نقاط على الحروف
ما بين سطور القاعدة الأمريكية في لبنان
إيهاب شوقي
انتشرت أخبار وتقارير بعد مغادرة وزير الخارجية الاميركي مايكل بومبيو بيروت، مفادها بأن الزيارة حوت في جانب منها موضوعا خفيا، بل وربما كان هو سبب الزيارة غير المعلن، ألا وهو تدشين قاعدة عسكرية أمريكية في بحديدات بالشمال الللبناني، وأرفق بالخبر بعض الملابسات التي تعطيه وجاهة مثل تبرع أمريكا بهبة مقدارها نصف مليون دولار لترميم كنيسة في بحديدات كغطاء لزيارة المدينة وتفقدها استعدادا لتدشين القاعدة.
وهنا وقفة لازمة وملاحظات ضرورية:
أولا: موضوع ذكر هذه القاعدة ليس جديدا وانما تم تداوله اعلاميا في عام 2007، وبعد انتهاء حرب تموز/ يوليو، وتحديدا في تشرين الأول/أكتوبر 2007 نشرت وسائل إعلام غربية نقلا عن مصادر متعددة أن الولايات المتحدة تخطط لبناء قاعدة جوية في شمال لبنان، في منطقة متاخمة لسوريا وعلى بعد 140 كم من دمشق.
وقالت التقارير إن القاعدة الجوية الأمريكية تقع أيضًا على بعد 22 ميلًا (40 كم) من طرطوس، القاعدة البحرية الرئيسية في سوريا ومركز قيادة الأسطول الروسي على البحر المتوسط.
ووفقًا للخطة الأمريكية، سيتم إنشاء ست قواعد عسكرية، ثلاث في العراق وواحدة في الأردن وواحدة في المملكة العربية السعودية وواحدة في لبنان، وقيل وقتها إنه من المعتقد أن توافق الحكومة اللبنانية على إنشاء القاعدة وسيكون اسمها "المركز الأمريكي اللبناني لإعادة تأهيل الجيش"، وذلك للتغطية على النشاط الحقيقي للقاعدة، على حد قول التقارير الغربية.
كما قيل إن إدارة بوش أعطت الضوء الأخضر للخطة في أعقاب المحادثات مع رئيس القيادة المركزية الأمريكية الأدميرال ويليام فالون والمسؤولين اللبنانيين في 29 تموز/يوليو 2007، وستعيد القاعدة الجوية الجيش الأمريكي إلى لبنان بعد غياب دام 35 عامًا، بعدما قام الرئيس رونالد ريغان بسحب القوات الأمريكية من البلاد في عام 1983.
ثانيا: نشر في عام 2007 "تقرير واين مادسون" الأمريكي الذي أشار إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية وعدت شركة "جكوبس/سيفرداب" بمنحها صفقة مربحة ببناء قاعدة جوية أمريكية ضخمة في لبنان، وسوف تخدم القاعدة الجوية في لبنان كمركز للعبور والنقل اللوجستي للقوات الأمريكية في العراق، ولحماية خطوط أنابيب النفط في الإقليم . وسوف يكون حجم القاعدة التي يتم التخطيط لإنشائها بحجم قاعدة العديد الأمريكية الضخمة في قطر.
والمدقق لسياق الخبر الجديد الذي أعقب زيارة بومبيو يرى ان الخبر يقول: (إن بومبيو تفقد موقع القاعدة المراد إنشاؤها في قرية "بحديدات" الواقعة في شمال لبنان، على أن تكون هذه القاعدة الجديدة امتدادا لقاعدة "حامات" العسكرية الموجودة في منطقة "البترون" شمالي لبنان، بحيث تشكل جميعها سلسلة رصد ولوجستيات لخدمة قاعدة عسكرية بحرية مرصود لها أن تقام في "ميناء جبيل").
وهنا يجدر ذكر ملاحظتين:
1ـ الكلام عن القاعدة كان عقب حرب تموز وانتصار المقاومة، واليوم يستدعى بعد انتصار المقاومة ايضا على مشروع امريكا في المنطقة وفشل مشروع "داعش", أي إن موضوع القاعدة الامريكية يتم احياؤه واستدعاؤه عند كل محطة تفقد بها امريكا سيطرتها على لبنان، سواء المباشرة، أو عن طريق الوكلاء الإقليميين.
2ـ التطابق بين ما تم ذكره في 2007، وما تم ذكره حديثا يشي بأحد أمرين، إما استدعاء ذات الخبر القديم وفبركة خبر جديد على غراره، وإما استدعاء الخطة برمتها وبنفس التفاصيل ولذات الأغراض.
نحن هنا أمام سيناريوهين: الأول هو وجود نية حقيقية لإنشاء القاعدة، وأن الموضوع قد تم فتحه أو التلميح إليه، وفشل وتم رفضه، لأن الأطراف المعنية، سواء من المسؤولين اللبنانيين أو الأمريكيين، لم يأت على ذكر الموضوع على ألسنتهم بتصريح أو تلميح.
والثاني: أن الخبر تمت فبركته واستدعاؤه من التاريخ، لعمل وقيعة داخلية بين المقاومة والجيش، وهو السبب الرئيسي لزيارة بومبيو للبنان.
ان تعثرا للوجود الأمريكي بالمنطقة وإغلاق القواعد الموجودة بسوريا، يجعل الحديث عن قواعد جديدة في لبنان هذه المرة حديثا متهافتا، وهي القواعد التي ستشكل جبهة أكثر سخونة مع المقاومة.
والمرجح هو أن الخبر يأتي كحلقة في سلسلة الدجل الأمريكية واختلاق مواقف قوية لحفظ ماء وجهها بعد تعثر وهزيمة مشروعها، على غرار نقل السفارة للقدس المحتلة واعلان السيادة الصهيونية على الجولان، ومحاولة سرقة الانتصار على داعش، وغيرها من الممارسات المكشوفة.
ولا شك أن اخبارا للوقيعة بين المقاومة والجيش وبين المكونات اللبنانية والفرقاء، ستستحدث وستستدعى من التاريخ القريب والبعيد، وعلى كل الأطراف اليقظة والحيطة، فأمريكا لها أذناب متعددة ووسائل متنوعة، ليست عسكرية أو دبلوماسية خشنة فقط، وإنما أيضا إعلامية.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024