معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

أشرف الناس" عادوا منتصرين...
28/11/2024

أشرف الناس" عادوا منتصرين...

ونال أهل المقاومة برَّ النّصر حين أنفقوا ممّا يحبّون.. بل أنفقوا أكثر ما يحبّون ومَن يحبّون.. لذا، عند الرابعة فجرًا، وفي لحظة دخول وقف إطلاق النّار حيّز التنفيذ، رآهم كلّ أهل الأرض وهم ينطلقون قوافل حبّ وعزّة.. إلى الجنوب، إلى البقاع، إلى الضاحية.. عائلات البذل الجميل اتجهت نحو مسقط قلبها، أرض المقاومة، حرّرت الدموع الحبيسة من مآقيها، وأطلقت العنان للشوق الذي في صدورها، ومشت.

من أين نبدأ، والمشهد يحوي ألف ألف حكاية؟ 

من قرى الجنوب، حيث التراب يحكي حكاية الحرب وما رأى؟ وصل أهل المقاومة أرضهم بعد نزوح مُرّ، وشوق كأنه الدهر.. هناك، تراهم ينحنون ليقبّلوا الأرض المشبعة بآثار الشهداء، ليشمّوا عبق خطوات رجال الله.. وتراهم يتعانقون والدمع كما الزغاريد لغة يوم النصر.. في القرى الحدودية ورغم سيل الترهيب الإعلامي الذي عمد إلى بثّ الخوف في قلوب أهلها، بدت الصورة أوضح وأجمل: تلك القرى هي الحافّة الأمامية التي شكّلت درع البلاد طوال فترة الحرب، واستحال صدرها ساحة اشتباك تلقّن العدوّ شرّ هزيمة، خلّف المهزوم بقاياه مرميّة على الأرض، ومن شدّة حنقه حاول من مخابئه ترويع العائدين. 

أم من قرى البقاع، حيث رفعت كلّ منها شارة النّصر مطرزة بما وهبت في خطّ المقاومة من دم أبنائها ومن عرق جبينها المتمثّل في البيوت والأرزاق التي عمد العدو طوال الحرب إلى استهدافها وتدميرها؟ وصل العائدون إلى البقاع. تحلّقوا حول صور الشهداء وزغردوا النّصر بدموعٍ أبية.. هناك، حيث خزّان المقاومة والشهداء وأرض السيد عباس الموسوي، رأينا كيف يكون الوفاء بأجمل صوره، وبدا كأن الأرض المشتاقة ترفع ذراعيها لتستقبل أولادها الذين حزّ قلوبهم الشوق إليها.. عادت العائلات وكثير منها وجدت بيوتها ركامًا وأرزاقها مدمّرة.. فشمّت في الركام والدمار رائحة العزّة والبذل، ورفعت إلى السماء عينين تستضيئان بنور زينب (ع) وقالت لم نرَ إلًا جميلًا. 

أم نبدأ من الضاحية، مدينة الحبّ التي غمرها العدوّ بوابل حقده طوال أيام العدوان.. قوافل سيّارة ومشاة دخلت الضاحية على وقع أناشيد النّصر، وصيحات "لبيك يا نصر الله".. صور الشهداء تستقبل العائدين، ورائحة الحرب المنبعثة من الركام تلفح وجوه المشتاقين للطرقات وللمحال وللبيوت ولدفء المدينة الحلوة.. عمّال ينشطون في فتح الطرقات وفي إصلاح ما تيسّر كي تكون العودة آمنة والاستقرار السريع ممكنًا.. والناس في الطرقات ولو بدون سابق معرفة، يتبادلون التبريك بالنصر.. تراهم عائلة واحدة التمّ شملها بعد شتات وبُعد.. المحال التجارية تفتح أبوابها ببطء وثقة.. صوت المواكب التي تعبر بين الحين والآخر، يثلج القلب المقرّح بالفقد.. وكلّ أهل المقاومة اليوم فاقدون وصابرون.. الروضة في الغبيري تجهّزت منذ الصباح الباكر لاستقبال العوائل التي ستزور أولًا أضرحة "الغوالي".. حين تمر بجانبها، يلفحك دفء الشهداء.. ولهفة أهلهم إلى ضمّة من فوق الضريح. 

في الجنوب، في البقاع وفي الضاحية، نادى أهل المقاومة بكلّ ما فيهم من ألم الفقد وفيوض العزّة باسم السيّد.. ومشاهد الدّمع والحبّ الذي وصل قلوبهم بقلب سيّد شهداء الأمّة لا تكفي صفحات الدنيا لكتابتها.. في كلّ دروب العودة ووجهات العائدين، رأينا بسمة السّيد وقد أشرقت من بين الركام لتطمئن أشرف الناس وتبارك لهم بالنصر الذي وعدهم به.. أجل رأيناه حاضرًا في كلّ العيون، وسمعناه في كلّ الأصوات المنادية باسمه.. شوقًا وحبًّا وتبريكًا وأملًا بأنّنا "قد وفّينا".. سمعنا "يا أشرف الناس..." تهدر بصوته من كلّ الجهات..

حزب اللهالسيد حسن نصر االلهالمقاومةالجيش الاسرائيلي

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة