نقاط على الحروف
من بوابة "إيلاف" .. الكيان المؤقت يُلمّع هزيمته في"جنين"
محمد باقر ياسين
بعد يومين من الصمود الأسطوري للمقاومين الفلسطينيين في مخيم جنين، وبعد إدراك الكيان المؤقت بأن عدوانه على المخيم يتجه نحو هزيمة نكراء واقعةٌ لا محالة، استعان بموقع "إيلاف" السعودي عبر "دانيئيل هجاري" (الناطق بلسان جيش العدو الإسرائيلي)، لكي يتحدث عن "قرب انتهاء عملية جنين"، قبل ساعات من الإعلان الرسمي لجيشالاحتلال الإسرائيلي عن "انتهاء العملية العسكرية في جنين"، متناولاً إنجازات "الجيش الإسرائيلي" الوهمية لما أسماه "بالعملية الموضعية" في المخيم.
فما هي هذه "الإنجازات" المزعومة؟
ركز "هجاري" خلال مقابلته مع موقع "إيلاف" على ثلاثة نقاط أساسية أراد من خلالها تلميع صورة قوات الاحتلال التي شنت العدوان على جنين من جهة، والإيحاء بأن جيش العدو قد حقق ما كان يصبوا إليه من جهةٍ أخرى.
النقطة الأولى، والتي أخذت الحيز الأكبر من تصريح "هجاري"، حاول من خلالها إظهار الدقة العالية والحرص الشديدين المزعومين على أرواح المدنيين والمنشآت المدنية في المخيم، وهذا تجلى من خلال زعمه بأن "الجيش استخدم القصف الجوي من مسيّرات وبشكلٍ دقيق مستهدفًا غرفة عمليات للتنظيمات المسلحة في المخيم، حيث ركّز الجيش الإسرائيلي على إصابة المبنى من الشبابيك دون إحداث أضرار للمنشآت المدنية". وأردف زعمه بعبارة أخرى جاء فيها "استخدام الجيش الإسرائيلي المسيّرات والقذائف الصغيرة قللّ بشكلٍ كبير الإصابات والقتل بين المدنيين، فاستخدام القصف الجوي بالمسيّرات اعتمادًا على الاستخبارات الدقيقة يؤتي بثمار جيدة، ويقلل عدد الإصابات في صفوف المدنيين والأبرياء".
النقطة الثانية، حاول حصر العملية بأنها تستهدف المقاومين فقط، من خلال قوله "هذه العملية تستهدف فقط المسلحين الإرهابيين، ولا نية لإسرائيل باحتلال جنين وتدميرها، أو بعملية عسكرية واسعة بالضفة الغربية"، ويتابع "هذه العملية ستساعد على استمرار الهدوء في الضفة لان مسلحي جنين من الجهاد الإسلامي وحماس يقومون بفرض الرعب على السكان، واستمرار اختباء المسلحين فيها يضرّ بالفلسطينيين الى جانب الإسرائيليين"، وبعبارة أخرى يقول إن "الهدف من عملية جنين اجتثاث الإرهاب ومنع المسلحين من استهداف إسرائيل او الإسرائيليين، وأيضا مساعدة السلطة الفلسطينية التي تعاني من إرهاب هؤلاء" حسب تعبيره.
النقطة الثالثة، الزعم بأن الكيان المؤقت جاهز لخوض حرب على أي جبهة، وعبر عن هذا قائلاً: "إسرائيل لا تنوي الدخول في مواجهة على الجبهات الشمالية مع لبنان وسوريا والجنوبية مع غزة، وترى ان الآخرين لا يريدون ذلك، لكن الجيش الإسرائيلي جاهز لكل طارئ"، ويكمل بعبارة ثانية بأن "موضوع خيمة حزب الله لدى المؤسسات الدولية التي يجب ان تتعامل مع خرق حزب الله للخط الأزرق. وفي حال عدم التوصل لحلّ بإزالة الخيم، فإسرائيل دولة قوية وتعرف كيف ستتصرف، وكل هذه المسرحية بلا جدوى" حسب تعبيره.
ما أدلى به الناطق بلسان جيش العدو، تُرهات لا تعبر على السذّج، فالنقطة الأولى حاول أن يبرر فيها فشل جيشه في الميدان، أمام بسالة وإقدام المقاومين الذين نصبوا له الكمائن وفجروا العبوات بآلياته فأخرجوها من الخدمة وأسقطوا له المسيّرات، وأوقعوا بصفوف جنوده القتلى والجرحى. أما ادعاء حرص جيشه على عدم سفك دماء المدنيين، فكأن مجازره الممتدة لعقود مضت والدماء التي سفكها في مخيم جنين والمجازر التي ارتكبها بحق المدنيين في عدوانه الأخير على غزة، لم تكن بحق مدنيين ولا هي دماءٌ لأبرياء. أمّا الكذبة الأكبر فهي ما قال إنه حرص جيشه على عدم تدمير ممتلكات المدنيين، فإن كان كذلك فمن صنع كل الخراب والدمار الذي خلفته العملية من تجريف الطرقات والحاق الأضرار الجسيمة بالمنازل؟ ومنذ متى يلتفت العدو للخسائر البشرية والمادية؟ هل لأنها اليوم تأتي في خانة تبرير العدوان من جهة والاخفاق من جهةٍ أخرى؟
وفي النقطة الثانية التي عبر فيها "هجاري" عن أهداف العملية، فالرد الأمثل عليها، هو ما علق به الإعلام العبري على الانسحاب الإسرائيلي من جنين قائلاً إن "العملية العسكرية لن تؤدي إلى تغييرٍ استراتيجي في جنين"، مضيفاً إن "هذه العملية بالتأكيد لن تردع الجهاد الإسلامي وحماس، بل سيواصلون عملهم بكل قوة للسيطرة على الضفة". وفعلاً لم يستطع القضاء على المقاومة ولن يستطيع، والأيام المقبلة ستظهر ذلك عبر استمرار العمليات النوعية التي ستؤلم العدو وتفضح زيف ادعائه.
أما زعمه جهوزية جيشه لخوض المعارك وتوجيهه التهديد للمقاومة الفلسطينية في غزة والمقاومة في لبنان، وبأنه سيتصرف.. وما تلاه من عبارات. فالرد بسيط، ففي مخيم محاصر في فلسطين المحتلة لم تستطع قوات الاحتلال تحمل أكثر من يومين ولاذت بالفرار، فكيف ستستطيع تحمل ضربات محور مقاومة؟
في الختام، هذه الهزيمة لن تلمّعها ادعاءات فارغة في إعلامٍ يغرد خارج سرب البيان الرسمي لمملكته التي أدانت الاعتداء على جنين، فالميدان باح بما جرى من ذُلٍ وعارٍ لجيشٍ ادعى بأنه لا يقهر، وها هو اليوم قُهر أمام بأس أبناء جنين وأقرانهم من مقاومي فلسطين كما قُهر في جنوب لبنان، وسيظل يتجرع القهر والهزيمة تلو الأخرى حتى زواله يِإذن الله.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024