معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

ملحمة غزة الطبية
11/11/2023

ملحمة غزة الطبية

علي عبادي

من آيات الصمود الكبرى التي تثير الإعجاب والإكبار ما سجلته الطواقم الطبية في مستشفيات قطاع غزة.

أطباء وممرضون يعملون في ظروف لا تصدَّق:

_ وجود عدد هائل من النازحين وأهالي المصابين والمرضى في الباحات الخارجية وفي ممرات المستشفيات، وهذا يعيق في العادة حركة الأطباء والممرضين ويؤثر على تركيزهم على عملهم.

_ تدفق عدد كبير من المصابين إلى المستشفيات، ما يسبب في العادة إنهاك الأطباء والممرضين وإضعاف طاقتهم على الاستمرار في تقديم الخدمات.

_ وجود حالات إنسانية تكسر القلب، وخاصة جثث الأطفال والأجساد المشوهة.

_ استشهاد عدد كبير من الكوادر الطبية، ما يترك آثاراً عاطفية على زملائهم.

_ فقدان العديد من الأطباء والممرضين أفراداً أعزاء من عائلاتهم، ما يسبب صدمة أو ضغوطاً عاطفية إضافية.

_ نقص المعدات الطبية من أدوات تخدير وغيرها، ما يصعّب عمل الجراحين.

_ الغارات الجوية والقصف المدفعي على المستشفيات أو محيطها، ما يؤدي إلى إثارة الهلع لدى الموجودين في نطاق حرمها ويخلق صعوبات نفسية أمام العاملين.

مع ذلك كله، صمد الطاقم الطبي وقدّم ملحمة طبية رائعة، ومن أروع الفيديوهات التي رأيتُها أن الطبيب أو الممرض لم يقم فقط بواجبه الطبي، وإنما كان يسعى في العديد من الحالات إلى التخفيف عن الجرحى وملاطفة الأطفال منهم وإزالة الخوف من قلوبهم، خاصة من أصبحوا أيتاماً بعد فقدان الوالدين بفعل القصف المعادي.

وهذا الأداء لم يكن ليتحقق لولا وجود عنصرين هامين:

_ شعور رسالي وانتماء إلى قضية تستحق التضحية، وليس فقط القيام بوظيفة مهنية.

_ وأيضا وجود تماسك اجتماعي بين شريحة الأطباء وعامة الأهالي في القطاع، وهذا يوفر تلاحماً بين الجانبين بعيداً عن الفوارق الاجتماعية والوظيفية الجافة.

تحية من القلب للطواقم الطبية في غزة التي عملت في أصعب الظروف الخطرة وكانت هدفاً مباشراً لانتقام العدو وقدّمت شهداء وجرحى، لكنها برهنت على أداء رسالي رفيع يستحق أن يُدرَّس ويُتخذ نموذجاً.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف