معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

سنظلّ بخير..
04/04/2022

سنظلّ بخير..

ليلى عماشا

بخير رغم التأزّم المهول على مستوى الوضع المعيشيّ الذي لم يكفّ عن الانحدار حدّ بلوغ الكثير من العائلات ما تحت تحت خطّ الفقر، والغصّة التي تحتل أعين الناس الحائرة في الأسواق تشهد.

بخير رغم استقواء المحاصِرين وإصرار المتآمرين على تكثيف مفاعيل الحصار، وقدرة الناس على مواجهة الحصار بالثبات على الخيارات الكبرى تشهد.

بخير رغم الجشع الذي كشف وجوهًا شيطانية تراكم الأرباح من وجع الناس وحاجاتهم الأساسية، وتكلفة وجبة الطعام بحدّها الأقل كمًّا ونوعًا تشهد.

بخير رغم هول الجرح في عزّة المتعفّفين اذا اضطرهم ضيق الحال إلى طلب المساعدة أو انتظارها، وبخير رغم القهر المخفيّ خلف جدران البيوت المستورة العاجزة عن سداد تكاليف الحد الأدنى من حاجاتها الحيوية، وتمتمات الحمد التي تُتلى بأصوات الفقراء في نهاية كلّ يوم صعب تشهد.

بخير رغم العتم الذي يكسو منازل من يعجزون اليوم عن دفع فواتير "الاشتراك" وحافظوا على بصيرتهم فما اختلط في أذهانهم وجه القاتل بوجه الحامي، وما انجرفوا في تيّار من يحمّل أهل الكرامة والشرف مسؤولية القهر اليوميّ.

بخير رغم الاستغناء الاضطراري عن الدواء المسكّن للأوجاع المستعصية، فهذا النوع من العلاجات سقط من أولويات الفقراء، والتنهيدات العابرة من أمام الصيدليات تشهد.

بخير رغم التآمر الواضح ضد النّاس تنفيذًا للأجندات الأميركية ومتفرّعاتها، وعبارات السخط على شيا ومن تمثّل تشهد.

بخير رغم الموسم الانتخابيّ الذي يحاول استخدام القهر والوجع والحاجة بابًا للعبور، بشعارات خاوية كأصحابها، إلى منصب "نائب"، وعلى صهوة تحميل سلاح المقاومة زورًا مسؤولية التأزّم، ونقاء فطرة الواثقين بـ"نحمي ونبني" تشهد.

سنظلّ بخير، وما المعاناة إلّا رصيدنا الذي يتراكم في مخازن قدرتنا على الاحتمال وعزمنا على المواجهة ويقيننا بالنصر وحتميّته.

سنظلّ بخير لأن مفهومنا لعبارة "بخير" يتخطّى همومنا اليومية الثقيلة، ولا يكتمل إلّا بمعاني الإباء والكرامة والمقاومة والحرية.

ما نعيشه اليوم ليس سهلًا. وإنكار هذه المعاناة أو تجاهلها هو تقليل من عزيمتنا المشهود لها بالقوّة وبالحكمة. وما نصبر عليه اليوم ليس مجرّد فقد للكماليات، أو لمتمّمات الترف. نحن نعاني في أدقّ تفاصيل حياتنا. نتألم في كلّ تفصيل منها. لكننا بخير لأنّنا رغم المعاناة والألم، لم نتخلّ عن أنفسنا، لم نهادن قاتلنا ولو في برهة من خيال، لم نفقد القدرة على تمييز الحق من الباطل ولو كانت أيامنا ترزح تحت ثقل المرحلة.

أن نكون مع خيار المقاومة والمواجهة والتحدي المستمر والمتواصل لكلّ ما يمثّل قوى الشرّ في الأرض والتي يمكن اختصارها بأميركا ونحن على هذا القدر من الألم يعني أن لا شيء سيكسرنا. أن نستطيع فهم أنّ حجم وجعنا كلّه إنّما هو، على اتساعه، قطرة من حجم التضحيات التي بُذلت كي لا يعرّينا أحد من كرامتنا وعزّتنا، وأن نعي أهمية هذا الصّبر ودوره في تعزيز آليات المواجهة، وفي كشف حقائق المعسكرات التي جُهّزت لكسر إرادتنا، كلّها دلائل واضحة على صحة خياراتنا ومتانة انتمائنا إلى معسكر المقاومة الممتدّ في كلّ أرض تعي أن أولى علامات المؤمن بالحبّ والحريّة هي فهم وممارسة شعار "الموت لأميركا"، مهما كان الثمن.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل