معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

 "النهار" تحرّف الوقائع وتزوّر عناوينها
07/12/2021

 "النهار" تحرّف الوقائع وتزوّر عناوينها

فاطمة سلامة

في عصر "اللامهنية" الإعلامية علينا أن نتوقّع كل شيء. بات التحريف والتزوير والتمييع للحقائق "وعلى عينك يا تاجر" سمة تلازم الكثير من الوسائل الإعلامية للتلاعب  بالعقول وتضليل الرأي العام. واذا كانت "أخلاقيات الإعلام" مادة أساسية تُدرّس في الكليات فإنها ليست مبدأ أساسيًا في عمل مؤسسات لا ترى في الإعلام سوى منصّة لتنفيذ أجندات معدّة مسبقًا ومنصّة للتلاعب بعقول الرأي العام وتشكيل وعي مزيّف لا يمت للحقيقة بصلة. 

والمفارقة أنّ هذا النموذج من المؤسسات يعرف الحقائق ويحرّفها، فهو لا يُزوّر فقط وقائع يُشتبه بها أو تشكّل جدلًا في أوساط الرأي العام بل يزوّر أيضًا وقائع واضحة وضوح الشمس ولا تحتمل التأويل والتضليل في محاولة للاستخفاف بالجمهور وتشويش أفكاره. 

وتستخدم المؤسسات الإعلامية في سبيل تضليل الرأي العام الكثير من الأساليب في الشكل والمضمون. في الآونة الأخيرة برزت مسألة "اللعب على العناوين" لجعلها جذابة طمعًا بـ"الريتينغ" وحصد المزيد من القراءات، فبتنا نرى عناوين غير مطابقة كليًا للمضمون كأن يتحدّث العنوان عن شيء والمتن عن شيء مغاير تمامًا. كما بتنا نرى عناوين "مزوّرة" و"ملغومة" لا تمت للواقع بصلة، وهذا ما قرأناه فعلًا في أحد الأخبار التي أدرجتها  "النهار"-العربي والذي جاء بعنوان:""صفحة جديدة"... إيران تسعى إلى توطيد علاقاتها مع الإمارات"، مع العلم أنّ المهنية والواقعية والموضوعية لا تفترض حُكمًا "قلب الحقائق" بل "قلب العنوان" ليصبح: ""صفحة جديدة"...الإمارات تسعى إلى توطيد علاقاتها مع إيران". طبعًا، كتابة العنوان بهذه الطريقة لا تفرضه الميول والاتجاهات السياسية. كتابة العنوان بهذه الطريقة محكوم بجملة من الوقائع والحقائق الملموسة التي لا يمكن حجبها تمامًا كما لا يمكن حجب الشمس بالغربال. 

أولًا، يعلم القاصي والداني أنّ مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان هو من زار إيران والتقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لا عكس ذلك، وإن كانت زيارته تلبية لدعوة مسبقة. ثانيًا، من يطّلع على تصريح طحنون بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس الإيراني يكتشف بما لا يقبل الشك السعي الإماراتي لتحسين العلاقات مع إيران. آل نهيان قال حرفيًا "نحن أبناء هذه المنطقة ولدينا مصير، لذا فإن تطوير العلاقات بين البلدين هو على جدول أعمال الإمارات"، معربًا عن أمله في أن يبدأ فصل جديد في العلاقات بين البلدين. 

ولتذكير من صاغ الخبر وعنوانه أيضًا فإنّ تصريحات المسؤولين الإماراتيين قبيل الزيارة المذكورة غرّدت أيضًا في سرب التوجه الإماراتي لفتح صفحة جديدة مع إيران. المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش صرّح قبل أيام قليلة من زيارة بن زايد آل نهيان أنّ بلاده سترسل وفداً إلى إيران لبحث العلاقات بين البلدين وتحسينها. تمامًا كما صرّح قرقاش أن الحوار والتعاون الاقتصاديَّين يشكلان جزءا من إجراءات بناء الثقة مع إيران (..) وأنّ الهدف يكمن في "فتح صفحة جديدة في العلاقات". طبعًا، نحن لا نقول إنّ إيران ترفض تحسين العلاقات مع الإمارات، بل على العكس من ذلك فقد رحّب الرئيس الإيراني بتطوير العلاقات مع الإمارات خلال لقائه الضيف الإماراتي، ولكن الطريقة التي صيغ فيها خبر الزيارة توحي بأنّ إيران هي من تبادر وتسعى ومن جانب واحد لتحسين علاقتها بالإمارات وفتح صفحة جديدة معها في محاولة لتشويش الرأي العام وتضليله.

الإعلام

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف