معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

كرم الرصاص .. فصول جديدة في مواجهات مربع التحرير في بنت جبيل
16/08/2019

كرم الرصاص .. فصول جديدة في مواجهات مربع التحرير في بنت جبيل

محمد أ. الحسيني
                                
ثلاثة عشر عاماً على الانتصار الإلهي الذي حققته المقاومة الإسلامية بين تموز وآب 2006، ولا تزال تفاصيل النصر تتكشّف في صور جديدة، فتؤرخ للمزيد من جوانب الهزيمة والاستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي؛ ومواجهة كرم الزيتون قرب مربع التحرير، الذي يعتبر منطقة وصل بين بلدات عيناثا وبنت جبيل ومارون الراس وعيترون، هي واحدة من سبع محطات سطّر المجاهدون نصرها على مسرح المعارك الميدانية خلال 33 يوماً من العدوان الإسرائلي على لبنان، وتركت آثارها البنيوية في تكتيكات الحرب التي تعتمدها قيادة الاحتلال في أي مواجهة مقبلة مع رجال الله في لبنان.

مارون أولى النكبات

مع إعلان العدو عن بدء العمليات البرية في 19 تموز، ومع احتدام المواجهات في منطقة الباط تحديدًا، بدأت المقاومة الكشف عن أولى المفاجآت، فاصطادت صواريخ الكورنيت رتلاً من الدبابات المتقدّمة، وكانت هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها المقاومون هذا النوع من الصواريخ.. وفي 20 تموز كان الميدان على موعد مع مواجهات بطولية على تخوم بلدة مارون الراس.. عند ساعات الفجر الأولى تحرّكت قوات العدو باتجاه البلدة بعد أن زجّت بجنود وحدة "إيغوز" من قوات النخبة، وكان الهدف احتلال بلدة عيناثا والوصول إلى بنت جبيل، وكان المقاومون بالمرصاد، وعلى أعتاب مارون الراس سقط للعدو 4 جنود قتلى والعديد من الجرحى.

خيوط الفولاذ تمزّقت في بنت جبيل

على مدى ثلاثة أيام استقدم العدو تعزيزات عسكرية كبيرة، وأبرزها الكتيبة 51 التي تُعتبر نخبة النخبة في لواء غولاني، ومهّد العدو للبدء بمعركة بنت جبيل بقصف تدميري مجنون براً وجواً استهدف قرى بنت جبيل وعيناثا وعيترون، وبلغت نسبة الدمار ما بين 30 و 40 بالمئة من المنطقة المستهدفة، وظن جنود الاحتلال أنهم سيدخلون منطقة ممسوحة خاوية وساقطة عسكرياً، ولكن النتيجة كانت سقوط أكثر من 12 قتيلاً من لواء غولاني في المواجهات الأولى، وتدمير 6 دبابات ميركافا من الجيل الرابع.. وتتوالى المفاجآت..

على مدى ثلاثة أيام استقدم العدو تعزيزات عسكرية كبيرة أبرزها الكتيبة 51 التي تُعتبر نخبة النخبة في لواء غولاني ومهّد للبدء بمعركة بنت جبيل بقصف تدميري

الإثنين 24 تموز 2006 فجرًا.. تحرّك العدو لتنفيذ معركة "بيت الفولاذ" وهي التسمية التي أطلقها الإحتلال على معركة بنت جبيل في مقابل "بيت العنكبوت" وهي التسمية التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، ولتنفيذ هذه الخطة لا بد من احتلال عيناثا.. ركّز العدو قصفه التدميري على مربع التحرير .. اندلعت المواجهات وكانت حصيلتها مقتل أربعة جنود إسرائيليين، وفشل العدو في السيطرة على عيناثا وأطراف بنت جبيل الشرقية، فانتظر إلى اليوم التالي ليعاود التحرك من الجهة الجنوبية عبر تلة مسعود ويحشد قواته للمواجهة الكبرى.

نكبة غولاني في كرم الزيتون

الأربعاء 26 تموز 2006 فجراً .. تقدمت الكتيبة 51 التابعة للواء غولاني من كرم زيتون شمال مربع التحرير فيما كان رجال الله قد أتمّوا صلاة الفجر واتخّذوا مواقعهم القتالية، وحالما وصل جنود العدو إلى نقطة المقتل بدأت فصول الملحمة الكبرى، جرت الاشتباكات على بعد أمتار وصراخ جنود العدو كان يعلو على أزيز الرصاص، فلجأوا إلى المنازل للهرب من وابل النيران، وجاءت حصيلة المواجهات 9 قتلى من لواء غولاني من بينهم نائب قائد الكتيبة 51 و26 جريحاً.

كانت مواجهة كرم الزيتون واحدة من أقسى وأشرس المعارك التي خاضها جنود الاحتلال في حرب تموز 2006

تحوّل كرم الزيتون إلى رمال متحركة وحجارة من نار تحت أقدام جنود العدو، وبعد أن تجرّعت القوة المعادية مرارة الهزيمة أصبحت المهمة الآن سحب القتلى والجرحى من أرض الميدان على عجل، وهو ما لم يكن سهلاً أبداً، فخط الانسحاب يبلغ مسافة 750 متراً ما اضطر جنود الاحتلال إلى التخفيف عنهم ما أمكن من أثقال عليهم وعلى أجساد القتلى والجرحى، فانتشرت الأسلحة والعتاد التي خلّفها جنود العدو وراءهم على مسافة خط الإنسحاب إسراعاً في الفرار.. الهدف الإسرائيلي في احتلال بنت جبيل حيث أعلن السيد نصر الله الانتصار في أيار 200 سقط، ولم يفلح جنود العدو حتى في تحقيق انتصار معنوي أو في وضع علم إسرائيلي على جدار على أحد منازلها.

العدو تخلّى عن أسلوب حرب المشاة

كانت مواجهة كرم الزيتون واحدة من أقسى وأشرس المعارك التي خاضها جنود الاحتلال في حرب تموز 2006.. هكذا وصفها قادة العدو في تصريحاتهم وهكذا جاء في شهادات جنوده الذين نجوا من جحيم المواجهة، فحتى أشجار الزيتون كانت تطلق النار وكانت القذائف والصواريخ تنهمر علينا من كل حدب وصوب بدون توقف، وكأن كل حجر كان يخفي خلفه عنصراً من حزب الله؛ وشكّلت هذه المواجهة بالفعل منعطفاً جوهرياً في مسار الخطط الميدانية العسكرية، بحيث أسقط العدو من حساباته أسلوب حرب المشاة بعد أن أدركوا أن للميدان أسياده ورجالاً أعاروا جماجمهم لله.

هم أرادوا والله أراد.. ورجال الله صنعوا المفاجأة الكبرى.. في كرم الزيتون بجوار مربع التحرير انكسرت أسنّة رماحهم، وعند جلجلة أقدام المجاهدين توقفت جحافلهم، وتحت وقع رصاصهم سقطت أسطورة الوهم ليتجدّد الخطاب: "إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت".
#صيف_الانتصارات

حرب تموز 2006#صيف_الانتصارات

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل