نقاط على الحروف
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
في زمن مضى، كان لفظ "المعسكر" يستحضر صورة ميدان تدريب وقتال، سواتر وطلقات، بزّات عسكرية وعبق البارود.. اليوم، اتّسعت دلالة "المعسكر"، ليُضاف إليها ميدان الكلمة الموقف، والصورة المقاتلة، والصوت المحارب.. دخل الإعلام ساحة المعركة والنّار، وباستشهاد القائد الحاج محمّد عفيف، عرفنا نموذج الإعلاميّ الاستشهادي في ميدانه.. الاستشهاديّ نعم، فمنذ ارتقاء شهيدنا الأقدس، خلع الحاج محمد عفيف النّابلسي درعه، كعابس الذي أجنّه حبّ الحسين (ع)، ونزل الميدان مقاتلًا، بل درعًا يصدّ عن معسكر الحقّ النّار، قاتل بالصوت الذي كالطلقات انغرز في صدرِ العدا وتفجّر، حمل مسيرته الجهادية الطويلة في الإعلام وقاد آلية التصدّي والنطق باسم المقاومة ومعسكرها، التحم بالعدوّ في ساحة المواجهة الإعلامية، حتى ارتقى ملتحقًا برفاق الدّرب الذين سبقوه، بسيّد شهداء الأمّة..
حين ورد نبأ استشهاد الحاج محمّد عفيف، لم تسجّل أعين النّاس علامة تعجّب واحدة، فالأعجب ألّا يُستشهد، في معركة نزل ميدانها بكلّ عتاده، وكثّف فيها خلاصات جهاده، كأنّه من جهة يستعجل العبور إلى السماء، ومن جهّة يجتهد في تقديم النموذج الأعمق والأنشط والأصدق والأنقى عن الجهاد الإعلامي قبل المضيّ شهيدًا كما أراد وكما استحقّ.
"لم يخفنا القصف فهل تخيفنا التهديدات؟!" قالها الحاج محمد عفيف ردًّا على سؤال حول التهديد باستهدافه خلال مؤتمره الصحافيّ في الغبيري. رفع التحدّي مع العدوّ إلى أقصاه. وقف أمام أعين المسيّرات والطائرات الحربية المعادية، قال كلمة المقاومة، تحدّث باسمها فحلّ على قلوب المشتاقين للسيّد حسن أنيسًا يطمئنهم، يجهّز قلوبهم لخبر النصر: "قطعًا سننتصر"..
بقلبه المثقل بالفقد وبالحزن المؤجّل، بوعيه المدرك لطبيعة دوره وأهمّيته، بوضوح رؤياه ودقّة اختياره للكلمات، بمقدرته العالية على الاحتواء التي شملت حتى الخصوم، بقوّة يقينه بالنّصر وإدراكه لحتميّته مهما غلت الأثمان، خاض الحاج محمد عفيف طريق ذات الشوكة غير آبه سوى بأداء دوره الجهاديّ على أتمّ وجه، فنال البرّ شهيدًا حين أنفق في درب الجهاد كلّ ما يحبّ..
صوت معسكر المقاومة والناطق باسم ميدانها، قائد كتيبة الإعلام المحارب والجنديّ الأشجع فيها، كان قد أسرّ لصديق له يسأله عن حاله أنّه في مرحلة ما بين الحياة والموت، في معرض تعليقه على قول الصديق بأنّه انتقل من الإعلام إلى السياسة.. قال بأنّه بعد ارتقاء "حبيبه وروحه التي بين جنبيه" على حدّ توصيفه، "ميّت يمشي على قدمين"... أيّ ميّت يا حاج يخوض حربًا كالتي خضتها وينتصر كما انتصرت! أيّ حزن ثوريّ جميل دفعك لدخول ميدان الاستشهاد مستخدمًا السّلاح الذي تتقنه حدّ الذوبان فيه: العمل الإعلامي! قبل فترة ليست بطويلة، خاض الحاج محمد عفيف صراعًا مع مرض عضال وشُفي منه ببركة الله، لا ليكسب أيامًا في الحياة الدنيا أكثر وإنّما كي يخرج منها بأحسن خاتمة.. قدّر الله أن يكافئه بشهادة بطولية، ليس لشيء سوى لأنّ دربه الجهادية استحقت ختامًا برتبة شهيد..
ورد النبأ، وكان انتظار بيان العلاقات الإعلامية يحاكي الفقد إيلامًا. فالقائد الذي يصدر بيانات ارتقاء الشهداء ويزفّهم قمرًا بعد قمر، عزيزًا بعد عزيز، صار درّة البيان وهو الخبر..
يُجمع كلّ الذين التقوا بالحاج محمد في الفترة الأخيرة على رؤيتهم بريق الشهادة في عينيه وهما تكتنزان الدّمع على سيّدنا الشهيد وتؤجّلانه.. يشهدون بأنّ من صوته فاح عبق الاستشهاديين، وشوهد فيه طيف صلاح غندور وعلي أشمر وهما يتجهزان لعمليتيهما الاستشهاديّتين.. بل شوهد طيف كلّ شهيد عبر، كلّ عزيز ارتقى.. يؤكدون على أن خبر استشهاده بعد الاستهداف الآثم لم يصدمهم، وإن شقّ صدورهم بلوعة الفقد وألم الفراق.. يبتسمون ملوّحين له وهو يختم حياته بأحسن الخواتيم ويرتقي إعلاميًا محاربًا وقائدًا جهاديًا بطلًا وصديقًا صادقًا وعزيزاً..
تبدع المقاومة الإسلامية في لبنان في صناعة النماذج الحقيقية والبطولية في كلّ ميادين الجهاد.. يبدع حزب الله في تقديم أرقى التجارب الإنسانية على مختلف المستويات، من القادة الشهداء إلى الكشفيين الشهداء، من المسعفين الأبطال إلى العمائم المجاهدة.. من الإعلام الميداني المجاهد إلى القتال الميدانيّ الإعلاميّ.. وتسجّل في كلّ هذا بطولات ومآثر سيحكي عنها الزمان ألف دهر..
أمّا بعد، فقد زفّت المقاومة "قائدًا إعلاميًا كبيرًا وشهيدًا عظيمًا على طريق القدس، الحاج محمد عفيف النابلسي، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، والذي ارتحل إلى جوار ربه مع خيرة من إخوانه المجاهدين في غارة صهيونية إجرامية عدوانية، بعد مسيرة مشرّفة في ساحات الجهاد والعمل الإعلامي المقاوم." زفّت المقاومة إلى أهلها عقلًا حكيمًا وقلبًا سليمًا وعمرًا جميلًا وصبرًا طويلًا وإخلاصًا وفيرًا وشوقًا طال إلى الرّفاق واشتعل إلى السيّد حسن.. وكما الجسم المقاوم، كلّ أهل المقاومة يا حاج محمّد، تداعوا أمام النبأ إلى تهنئتك بفوزٍ عظيم مستحقّ، وكلّ أهل الإعلام أجمعوا على الشهادة بأن ما رأوا منك إلّا خيرًا .. أجمعوا على التبسّم لصورتك شهيدًا على طريق القدس وقالوا:"هنيئًا!"
حزب اللهالعلاقات الإعلامية في حزب اللهمحمد عفيف
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
31/03/2025
مشهد العيد: رسالة مقاوِمة
28/03/2025
بصوتِ القدس: "وفّيت يا سيّد حسن"
21/03/2025
وجه التطبيع الأوحد.. الذل والخسارة
19/03/2025
هنا غزّة...
التغطية الإخبارية
برنامج الأغذية العالمي: المخابز الـ 25 التي ندعمها في غزة أغلقت أبوابها
غارة جوية صهيونية تستهدف منزلًا في منطقة معن شرقي مدينة خانيونس
"فايننشال تايمز": ألمانيا تسعى إلى ترحيل مواطنين من الاتحاد الأوروبي بسبب احتجاجات مؤيّدة للفلسطينيين
"رويترز": انقطاع الكهرباء عن أنحاء سورية كلها جراء أعطال عديدة
إعلام العدو: سامي ترجمان مرشح لرئاسة الشاباك
مقالات مرتبطة

حزب الله يدعو جماهير المقاومة لتشييع الشهيد القائد حسن بدير ونجله

لمناسبة عيد الفطر المبارك.. وفد من حزب الله زار أضرحة الشهداء في صيدا والجوار

لهذه الأسباب لم تستقبل دمشق الوفد اللبناني.. و"نبوءة حاصباني نحو التحقق"

الكلمة الكاملة للأمين العام لحزب الله بمناسبة يوم القدس العالمي

الشيخ قاسم: إذا لم تلتزم "إسرائيل" فلن يكون أمامنا إلا العودة إلى خيارات أخرى

العلاقات الإعلامية في حزب الله: إلغاء احتفال يوم القدس نظرًا للعدوان الصهيوني على الضاحية

العلاقات الإعلامية في حزب الله لـ"العهد": العدو "الاسرائيلي" لا يحتاج لذرائع لشنّ اعتداءاته على لبنان

العلاقات الإعلامية في حزب الله: لا علاقة للحزب بالأحداث التي جرت اليوم على الحدود وبأي أحداث داخل سورية

العلاقات الإعلامية في حزب الله حول زجّ اسم الحزب في أحداث سورية: لعدم الانجرار وراء حملات التضليل

حزب الله يعزّي باستشهاد القائد الضيف وثلة من رفاقه: سيبقى وإخوانه رمزًا للأحرار الذين سيكملون طريق المقاومة

مئة يوم على شهادة محمد عفيف... الرجل الذي قذف بنفسه إلى الحافة الأمامية للشجاعة

وقفة تضامنية لـ"اللقاء الإعلامي الوطني" في بلدة شمع.. محمد عفيف سيد الحاضرين

الحاج يوسف الزين خلفًا للإعلامي الشهيد الحاج محمد عفيف

الشهيد محمد عفيف النابلسي: إرث إعلامي لا يموت في معركة المقاومة
