معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

حرب تموز : تحولات في البنية والرؤية
14/07/2019

حرب تموز : تحولات في البنية والرؤية

بقلم الدكتور إيهاب حمادة(*)
لعلّ أدنى تأمل في الرؤية التي انبثق عنها قرار الحرب على لبنان في تموز 2006 يقود إلى استنتاج أهداف العدو التي كانت في بعدها الحقيقي أعمق من تلك المعلنة، لعلّ منها : إستعادة هيبة الجيش الإسرائيلي بعد تحرير العام 2000 وتوفير الظروف المناسبة للشرق الأوسط الجديد الموعود وتطويع كل من إيران وسوريا، ففي الوقت الذي كانت فيه رؤية العدو تستند إلى استراتيجية القضاء على العنصر الفاعل والمؤثر في محور المقاومة، تمهيداً لإعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة.

كانت المقاومة بوصفها رأس حربة المحور تتحرك وفق رؤيتها المستندة إلى إستراتيجية أكثر عمقاً في ضرورة رسم هذه الخارطة بعقلٍ ينتمي إلى مصالح الأمة وقضاياها الكبرى. فكان الإنتصار بحجم هذه المصالح، وعلى قياس هذه القضايا. وذلك ما شكل تحولاً جوهرياً إن على مستوى بنية المقاومة ووظيفتها، أو على مستوى بنية المحور ووظيفته، وبالتالي فإن آليات الصراع وجغرافيته أخذت بعداً آخر تجلى في ساحات المنطقة سواء في العراق، أو في سوريا أو تالياً في اليمن، فكانت كل الأحداث  ـ انطلاقاً من هذه الرؤية ـ  تداعياتٍ لذلك الإنتصار العظيم الذي أنتجه مثلث ماسيٌّ تمثّل بالمقاومة والجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية.

كذلك فإن المفردات التي تشكل منها وعي العدو أصيبت برهق استدعى ضرورة إعادة تشكلها ولكن وفق هواجس وجودية كان من آثارها تخلخلٌ في عقيدة الجيش الإسرائيلي وانعدام ثقة الإسرائيليين به.

هذا ما كان محور أحد خطابات سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله (حفظه الله). وجل ما نريد أن نقوله في هذه المقاربة : إن دراسةً مقارنةً لأهداف العدو في حرب تموز والأهداف الحقيقية لمحوره في الساحة الجغرافية للأحداث الحالية (سوريا ـ اليمن ـ العراق ـ لبنان) يظهر وحدة هذه الأهداف، ما يعني الإعتراف المحض بفشل الجيش الإسرائيلي ومن معه، وبالتالي هذا ما استدعى الأصيل إلى انتهاج إستراتيجية جديدة للصراع وجغرافية أكثر اتساعاً، ذلك أن ما أظهره محور المقاومة من منعة وقوة واقتدار لا يمكن أن يتأثر إلا بفعل حشد غير مسبوق من كل دول هذا المحور وأدواته، فكان ما كان في العراق وسوريا، ليأتي انتصارهما بمثابة الضربة الكبرى الأكثر إيلاماً ونفاذاً في جسد العدو الذي يبحث من جديد عن ترميم رؤيته، والتحول إلى إستراتيجية أخرى تمكنه من تحقيق أهدافه في شرق أوسط جديد لم يحصد في محاولة بنائه إلا الفشل تلو الفشل، وليكون انتصارُ تموز الثابتُ الوحيد في كل هذه التحولات خيطاً ذهبياً يشكل الناظم لعِقد الإنتصارات المطلة من سوريا واليمن و.....
(*) عضو كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني

حرب تموز 2006

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل