نقاط على الحروف
زوجة خضر عدنان.. الثورة المشتعلة
زهراء جوني
في المرتين اللتين تحدثتُ فيهما مع زوجة الشهيد الشيخ خضر عدنان "رندة موسى" عن زوجها وأرضها وقضيتها، شعرتُ أن داخل هذه المرأة ثورة مشتعلة، حتى قرأت اليوم أن الشيخ خضر كان قد وصفها يوماً بأنها "جيشه ودرعه".
يحتاج الأمر إلى امرأة صلبة، وزوجة تؤمن بالحياة التي اختارها الشيخ من تلقاء نفسه وبكامل إرادته، على الرغم من إدراكه التام لما يحمله خيار المقاومة من خطر وتضحية وما يتطلبه من صبر وإرادة. كان الشيخ خضر عدنان اختصاراً فعلياً لكل هذه التحديات، واختار أن يحارب بجوعه وأمعائه الخاوية ولحمه وعطشه. تستحق هذه الحياة أن يجوع الإنسان في سبيل حريته وكرامته، تماماً كما فعل الشيخ عدنان.
في اعتقالاته المتكررة كان الشهيد قادراً على استفزاز الاحتلال وقهره بقوة الإرادة والعزيمة التي لديه. كان يجوع فيشعر العدو بالخوف، ثم يرفض أي نوع من المدعمات والفيتامينات فيعيش الكيان قلق استشهاده وأثر عناده.
في آخر اعتقال للشيخ خضر عدنان، كان العدو الإسرائيلي بات يدرك جيداً حجم التأثير الذي وصل إليه الشيخ ودوره الذي كان يتعاظم على الأرض حتى وهو يقف في فرنه المتواضع الذي يصنع فيه الخبز للناس. كان يصنع من جوعه طعاماً لأبناء فلسطين حتى فحت رائحة الخبز في أرجاء الوطن. أراد الاحتلال كسر إرادة الشيخ، لكن الأسير الذي خبِر سجون الاحتلال كان هذه المرّة أكثر إصراراً على المعركة، ما استفزّ سجّانيه واستطاع رغم شهادته أن يُعلّم هذا الكيان درساً لن ينساه؛ النضال من أجل الحرية ولو كان الثمن هو الحياة.
بالأمس وقفت أم عبد الرحمن بكلّ ثقة، لتثبت للعالم صدق وصف الشيخ عدنان لها بأنها بالفعل كانت ولا تزال جيشه ودرعه. وحتى لو لم نستطع رؤية ملامحها جيداً، يمكن أن نشعر بها ونتصور حجم الإيمان في عينيها وإن غلبتها الدموع في لحظة اشتياق.
دافعت عن قضية زوجها وحقه بالحرية من اللحظة الأولى التي حارب بها سجانه بأمعائه الخاوية، ثم خرجت تنصره بالفعل والكلام وتعلم أبناءها حبّ الأرض والدفاع عن الوطن والتضحية لأجل هذه القضية، فلما استشهد زوجها خرجت أمام العالم بكل قوة وصلابة تحذّر الاحتلال من القادم وتنذره بأنّ خلف الشيخ خضر تسعة أبناء حفظوا وصية والدهم جيداً وسيتابعون ما لم يقدر الشيخ على فعله طيلة كل هذه الأعوام.
لا يموت الشهداء حين تغيب أجسادهم. وراء كل شهيد رجل أو امرأة أو عائلة أو قوم يحملون مسيرته ونضاله وتضحياته ووصيته ويكملون الطريق، وإلاّ لما أزهر طريق الشهداء كل هذا النصر والعزة.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024