معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

المأزق الصهيوني
16/04/2024

المأزق الصهيوني

نقل مقرّبون من رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بحسب قناة "كان" العبرية، قوله "سنردّ على إيران، لكن على الإيرانيين أن يعيشوا التوتر كما عشناه نحن". بجملة واحدة، اختصر بدون أن يدري حال الكيان المترنّح، وعكس الزعزعة التي تعصف بوجوده منذ السابع من تشرين/اوكتوبر، بعد أن حاول إخفاءها بالإبادة والتوحّش والجرائم الهمجية، لتُفضح في ليل ١٤ نيسان/أبريل، وتُظهره على حقيقته: متوترٌ، مرعوب، متورّط حيث لا يقوى على التقدّم ولا تسمح له عنجهيّته بالتراجع.

وبجملة واحدة، عبّر عن مأزق لم يتصوّر أن يحلّ على كيانه "المتفوّق" وعلى "جيشه الذي لا يُهزم" بفعل تسلّحه بأكثر المعدّات والأسلحة تطوّرًا في العالم. قال نتنياهو بين السطور، أن العنجهية والغرور دفعا بكيانه إلى تجاوز الخطوط الحمراء مع إيران، وأنّه منذ تلك اللحظة، واقعٌ في حال من التوتّر بفعل انتظار الردّ الإيراني وتوقّعه. ولأنّ "تفوّقه" أثبت عدم حيلته في الميدان وفي المواجهة، وعنجهيّته لم تزل تدعوه إلى المكابرة، وإلى التلويح بارتكاب الحماقة تلو الأخرى، كالهارب إلى الأمام. يريد أن يتوتّر الإيرانيين وهم ينتظرون الردّ المضاد الذي يتوعّد به. تارة يؤكّد أنّه سيكون ردًّا حكيمًا، وطورًا يسوّق لأخبار عن قرب ميعاد هذه الخطوة. بكلام آخر، يحاول خوض اللعبة التي لا يجيدها كمحتلّ، ويحاول ادّعاء حكمة لا يمتلكها كهمجيّ قاتل-كما كلّ من يحمل جنسية هذا الكيان المسخ- وكذلك يحاول حفظ ماء وجه أُريق أصلًا وداست عليه أرجل الأحرار في محور المقاومة.

بالدرجة الأولى، الحديث عن تعمّد وضع إيران في موضع المتوتّر هو حديث ينمّ عن جهل بطبيعة العقل الإيراني وبالطريقة التي تتعاطى بها الجمهورية مع أصل موضوع القتال ضدّ الباطل.. هو لا يعرف شيئًا ربّما، أو يتجاهل حقيقة أنّه يتعامل مع دولة ثقافتها: "أبالموتِ تهدّدني يا بن الطلقاء؟!". يريد إخافة الإيرانيين الذين كما يتمتعون بحكمة الصبر الإستراتيجي، يمتلكون المقدّرات الكافية التي يعرف العدو وكلّ العالم أنّها تكفي لكي لا تخشى حماقات التصهين. وبالتالي، بجهله هذا، أو تجاهله الذي يتوخّى من خلاله ارتداء قناع المسيطر والمتحكّم، هو يقع في مأزق إلزام نفسه بردٍّ يعجز عنه من جهة، ولا يستطيع أن يُلزم به أحدًا حتى من الدّول التي تكفّلت بحمايته في ليلة "الوعد الصادق".

اعلاميًا، لم نرَ الذين اعتبروا تأخّر إيران بالردّ على استهداف قنصليّتها ضعفًا، يعلّقون على التردّد الصهيوني في ردّ مضاد. بعد أيّام قضوها وهم يسخرون من احتمال أن توجّه ضربة لإسرائيلهم التي لم تزل في أذهانهم ماردًا جبّارًا لا يُهزم. وقد بلغوا حضيض الخيبة والانهزامية حين غرقوا في النكران حين تمّت الضربة: مسرحية! لم يصدّقوا، بل وجالوا في الأرض يرجون الناس ألّا تصدّق! لم نرهم حتى يعاتبون "كبيرهم" وهو محتار بين إخفاء آثار الصفعة التي يقول أنّها لم تؤلمه، وبين التوعّد بردّ يشفي غليله ولكنّ دونه الشعور بأن هذا الردّ قد يعود عليه بردٍّ أقوى بعشرات الأضعاف عمّا رآه في ليل ١٤ نيسان.. لم يستطع هؤلاء أن ينبسوا ببنت شفة حول كلّ هذا المشهد، بل غرقوا في نكرانه أكثر.. ليُفضحوا مرّة بعد ليس فقط بجرم الخيانة، إنّما بمرض هو الأخبث: الاعتقاد بأن "اسرائيل" وخلفها "الولايات المتحدة الأميركية" اله ليس يسقط!

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف