نقاط على الحروف
جماعة "إنقاذ لبنان".. والاستثمار السياسي في ذروة العدوان!
بيان عاجل لـ"إنقاذ لبنان".. "لقد حان الوقت".. و"آن الآوان".. "إنها فرصة تاريخية".. عبارات تتردد على مسامعنا كثيرًا هذه الأيام.. في الأمس؛ نطق بها مؤتمر لنواب يصفون أنفسهم بالمعارضة في البرلمان اللبناني، واليوم دوى جدار صوتها في معراب.
قبل أيام تداعى القوم لإعلان البيان الرقم واحد .. قبل تلاوته اصطفوا وتزاحموا حول من يقف في الصف الأول ومن في الخلف، ومن جنب من أوكل شرف إذاعته.. لم يرتضِ لواء الأمن السابق أشرف ريفي أن يحلّ في مؤخرة القوم، تنبّه رفاقه أن الجمع الأمامي في المقدمة بكله وكلكله مسيحي، استدركوا الأمر فأوقفو "الريفي" المسلم بين "الميشالين" ..
هو فصل من فصول مسرحية الوحدة الوطنية التي لا تنطلي على الجمهور.. الصورة التذكارية الفسيفسائية التي ستؤخذ سيخلدها التاريخ؛ فهؤلاء من سيكتب أنهم "أنقذوا لبنان".. هل قلت أنقذوا لبنان؟.. نعم .. لكن ممن؟!.. بالتأكيد تقصد من العدوان "الإسرائيلي"..؟!!!.
الكل كان ينتظر الحدث، "ميشو" الصغير وريث "نايلة" إحدى آكلي فطائر الجبن على مائدة عوكر في حرب تموز 2006 كبر اليوم، صار يتولى قيادة الدفّة، يوجّه الاعلاميين، "انتظروا دقيقتين لا تأخذوا لايف".. فجأة دار السؤال أين نديم "نديم جاي" "مش جاي" "عالطريق".. لكن من هو نديم الضائع ذاك الذي راحوا يبحثون عنه، والذي لا تكتمل المهمة والصورة من دونه.. أخيرًا.. وصل إنه هو بذاته لا غيره تعرفونه إن "حكى" من كلماته..
تجمّع المنتدبون للمهمة التاريخية حول المنبر.. نواب عددهم بعدد اصابع اليدين.. بدأ أحد الميشالين تلاوة البيان المكتوب.. كي لا يشط عمّا خطه حبر عوكر.. ليست تلك صياغة صاحب الفصاحة اللغوية بالتأكيد..
راحو يرثون حال لبنان.. يتحدثون عن مصائب .. تظنهم وعاظ في سوق عكاظ؛ يجملون كلام سلاطينهم ويحيكون مآربهم ومؤامراتهم بخيوط تضامن وطني وعيش مشترك مدعاة.. يفيضون في بيانهم بمنمّقات اللغة من لوازم المجاملات عن حرصهم على نهائية الكيان.. وينظمون الأشعار عن سيادته وشعبه.. ولا يجدون فيه مساحة لحرف إدانة واحد لجرائم العدوان الذي يقتل ويقصف ويدمر ويهجر.. كل ذلك لا يخدش حيائهم.. حتمًا يهيمون على وجوههم، ولا يجرحون مشاعر سيدهم "العم سام".. أما مشاعر شعبهم الذي يستشهد دفاعًا عن وطنه فلا تعنيهم، ولا يمثلونه؛ بل يمثلون عليه.
تعرفهم واحدًا واحدًا؛ من أسمائهم ووجوههم الكالحة من يمثلون وأتباع من وكيف وصلوا لتحت قبة البرلمان .. "قواتيون" "كتائبيون" "تشرينيون" "انقلابيون".. لكن مربط فرسهم ومحرك إراجوزاتهم واحد .. موظف صغير في إحدى غرف سفارة عوكر الأميركية، هو من يضع جدول أعمالهم ويوزّع أدوارهم في كل وجه أو شكل جديد للمؤامرة الدائمة والمتتابعة على لبنان والمقاومة منذ عشرات الأعوام..
لقد آن آوان هذا الذي حان لاستعادة ما يدعيه هؤلاء زورًا وبهتانًا "خللًا بالتوازن" في غمرة العدوان والتوحش "الاسرائيلي".. أليس الأجدى بهم توفير خطاباتهم وحمأتهم للدفاع عن لبنان بمواجهة المعتدين؟ أين يضع هؤلاء أنفسهم في أي موقع؟.. ثم عن أي آوان يتحدثون؛ وهم من مهالك التاريخ آتون لا مكان لهم في حاضر البلد، ولن يبني أمثالهم المستقبل..ثم أي فرصة يريدون أن ينتهزوها..؟!
بئس هؤلاء إذا كانوا يتحينون فرص يوفرها لهم عدو لبنان للقضاء على خصمهم السياسي والتخلص منه.. ساعتئذ بماذا عنه يختلفون..؟! ألهذا الحد وصلت سذاجتهم بأنّ المقاومة ضعفت، وصار لزامًا عليهم أن ينقضوا عليها لاستكمال ما بدأه عدوها عسكريًا بتآمر سياسي مقيت..؟! وهل عبارة "إنقاذ لبنان" التي يرددونها مرادفة إذا لكلام نتنياهو ووجه آخر لدعوته اللبنانيين "لتحرير لبنان من حزب الله"؟!، وكيف يفسر هؤلاء توقيت دعوتهم "الانقاذية" عقب دعوة "النتن" "التحريرية"؟!.
مهمة "إنقاذ الوطن" حكمًا هي بمرتبة القداسة الوطنية لكنها..لكنها إنقاذ ممن ولمن؟.. هي لا تأتي بالطبع على يد من يجهّلون فاعل الحرب ومفتعلها ضد لبنان، من ينظرون حول تطبيق القرار 1701 وكأنّ "إسرائيل" المعتدية ليست على الخارطة، لا ولم تخرق هذا القرار عشرات آلاف المرات قبل "الطوفان".. ولكأنها تأبه بكل المنظومة الدولية التي يناشدونها.. ألم يمزق مندوبها "ميثاق الأمم المتحدة" على مرأى العالم ومسمعه من على منبرها؟!.. ثم متى تركت جرائمها الإرهابية قرارًا او شرعة دولية تعتب عليها إلّا وداستها؟!، والشاهد الأحدث على ذلك استهداف قواعد "اليونيفيل" في الأيام الأخيرة في جنوب لبنان.
بشعارات "الإنقاذ" البراقة، يحضر "القاموس السيادي" في بيان النواب "المعارضين"، يتلون مزاميرهم عن الدولة الواحدة والملاذ، وبينهم من يعمل، ليلًا نهارًا، لتكريس الفدرالية والتقسيم..، كأنّ الآخرين بنظرهم "ميليشيات" لا يؤمنون بالدولة الواحدة.. مع أنهم الأجدر والأكثر تعمقًا وفهمًا بحاجة لبنان لدولة قوية قادرة على أن تحمي حدودها وسيادتها وشعبها كي لا يعود لقمة سائغة في فم التنين "الإسرائيلي" يلتهمها متى أراد كما كان يفعل بعد هدنة العام 1949 التي يريدون العودة إليها، والتي خزّقها العدو في حرب حزيران 1967، ومسح الأرض بها من دون أن يكون هناك أي مس ببنودها من لبنان.
لشدة حرصهم المزعوم على لبنان يدعون لـ"دعم الجيش اللبناني للقيام بمهامه".. كلام جميل.. لكن العبرة في الأفعال.. لماذا لا يتبرعون للجيش إذا بأموالهم المكدسة في بنوك الغرب، ويستدعون أولادهم على عجل من الخارج ليجندونهم في صفوفه ألوية وفيالق لقتال العدو والدفاع عن لبنان؟.. ولما لا يسيرون الوفود لعقد الصفقات مع حليفتهم واشنطن لتسليحه بطائرات "F35" وقنابل "GBU" الخارقة للتحصينات التي يقصف العدو قرانا ومدننا بها بمدد وجسر أميركي مفتوح.. بالتأكيد سرعان ما سينزل قاطن البيت الأسود جو بايدن عند رغبتهم، ويأمر على الفور بوقف مساعداته العسكرية والأمنية لـ"إسرائيل" وتحويلها للبنان، بل وبمعاودة سحب السلاح الذي استقدم ببداية الحرب من أوكرانيا وأرسل على عجل إلى الكيان، وكل ما تبعه من دعم عسكري..كل ذلك نزولاً عند خاطر ريفي ورفاقه.
وليكتمل النقل بالزعرور في بيان "مؤتمر نواب المعارضة"، فإن تحقق السيادة والشرعية المزعوعة بنظرهم لا يكون بطرد وصد الجيش المعادي.. بل بنزع السلاح وحصره بيد الجيش .. ولكأن الجسور الجوية الأميركية..على وشك أن تحط بناء لطلبهم في مطار بيروت محمّلة بدلاً من "الرينجرات" و"البدلات المرقطة"، و"آليات الخردة" المستهلكة منذ آخر حرب عالمية.. بكل ما يحتاج الجيش من أنواع الدفاعات الجوية والطائرات الحربية والبوارج والغواصات..، وسيتزامن ذلك مع صدور قرار سياسي جريء يأمر الجيش بالتصدي الفوري لأي اعتداء بري وبحري وجوي على السيادة اللبنانية..
أمّا المضحك المبكي في آن، ما حفل به بيان النواب المعارضين "السياديين" من "وصاية بسمن ووصاية بزيت.."، فتراهم يتشدقون ويلعقون شعار "رفض أشكال الإملاءات والوصاية كافة"، لكنهم ما يلبثون يبلعون ألسنتهم ويلحسون كلامهم ويطالبون، في البيان نفسه، بكل وقاحة بتدويل كل لبنان، سواء عبر تطبيق القرار 1559، أو عبر نشر الجيش اللبناني على الأراضي اللبنانية كافة، وضبط جميع المعابر الحدودية وبمعاونة قوات معززة من اليونيفيل على الحدود اللبنانية، جنوبًا وشرقًا وشمالًا، وبرًا وبحرًا وجوًا، بحسب تعبيرهم.
كما لا تغيب عن بيانهم "السيمفومنية" الدائمة..نغمة "قرار الحرب والسلم"..لكن الغريب أنها تأتي دومًا ممن لا يملكون بالأساس قرارهم ..من مرتهنين لشياطين السفارات.. ممن كانوا خلف قرار الحرب الوحيد الذي اتخذ يومًا في لبنان لكن ضد أبناء بلدهم اللبنانيين.. أما على مر التاريخ؛ فقد كان لبنان في موقع دفاع و"إسرائيل" هي المعتدية منذ تمزيقها هدنة العام 1949 حتى اتخاذها قرار الحرب الأولى والثانية ووصولها إلى بيروت، وما تزال حتى يومنا تأخذ قرارات الحرب، فيما المقاومة كانت دومًا حاجة وردّ فعل على العدوان .. ومؤخرًا كشفت تقارير إعلامية غربية الكثير عن تحضير "إسرائيل" لعملية "تفجير البيجر" منذ 9 سنوات، أليس هذا بحد ذاته شهادة بأنها كانت تحضر للحرب على لبنان منذ العام 2006.
في الختام، نصيحة أخيرة لـ"النوائب" "المعارضين" وطن الحرية والشراكة وكرامة الانسان ودولة السيادة والعدالة والقانون، لا يبنى بالمؤتمرات ولا بشحادة القرارات الدولية على أعتاب السفارات .. الوطن يبنى بالدماء التي تضحي بنفسها لكي يعيش الأخرون حقهم في الحياة، والآمان والازدهار والأمل.. فكفاكم نواحًا واستجداءً يا أزلام عوكر..
الجيش اللبنانيمجلس النوابالمقاومةالجيش الاسرائيلي
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024