معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

أريحا مدينة القمر.. كابوس الاحتلال الجديد
02/03/2023

أريحا مدينة القمر.. كابوس الاحتلال الجديد

زهراء جوني

نامَتْ أريحا تَحْتَ نَخْلَتها القديمةِ
لَمْ أَجدْ أَحَداً يَهُزُّ سَريرَها
هَدأتْ قَوافلُهُم، فَنامي..‏ - محود درويش

هي نفسها أريحا كانت منذ أيام في عزّ استفاقتها، أرادت كما فعلت جنين قبلها ونابلس وطرقات القدس عند محطات الحافلات وقرب مراكز شرطة الاحتلال أن تضع العدو أمام خيبة جديدة في فهم طريقة تنفيذ العملية وإيجاد منفذيها.

ماذا يعني أن تتجاوز أريحا خط الاشتباك مع الاحتلال؟ يعني أن الضربات النوعية قادمة في الأيام المقبلة لتكون في معقل الكيان المؤقت، لما تشكله المدينة من أهمية من حيث موقعها الجغرافي والأمني. ويعني أيضاً أنّ سياسة الاحتلال وقراراته العنصرية لم تجلب له سوى المزيد من القلق والخوف والارتباك لجيشه ومستوطنيه وقادته، والمزيد من الترقب والحذر لمستوى ونوعية العمليات التي يمكن أن يشهدها الكيان في الأيام المقبلة، لا سيما مع ما تظهره هذه العمليات من ضعف وفشل في المنظومة الأمنية التي لطالما فاخر بها العدو الإسرائيلي.

تعود اليوم أريحا مع عملية وصفها الإعلام العبري بالمعقّدة، والعملية بحسب المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام العدو بدأت عند مفترق "بيت هعربا"، حيث "أطلق المسلحون النار على مستوطن عمره 25 عاماً، كان يقود سيارة وأصيب بجروح حرجة جداً، وفرّ المنفذون من المكان"، وأضافت وسائل الإعلام أن المنفذين "تابعوا طريقهم وأطلقوا النار على سيارة أخرى للمستوطنين.. ثمّ واصلوا طريقهم وأطلقوا النار على سيارة ثالثة، ثمّ خرجوا من سيارتهم وأشعلوا النار فيها وانسحبوا سيراً على الأقدام". وهو ما وضع الاحتلال أمام مأزق أمني أكبر لعدم تمكنه من إلقاء القبض على منفذي العملية أو الكشف عن هوياتهم. وعلى الرغم من محاصرة المدينة وإغلاق الطرقات المؤدية إليها، إلا أنّ الرعب يسيطر على قادة الاحتلال من إمكانية تنفيذ أي عملية مقبلة في ظل كل هذه الإجراءات الأمنية، وهو الأمر الذي سبق أن حصل في مدينة القدس خلال الفترات السابقة.

إذاً، تنضمّ أريحا أو مدينة القمر كما تُسمى، إلى لائحة الكوابيس التي تلاحق كيان العدو، لا سيما مع ما تشكله المدينة من ثقل أمني للاحتلال الذي يحاصرها بمستوطناته ومعسكراته، مقابل هذه الإرادة الفلسطينية على المواجهة في مدينة عرفت بهدوئها خلال المرحلة الماضية لتفجّر في لحظة واحدة غضبها ومقاومتها بوجه الاحتلال، بعد سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية والاقتحامات المتتالية لا سيما لمخيم عقبة جبر الذي لم يكن عادياً، بعد أن كان قد مضى على حصار مدينة أريحا أسبوع كامل استخدم خلاله جيش الاحتلال 5 من أذرعه العسكرية المخابراتية، وأطلق القذائف الصاروخية والرصاص الحي الذي أصاب به 13 فلسطينيا واعتقل آخرين.

 ولا يمكن فصل ما حصل في أريحا عن العمليات الفلسطينية والتطورات الميدانية في الضفة الغربية؛ لا سيما أن الزمن الفاصل بين عملية أريحا وعملية حوارة التي قُتل فيها مستوطِنان اثنان هي ساعات قليلة، إلى جانب الكثير من المواجهات والعمليات الفردية التي أقلقت أمن الاحتلال. ويعيد المعارضون داخل الكيان كل هذه التطورات مجدداً لسياسات الحكومة الجديدة المتطرفة التي تدفع إلى مخاطر حقيقية على مستوى ما تسميه الجهات المعارضة "بقاء دولة إسرائيل" وبين مؤشرات حقيقية يشهدها الكيان المؤقت على مستوى اندلاع حرب أهلية داخلية من أجل مصالح شخصية لرئيس وزراء العدو على المستوى القضائي سعياً لإبعاد تهم الفساد عنه، وهو ما حذر منه الصحافي الأميركي توماس فريدمان معتبراً أنّ "نتنياهو سيخاطر بكل شيء فقط من أجل إنهاء محاكمته بتهم خيانة الأمانة والرشوة والاحتيال، والتي قد تؤدي به إلى السجن"، وتساءل فريدمان " أي زعيم إسرائيلي يمكنه أن يخاطر بحرب أهلية في الداخل، وخلاف مع الديمقراطيين اليهود في جميع أنحاء العالم، وانفصال عن أمريكا، وضرر كبير لمكانة "إسرائيل"، من أجل إصلاحات قضائية فنية قليلة؟"

إذاً، يعيش الاحتلال تخبطاً على مستويات عدّة، أظهرت بشكل واضح عجزه وعجز أجهزته عن ضبط الساحة والميدان وملاحقة المنفذين، ما يضعنا أمام احتمال حتمي بمضاعفة حجم العمليات والهجمات الفلسطينية في الأيام المقبلة التي قد تكون أكثر تعقيداً وجرأةً وارباكاً للاحتلال، وقد تعزز حالة الفشل على المستوى الأمني والعسكري لهذا الكيان المأزوم حالياً.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف