طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

عن الدم الذي يجعلنا إلى النصر أقرب..
05/07/2024

عن الدم الذي يجعلنا إلى النصر أقرب..


من هم القادة في حزب الله؟ هم الذين إذا سُئلوا عمّا أفنوا فيه أعمارهم، غلبهم الحياء المهيب وتبسّموا، ثمّ حين يُستشهدون يأتيك الجواب: قد أفنوا العمر في معسكر الحقّ، ومن ساحاته مضوا إلى السماء التي تعرفهم، وقد عاشوا مجهولين في الأرض.

منذ يومين، كان حزب الله على موعد مع ارتقاء قائد عزيزٍ خفيٍّ من قادته، قائد وحدة "عزيز" الحاج محمد نعمة ناصر "الحاج أبو نعمة"، الذي تليق به هذه الخاتمة العظيمة، والتي نحسبها سرًّا من أسرار القيادة في هذه المسيرة المباركة. 

تلقّى أهل المقاومة النّبأ بالصبر وبالاحتساب، وفيما كانوا يحاولون تفسير شعورهم بالقربى مع الشهيد "الحاج أبو نعمة"، كان الإعلام الصهيوني، بكلّ لغاته، يتباهى باغتيال قائد من حزب الله، وقد فاتهم أنّ اغتيال القادة منذ بداية هذا المسار المقاوم الثوريّ المتصاعد لطالما أضاف إلى الرّوح الثورية عبقًا من دم الشهيد فتصبح أغنى وأطهر وأكثر حدّة وفعالية في المواجهة. 

لقد فاتهم أن يقرأوا الخطّ البياني للعمل المقاوم والذي يتصاعد بسرعة عقب شهادة كلّ قائد، وأن يلتفتوا لحقيقة أن اغتيال القادة لا يمكن أن يُصنّف إنجازًا عسكريًا وبالتالي هو ليس انتصارًا للعدوّ بأي حال من الأحوال، بل هو بالدرجة الأولى إقرار صهيوني بالهرب من الميدان والمواجهة الميدانية إلى الاغتيال عن بعد، وإقرار آخر بالعجز عن فهم حقيقة حزب الله وروحه التي كلّما ارتقى من فلذاتها قادة اشتدت عزيمتها وصارت إلى النصر أقرب. 

وكما هو حال منظومة المقاومة التي تقوى في كلّ مرّة يرتقي منها قادة شهداء، كذلك حال بيئتها التي توقن أنّ دم القادة يقرّبها إلى الله وإلى النصر؛ تستعيد هذه البيئة مع زفّة كلّ قائد كلّ اللحظات التي رفعت فيها على الأكتاف جثامين القادة منذ انطلاقة هذه المسيرة الثورية، وتحيل الحزن العظيم الذي يعتريها غضبًا ثوريًا متوقّدًا يصبّ في خدمة المقاومة ويزيد من ارتباط النّاس بكلّ تفصيل متعلّق بها وبرجالها، ويزيدهم يقينًا أنّها تسير نحو هدفها "الواضح والمحدّد والدقيق" بثبات وعزم. وهنا، يصير الدم الطاهر الذي رُفع مناسبة لتجديد الولاء للمقاومة، ولتعزيز الثقة التي تجمعها بكلّ الأحرار في العالم، فهنا، القادة يتحركون في الميدان، والقيادة عمل ميداني على الأرض مهما ارتفعت نسبة المخاطر، وهو أمر أبدع في صناعته محور المقاومة بكلّ تشكيلاته حيث لا وجود لقيادة "عن بُعد" ولا لقادة يتمتعون برفاهية إدارة المعركة من المكاتب المحمية البعيدة عن ساحة الاشتباك.

تباهى العدوّ باغتيال قائد إذًا، وسرعان ما بدأ إعلامه بنشر صور ومقاطع فيديو من مكان الاستهداف، مما يعيد طرح خطورة التصوير "الميداني" الذي وإن كان لا يكشف بالضرورة سرًّا بعد أن يكون العدوّ قد ضرب ضربته إلّا أنّه يمنحه مادة مجانية يستخدمها في إعلامه ويقول عبرها لجمهوره إنّه حاضر في ساحة المعركة بشكل مباشر، أو متصل بها، وبالتالي يتمكّن من إيهام مصدّقيه أنّه يسيطر على الأرض. وذلك ينافي الحقيقة بشكل قاطع، فلو كان للعدو أدنى مقدرة على السيطرة في أرض الاشتباك، لما رأينا إعلامه يبحث عمّا يرد على منصّات التواصل الافتراضي من صور ومعلومات كي يبثّها وكأنها مستقاة من مصادر خاصة تمكّن من توظيفها بشكل مباشر. 

في السياق نفسه، أشارت ‏صحيفة "معاريف" إلى أنّ اغتيال أحد كبار مسؤولي حزب الله يشير إلى أنّ "إسرائيل" مستعدة للحرب مع لبنان، لكنّها سرعان ما نشرت مقالًا تحليليًا يؤكّد أنّ "الجيش "الإسرائيلي" غير قادر حاليًّا على تحقيق إنجاز كبير ضدّ حزب الله أو على تغيير الواقع في الشمال بشكل كبير". وكانت الصحيفة قد نقلت في وقت سابق حديثًا للجنرال الصهيوني المتقاعد إسحاق بريك يقول فيه إنّ خوض حرب مع حزب الله سيكون سببًا في دمار "إسرائيل". بالخلاصة، نشوة النصر التي يستشعرها الصهاينة في لحظة الاغتيال سرعان ما تختفي فيعود إعلامهم إلى نشر ما يُسمح له بنشره عن خسائرهم بالإضافة إلى التحليلات الصحفية التي تمهّد لحقيقة هزيمته في لبنان وانعدام فرص انتصاره في أي حرب موسّعة ضدّ حزب الله. 

 بكلام آخر، في لحظة النبأ، يطغى الحزن على القلوب ولا يصبح جزعًا ولا يغيّر ما بأهل المقاومة من يقين بالنصر، وسرعان ما يصبح وقودًا ثوريًّا يقرّب المقاومة من تحقيق النصر، ويطغى على العدوّ شعورٌ لحظويّ بنشوة النّصر التي كالزبد سرعان ما تختفي ويعود أهلها إلى واقع العجز عن هزيمة حزب الله. 

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل