نقاط على الحروف
سنواتُ ضياعِ جعجع.. عنتريات في الهواء
لطيفة الحسيني
أفقدت المعركة الانتخابية عقول "القوات"، إن وُجد بينها عاقل. وثِق حزب سمير جعجع بماكيناته وأرقامها. ظنّ أن الفرق شاسع بينه وبين الأصوات التي حصدها "التيار الوطني الحرّ"، ما خوّله أن يكون الممثل الأكبر للمسيحيين في لبنان. لكن مهلًا، مع تقدّم ساعات اليوم التالي للانتخابات، بدأت الصورة تتبدّل، لا سحق، لا اكتساح، لا كسر حتى. العونيون لم يُهزموا، وجبران باسيل باقٍ وينتزع مقاعد أيضًا وأيضًا.
مع بدء فرز الأصوات، تقول النائب ستريدا جعجع لزوجها "30 سنة خلصوا.. يقبرني.. في الله". تحتفل بانتصار مُفترض قبل تأكيده وحسمه. ترقص وتثمل وتهزّ والكلّ يُشاهد. ماذا حلّ بـ"الجماعة"؟ في هذه اللحظة، لم تتذكّر سوى الأعوام الثلاثين. فلنعُد إليها. هذه البهجة التي تريد الزوجة أن تُظهرها لمن يراها، يُفترض أنها ستُغلق "سنوات ضياع" زعيم ميليشيا الحرب بين الزنازين. تتوق الى أيّام المعارك الذهبية، حين كان الإجرام على سجيّته. تحنّ الى المعابر والحواجز التي كانت تأتمر بالقائد العسكري لـ"القوات". تتحدّث في تلك "الوقفة" عن الثلاثين عامًا التي انتهت. تُطرب وكأنها ستعود الى فترة ما قبل "الاعتقال"، لا بل كأنها تتحضّر للثأر من الخصوم.
التعبير الأكثر وضوحًا في هذين اليوميْن عن الخيبة سُجّل في برنامج "صار الوقت" على محطة الـMTV، منبر "القوات" الأبرز. على مضض، ينعى مارسيل غانم لزميلته ديما صادق حصول التيار على 21 مقعدًا خلافًا للأرقام المُعلنة. "باي باي يا حلوين" قالتها لمرشّحي التيار، لأنها تخيّلت أن أحباءها في القوات تفوّقوا و"كسحوا" المقاعد المسيحية. الصدمة تشاركتها وغانم. لم يجترعا تبدّل النتائج. العيون تحكي شعور الانكسار البادي. اللحظة تُحفظ جيّدًا في أرشيف إحباط "التغييريين" المُقنّعين، لتذهب الجهود المُسخّرة سدى. أين "تسونامي" القوات؟ أين الكتلة المسيحية الأكبر؟ أبصرت النور لساعات ثمّ تبخّرت!
هؤلاء الذين يعتلون المشهد ويخدعون جمهورهم بهزيمة نكراء حقّقوها أمام التيار لا يفقهون سوى الشعبوية. يُسارعون الى إعلان تزييف مقصود. يعرفون أن النتائج لا تعكس نصرًا، لكنهم يُصرّون على نشر ما يصبّ في مصلحتهم. يُغيّبون خسارة مقعد بشري لصالح المردة، وهو ما يُعدّ ضربة تُعادل جميع المقاعد المحسوبة سلفًا لحزب جعجع، ويُنقّبون عن "خبريات" في أسرار الصحف لانتزاع فوزٍ وإبرازه عنوانًا رئيسًا على صفحاتهم.
الوزيرة السابقة مي شدياق هي الأخرى عبّرت على طريقتها الحادّة والمُعتادة عن التوتر الذي يُخيّم على القواتيين عقب تبدّل النتائج. متكئةً على تاريخ الحزب الدموي، اختارت أن تُعاير رئيس التيار بنظافة سجله من المآسي والمجازر، مُصنّفة ذلك بالـ"جُبن"، أو حرفيًا ما قالته: "يمكن لأنك جبان وما بحياتك خضت معركة...". الجرأة في مفهومها تكمن في الحروب والجرائم، هذا ما يشفي الغليل لدى أشباهها.
على الأطلال تقف "القوات" اليوم. كلّ موقف يُعلن يُرجعها الى ماضيها. الالتصاق به ثابتٌ والحياد عنه مستحيل. جعجع وأتباعه وداعموه الإقليميون يُدركون عند كلّ "مفترق" أو استحقاق محلي أنّ من يضحك كثيرًا هو من يضحك أخيرًا، و"عنتريات" البدايات سريعًا ما تذهب مع الريح. أمّا الارتواء من المذابح فلا يقود سوى الى الجحيم ومشانقه.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024