نقاط على الحروف
الخطاب الصهيوني باللهجة المحلية!
ليلى عماشا
لا يغيب الخطاب الصهيوني عن بعض الشاشات اللبنانية. يطلّ بنسخة عربية لا تحاول حتّى تغيير المفردات لتواري تماهيها مع الدعاية الصهيونية المبتذلة والمستهلكة والفاضحة للناطقين بها بارتكاب الخيانة أقلّه على المستوى الأخلاقي. لطالما حضر هذا الخطاب في إطار الحرب الإعلامية والثقافية على المقاومة وبيئتها، ولطالما اُستخدم أداةً للتضليل والتجهيل في كلّ ما يتعلّق بدائرة المقاومة ورموزها وسلاحها وعقيدتها وثقافتها وأهلها، ونطاق وجودهم جغرافيًا.
وليس غريبًا أن يستمرّ استخدام هذه الأدوات في أثناء المعركة العسكرية القائمة، لكنّه يصبح مقزّزًا أكثر، ويشير إلى تورّط مرتكبيه بالأدواتية والحقد بشكل أعمق. بكلام آخر، إن تكرار الخطاب الصهيوني وفقراته المضلِّلة تحت النار هو إقرار بالتزام فاعله بالمعسكر الصهيوني وما يريد، وهو يشهد كيف الدم على أرض الجنوب يجابه العدو، ويحمي ويعز كلّ البلد بكلّ مكوّناته، حتّى أولئك الذين لو لم تنظر في وجوههم وأنت تسمعهم، لحسبتهم أفيخاي أدرعي أو من يماثله.
"الضاحية" و"الجنوب" منطقتان لا تغيبان عن لائحة أهداف الخطاب المضلِّل: يصبّ عليها نار أكاذيبه وطلقات افتراءاته، مهما تكرّر انكشافها وانفضاحها. فالمفلس يكرّر المحاولة بالرغم من ثبوت فشلها. وبالتالي، ليس جديدًا أن نسمع مثلًا خطابًا فوقيًا عنصريًا يتحدّث ملء جهله وحقده عن الضاحية وكأنها بؤرة مخيفة، ويروي أحداثًا لك لم تحدث قط، ويدّعي أن المرور فيها أو زيارتها مخاطرة ومغامرة تعرّض صاحبها للكثير من الويلات. هل زار أحد من هؤلاء الضاحية يومًا؟ بالطبع نعم، ولذلك هم يكذبون وليسوا ضحايا مواقف مسبقة أو إشاعات مغرضة. يعرفون تمامًا أن ادعاءاتهم هذه لا تنطلي حتّى على الحاقدين الذين بلغوا الجنون بحقدهم. لكن الحاجة الإسرائيلية إلى عزل وتشويه البيئة الجغرافية التي تضمّ أهل المقاومة ازدادت الآن بفعل الحرب، وصار لزامًا عليه التكثير من التشويه والتضليل. يتحدثون عن سلاح ظاهر وعن منصات صواريخ مكشوفة في الجنوب، والحديث يُعرف كذبه حين يفتقر إلى أدنى معايير المنطق.
هل يمكن للمقاومة التي تتّخذ أعلى الإجراءات الأمنية الممكنة في حركتها وفي سلاحها أن تتورّط بالاستعراض بسلاح ظاهر ومنصات إطلاق يسهل على الصهيوني تشخيص أماكنها؟ بالطبع لا. ولكن أيضًا وأيضًا، يحتاج الصهيوني إلى كذب يُرهب السامعين، ويُشعرهم بخطر ما. خطر لا يشكّله عليهم حقيقة إلّا وجوده. ولن يزول إلا بزواله، وعلى يد هذا السلاح غير الظاهر والذي يصيب في كلّ يوم من الصهيوني مقتلًا.
نعود إلى الضاحية وإلى السرديات الصهيونية حولها: إن مشيت في الضاحية فثمّة من سيتبعك! يشبه هذا الكلام الحكايات التي يخيفون بها الأطفال، ولوهلة تظن المتحدّث يمزح أو يحاول تأدية مشهد حكواتي يتحلّق حوله أطفال في روضة! ثمّ تكتشف أن القائل يتوجّه إلى جمهور، وأنّه لم يكلّف نفسه عناء احترام عقل هذا الجمهور ومعارفه.
ليس تخوينًا أن تُسمّى الأشياء بأسمائها، والخطابات بما تتماهى معه. ومن يتحسّس من توصيف الأشياء والخطابات بحقيقتها، فليراجع مفرداته ولغته ويقارنها بما يصدر عن الصهاينة جهارًا، وبعدها فليخجل تمامًا أو يقرّ بما فعل!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024