آراء وتحليلات
ماذا تعني موازنة 2020 في ظل غياب استراتيجية الدولة؟!
محمد علي جعفر
يسعى لبنان لإقرار موازنة 2020 خلال المُهل الدستورية، في ظل قلقٍ عبَّرت عنه جهات دولية نتيجة التقييم الاقتصادي لوكالات التصنيف الائتمانية وصندوق النقد الدولي والذي بيَّن وجود صعوبات وتحديات كبيرة قد تؤثر على قدرة لبنان على تنفيذ التزاماته الإصلاحية والتنموية. في لبنان، يتغنَّى المسؤولون المعنيون بإنجاز مشروع الموازنة ووضعها على بنود جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المُقبل. لكن أسئلة كثيرة يطرحها المراقبون، عن الجدوى من إنجاز مشروع الموازنة، وما الذي سيحمله من جديد، سوى أنه سيُظهر أمام جهات الدعم الدولية مسعى لبنان لاحترام المُهل الدستورية. فهل يكفي احترام المُهل الدستورية لإيلاء الثقة بدولة عاجزة عن تنفيذ التزاماتها أمام شعبها والمجتمع الدولي؟
بعد تمريرها، سوَّق البعض في لبنان موازنة العام 2019 على أنها خشبة الخلاص. اليوم تأتي موازنة العام 2020 لتطرح نفس القضايا التي اختلف عليها اللبنانيون. الحلول اللبنانية المُبتكرة والمُقتصِرة على السياسات التقشفية، لم تنجح. والتجربة كما الواقع يشيران الى صعوبة في تأمين ايرادات جديدة، فأي موازنة ينتظرها اللبنانيون؟
لا شك بأن ا
المشكلات في لبنان بنيوية، وعلاجها لا يكون إلا من خلال وضع استراتيجية شاملة للدولة اللبنانية. استراتيجية طويلة الأمد وتُعبر عن مشاريع تتضمن برامج خدماتية جاهزة للحكومات المتعاقبة، تصدر معها تشريعات تُحدد الإطار التنفيذي لها والذي يحكم معايير الإجراء وزمان التنفيذ.
في لبنان يتصف العمل الحكومي بالاستنسابية. وزارات تعمل وكأنها لا تتبع دولة واحدة، بل يغلب على سلوكها الطابع التنافسي ضمن إطار الأحزاب والتيارات الحاكمة. وهو ما يجعل خدمات الوزارات مادة للسجال السياسي. فهل يُدرك أهل السلطة أن الوزير هو موظف دولة كبير يخضع لرقابة الدولة والشعب وعليه أن يتكامل في عمله الحكومي مع الوزراء الآخرين ضمن إطار استراتيجية الدولة؟! وكيف يمكن محاسبة الوزارات في ظل غياب الإستراتيجية عن الدولة؟
الى جانب مشكلة التكامل بين وزارات الدولة، مشكلة أخرى تتعلق بغياب التكامل بين الدولة والقطاع الخاص. وهو ما جعل سمة التبدُّل في الأولويات حاكمة مع تطور الحكم وتغيّر الحكومات. وباتت الاستنسابية في تحديد الأولويات تخضع لإطار ضيق لا يُعبر عن هموم المواطن. فالخيارات الاقتصادية مثلاً تأتي كجزء تحدده إستراتيجية الدولة، وعلى أساسها يجب أن توضع حسابات النفقات والإيرادات، مع ما يحتاجه ذلك من تشريعات ومشاريع داعمة. وهنا يأتي السؤال حول الإطار الذي تعتمده الدولة في وضعها لموازنة 2020؟!
وحول التعاون بين القطاعين العام والخاص وما يعنيه ذلك من إيجابيات، صدر في العام 2017 قانون حول تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ووضعت الدولة اعتماده ضمن ملفي الاتصالات والكهرباء كأولوية. لكن عقبات كثيرة بنيوية منعت وتمنع تطبيق هكذا قانون. غياب الثقة بين القطاعين، عدم اهلية الدولة لإدارة مشاريع القطاع الخاص، فساد الطبقة السياسية وضعف الثقة بها وأسباب أخرى تُعرقل تطبيق هذا القانون. لنقل إن العقبات موجودة لكنها تُعبِّر بالحقيقة عن الواقع الفاسد للدولة وعقلية النخبة الحاكمة القائمة على أولوية المنفعة الخاصة على حساب المصلحة العامة.
اليوم، ي
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024