نقاط على الحروف
واشنطن.. تسليم بوحدة الجبهات!
خليل نصر الله
مجمل ما توصّل إليه الأميركيون، خلال جولاتهم المكوكية في المنطقة، وجسّ نبض قوى المقاومة ودولها عبر وسطاء، أن لا وقف للنار قبل وقف العدوان على غزّة.
سقطت محاولات التهويل والتهديد بالحرب، خصوصًا باتّجاه لبنان بالدرجة الأولى، وسقطت مع التهديد محاولات الترغيب وربط إغلاق الجبهة باستحقاقات داخلية عبر جملة من الإغراءات، وهو ما رفضته المقاومة.
وفي اليمن، سقطت أية محاولة ترغيبية وتهديدية بوقف ما بدأته صنعاء من عمليات إسناد، بل إن المبادرة الأميركية – البريطانية بالعدوان أتت بنتائج عكسية عبر توسيع صنعاء مروحة استهداف السفن لتشمل تلك التابعة لهاتين الدولتين، وإدخال نوعية جديدة من الأسلحة كانت نتيجتها إغراق سفن وإعطاب أخرى.
وفي العراق، وبالرغم من وقف المقاومة استهداف القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسورية، نتيجة ضغوط داخلية ولمنع تفجر الأوضاع، حافظت المقاومة على استهدافات في العمق الإسرائيلي ما يُبقي ورقة التصعيد بين المقاومة ويوصل رسائل بالاستعداد للتوجه نحو دفاع إيجابي أوسع نطاقًا.
وفي غزّة، وبالرغم من التجويع والحصار والأذى والضغوط السياسية والعسكرية، نجحت المقاومة في الثبات على مطالبها التي تحاكي تموضعًا ضمن محور المقاومة، وكذلك مصلحة الشعب الفلسطيني ليس في غزّة فحسب، إنما على امتداد الأراضي المحتلة.
النتيجة، كانت في سلسلة مؤشرات تؤكد أن تفكيك الجبهات وضمان عدم اشتعالها، حتّى إن حصلت هدنة مؤقتة، أمر ليس بمتناول اليد، وهو ما تعكسه أوساط عدة من خلال ما يطرح خلف الكواليس، وعليه تفهم مواقف قوى المقاومة التي ترفض أي وقف للنار أو حتّى النقاش فيه قبل وقف العدوان على قطاع غزّة، وقبول المقاومة الفلسطينية بما يحقق مصلحة شعبها، وأن قرار وقف الجبهات، بشكل غير مباشر، بات بيد المقاومة الفلسطينية وحدها.
صرح الأميركيون مرات عدة بما يؤكد هذا التوجّه، ففي أواخر شباط نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مسؤولين أميركيين اعتقادهم بأن: "الحوثيين سيحافظون على وعدهم بوقف الهجمات إذا أنهت "إسرائيل" حربها في غزّة"، وهو ما كان يعكس تسليمًا بواقع ترابط الجبهات وصعوبة التعامل معها عسكريا بكلّ كلي، كما أكد قائد القيادة الوسطة في الجيش الأميركي لاحقًا.
ما صرح به مسؤولون أميركيون يومها، أكده بشكل أوضح وصريح مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، في أحدث تصريحات له، خصوصًا أنه يترأس فريق التفاوض لوقف النار، ولديه كامل التقديرات عن واقع المنطقة وإلى ما يمكن أن تؤول إليه بحال عدم وقف النار في غزّة، فقد قال صراحة: "نأمل أن تلتزم الجماعات الموالية لإيران بوقف إطلاق النار إذا توصلنا إليه في غزّة"، وفقًا لتعبيره.
تصريح بيرنز يحاكي الواقع، وهو نتيجة لمجمل الخطوات التي قامت بها واشنطن لوقف جبهات الإسناد لغزّة وإراحة كيان الاحتلال. وهو نتيجة لشعور أميركي مبنيّ على وقائع بأن توسع الصراع سيضر بالمصالح الأميركية في منطقة غرب آسيا بشكل مباشر، وهذه المصالح لن تكون بمنأى عن الاستهداف. ما صرح به بيرنز يسقط الكثير من التأويلات، وحتّى العنتريات الإسرائيلية والوعيد بحرب باتّجاه لبنان أو تكثيف النار أو عدم وقف النار إذا ما توقفت في غزّة، كما عبر وزير الحرب الإسرائيلي يؤاف غالانت قبل مدة.
في المحصلة، إن جنوح واشنطن نحو محاكاة واقعية لا يلغي إمكان المناورة لديها والسعي لتحقيق مصالح إسرائيلية، وبالتالي أميركية، لكن الأكيد أن الوقائع سارت على عكس ما تشتهيه الإرادة الأميركية، وعليه إن فصل الجبهات أمر غير ممكن، والنار إن اشتعلت لا أحد يمكنه التنبؤ بسعتها ونتائجها.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024