنه بعد سنوات من التقاضي من خلال إدارتين رئاسيتين، لا تزال الخدمة السرية والقوات الجوية تعرقل تكاليف السفر الرئاسي". ويقصد بذلك انه لا يتم الافصاح عن جميع التكاليف الحقيقية للرئيس.
هذا في امريكا، اما في لبنان، فمن المعلوم ان ميزانيات الرئاسات والوزارات تنشر في الجريدة الرسمية، وهذا لا جدال فيه (وهي تقتصر على مستلزمات الوظيفة)، لكن الطامة الكبرى، انه لم يفرج يوما عن اية معلومة، او حتى قصاصة، تفنّد نفقات الرحلات والعطلات الخارجية (كما راينا اعلاه مع الرؤساء الامريكيين). لا تتعجبوا فهذه كانت وستبقى ضمن الاسرار التي لا يعلمها الا الله وحده. ايها اللبنانيون انتم على ابواب الانتخابات، والبقية تعرفونها.
(*) باحث ومحاضر جامعي
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024