معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

المصارف والقضاء.. الحاكم والانهيار
15/03/2023

المصارف والقضاء.. الحاكم والانهيار

د. زكريا حمودان

معقد هو المشهد اللبناني، وكثيرة هي العوامل التي تتداخل فيما بينها، وكل ذلك انطلاقًا من تاريخ طويل من الفساد، والذي يطرح أسئلة متعددة ومتداخلة بين الداخل والخارج، بين السياسة والمال، بين حاكم ومتحكم، وبين القضاء والفساد.

بين الداخل والخارج فساد متداخل

تدحرج الوضع في لبنان منذ اطلاق كلمة السر من الخارج في ١٧ تشرين الأول من العام ٢٠١٩، واستُكمل ضمن مسلسل اسقاط لبنان، ليتضح لنا أنه بعد فشل كامل مخطط الحرب الناعمة، أذعن الغرب وذهب مرغمًا نحو توقيع تعيين الحدود تجنبًا للأسوأ.

هذه التركيبة التي كانت واضحة أمام دول الخارج كان يسودها الكثير من الفساد، لكن الخارج كان يتعاون مع الفساد استكمالًا للمخطط الأكبر، فغض النظر عن الحركة المالية لرياض سلامة في مصارف سويسرا ولوكسمبورغ وفرنسا وغيرها، كما وقف داعمًا انطوان الصحناوي أحد أهم داعمي الحراك ماليًا ولوجستيًا، كما تدخل بشكلٍ سافر من خلال السفارات في تحريك الوضع الداخلي، ليثبت الغرب أنه لتحقيق مصالحه، يتحول لديه الفاسد الى صالح.

بين السياسة والمال.. لبنان أداره رجل أعمال

بعد اتفاق الطائف، تربع لبنان على عرش مملكة متداخلة بين السياسة والمال، فكان لبعض رجال الدولة كما يدعي البعض مواقعهم العالمية مقابل حركة مالية ضخمة داخل لبنان حقق فيها بعض السياسيّين المصرفيّين أرباحًا غير محدودة، فاستثمروا في اغراق الدولة في الدين، وساهموا في بناء امارات مالية من خلال تلزيمات غير محدودة وبأرقام مشبوهة، ووظفوا المتزلفين المطيعين، فكان لرجل المال والاعمال منصب سياسي ورئاسي، كما كان له حق توزيع الكراسي في مجالس ادارة المصارف، والادارات العامة، وفي السفارات والمصرف المركزي.

بين الحاكم والمتحكم.. حاكم متحكم

كان رجل الأعمال في عهد لبنان ما بعد الطائف هو الحاكم، وكان من كل الطوائف، فرجل أعمال من هذه الطائفة لديه حصة مصرفية هنا، وآخر من غير طائفة لديه حصة هناك، ومن دخل منهم بدون حصة طالب بحصته مصرفيًا وماليًا وسياسيًا.

اليوم أمام الانهيار، لدينا "شاهد ملك" على أعمال رجال الأعمال السياسييّن المصرفيّين، وهو الحاكم المتحكم، وفي قراراتهم تجاه الشعب متهكم، وامام القضاء المحلي والدولي يبدو أنه سيكون متكتما.
هذا الحاكم هو رياض سلامة، رجل الظل في عهود ما بعد الطائف، وهو الذي يدير اليوم هذه اللعبة الكبرى، لأن حقيقة الأمر تشير بوضوح الى أن الأسرار ستموت مع الحاكم.

بين القضاء والفساد.. المصارف والحاكم والسياسيين

خلاصة ما تم استعراضه أعلاه يمكننا جمعه في العنوان الأخير، فبين قضاءٍ عاش سنوات خارج حكم العدل، وفساد مستشرٍ، تظهر أيادي رجال المال السياسيين من أصحاب المصارف وكبار المودعين والذين يهاجمون القضاء بعنجهية غير محدودة، وترى حاكم المصرف المركزي ومن معه من قضاة يهاجمون القضاء المحلي والدولي دفاعًا عن ولي النعمة المتحكم باللعبة برمتها.

ما يحصل اليوم سيؤدي من دون أدنى شك الى تسريع عجلة الانهيار بشكل كبير، فالمسافة باتت بعيدة جدًا بين رجال سياسة يحاربون القضاء، ورجال مال يفسدون في القضاء، وحاكم مصرف مركزي انتشر فساده في الداخل والخارج.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف