معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الثورة المضادة لمكافحة الفساد وبناء الدولة؟!
18/03/2019

الثورة المضادة لمكافحة الفساد وبناء الدولة؟!

غالب أبو زينب
إن الخطوة التي أقدم عليها وزير الإتصالات محمد شقير، بعدم موافقته على الإستدعاء المقدم من القضاء المالي بحق مدير عام مؤسسة "اوجيرو" والحديث عن أنه لم يقتنع بالموضوع وأن المسائل سياسية، تحمل في طياتها دلالات كثيرة متعلقة بإتجاهات المرحلة المقبلة ومسألة فساد الدولة ومكافحة الفساد، وما يمكن الوقوف عنده أنيا:

١. من الواضح أن قرار الوزير القادم من عالم المال (يصنفه البعض من حيتان المال) لم يكن تلقائياً بل هو تنفيذ لأمر واضح ممن أتى به إلى هذا المنصب. والواضح أن خبرته الضحلة في السياسة لم تسعفه في تقديم إخراج يحفظ ماء الوجه بل جاء بفجاجة رثة.

٢.إن كلام الوزير شقير الذي حاول من خلاله إعطاء شهادة تفوق لإدارة "اوجيرو" وبطريقة تجارية أسقطها بدائياً على السياسة، لا تستطيع أن تقنع أحداً، خاصة في ظل سيل الادعاءات والوثائق والاخفاقات المتوالية للوزارة بفارسها السابق وموازنته العتيدة وعلنية أفعاله المعروفة جيداً، ناهيك عن كل الشبهات والتوظيفات والتوزيعات المثبتة على الأقل والمعروفة علناً في الاعلام كلها تدحض الثقة المصطنعة التي حاول الوزير اخفاءها على اوجيرو. لكن الوزير نسي أن هذه  المقاربة التي لا تحترم عقول الناس، ولا يمكن أن تجعلهم يصدقون كلام أصبح ممجوجاً من كثرة ما تم استعماله.

٣. إن أسوأ ما يمكن أن يعطى من إشارات بهذا الموقف اللا مسؤول هو الإيحاء للأخرين بأن مسألة محاربة الفساد يجب أن تجهض في ارضها، وأن كل طائفة تستطيع أن تستعمل نفس الاسلوب عندما يطلب القضاء أحد منها. وهذا تحديداً ما يريده من أوصى شقير بالكلام. المطلوب أن يبقى شعار محاربة الفساد شعاراً أجوفاً وأن تبقى الأمور على ما هي عليه. لأن هناك عقول لا تستطيع أن تصدق أو تريد أن تكافح الفساد أو تبني دولة حقيقية، فهي اعتادت ثقافة الإستيلاء على المال العام ولا تريد إستبدال هذا الخيار بأخر لصالح المجتمع .

٤. أن هناك سعياً لإستعمال "سيدر" تحت وطأة المحاصصة وإبقاء الأمور على ما هي عليه والوصول بكل ثقة لخصخصة توزع مفاتيح الدولة أو بالاحرى ما بقي منها من إتصالات وكهرباء وغيرها على شركات خاصة تشارك القطاع العام أو تحل محله كلياً ويكون اصحابها من التابعين غير المعروفين لأصحاب الشأن بحيث يصبح لكل مزرعته وللمواطن الديون المتراكمة. ولهذا تم الاتيان ببعض شخصيات الأموال وحشرها في الحكومة لتتماشى مع النيوليبرالية المتوحشة التي تنشرها مؤسسات الأقراض الدولية.

٥. كان حريٌ بمن يدعون أنهم أصحاب طرح الدولة والسيادة أن لا يركنوا إلى نظرية المؤامرة السياسية وأن يفتح المجال أمام مدير عام "اوجيرو" لإثبات وجهة نظره ومستنداته وبراءته وتنتهي المسألة، ولا يحتج أحد مهما كانت سياسته أن القضاء مسيس وأن هناك من يصوب على فريق معين كأنهم خارج السلطة أو مضطهدين أو لستم شركاء وبأيديكم أجهزة البلد ومقدراته. فالسؤال يصبح مشروعاً: لم الخوف ؟؟

إن المسائل تتجاوز "اوجيرو" التي قد تكون ليست القضية الأساسية ولكن هل هذا حائط دفاع عن مسائل أخرى لا يمكن الدفاع عنها؟

هذا السؤال وغيره يطرح بقوة ويحتاج للإجابة والطريق الوحيد ليس بلفلفة المواضيع سياسياً بل بالذهاب الشفاف نحو الانصياع لرغبة المجتمع اللبناني بالخروج من الهدر والفساد ووضع البلد على سكة مواجهة الأعباء ومنع سرقة مستقبل أجياله القادمة.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف