معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

تونس: ماذا ينتظر الحكومة القادمة؟
19/10/2019

تونس: ماذا ينتظر الحكومة القادمة؟

تونس ـ روعة قاسم

ينتظر التونسيون تحديد موعد الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب لأداء الرئيس الجديد قيس سعيد لليمين الدستورية والتي من المتوقع ان تكون مطلع الأسبوع القادم وذلك بعد انتهاء آجال تقديم الطعون الانتخابية في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا.

يشار الى ان المرشح الرئاسي التونسي الخاسر، نبيل القروي،  كان قد اعلن أنه لن يطعن بنتائج الاقتراع، التي أفرزت فوز منافسه قيس سعيّد، "تغليبا للمصلحة العليا للوطن". وذلك بحسب بيان صادر عن حزب قلب تونس أكد فيه القروي بانه" بعد التشاور مع المكتب السياسي لقلب تونس، خيّرنا تغليب المصلحة العليا للوطن بعدم الطعن في نتائج الانتخابات ". كما جدد تهنئة سعيّد بفوزه، متمنّيا له "كلّ النجاح والتوفيق في أداء مهامّه على رأس الدّولة". وقد فاز حزب قلب تونس بالمرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية وحصل على 38 مقعدا من أصل 217، ليكون الحزب الثاني الحاصل على اكبر كتلة بعد حزب النهضة.

وفي الأثناء انطلقت حركة النهضة ـ وهي الحزب الأول الفائز في الانتخابات التشريعية ـ في مشاورات تشكيل الحكومة القادمة بحسب ما أعلن الناطق الرسمي باسمها عماد الخميري مؤكدا بان المشاورات لن تشمل كل مكونات المجلس النيابي، اذ تستثني حزبي " قلب تونس" والحزب الدستوري الحر". ما يعني عمليا ان هذين الحزبين سيشكلان المعارضة القادمة ورأس حربتها. وينص الدستور التونسي على ان يكلف الرئيس المنتخب الحزب الفائز في الانتخابات بتكوين الحكومة خلال شهر قابل للتجديد مرة واحدة.

فهناك حاجة اليوم في تونس لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن بالنظر الى الملفات الصعبة الهائلة التي تنتظر التونسيين اهمها التصويت على مشروع المالية لسنة 2020 . وفي ظل التشتت الكبير الذي افرزته الانتخابات التشريعية وعدم فوز حزب كبير بغالبية المقاعد التي يتطلبها تشكيل حكومة ، فان كل هذه التطورات تفرض على حزب النهضة الفائر بأكبر عدد من المقاعد ( 52 مقعدا) اقامة تحالفات مع الكتل النيابية والأحزاب التي يمكن ان تنسجم مع برامجه ورؤيته لتسيير لوضع العام في ظل الأزمة المستفحلة معيشيا واقتصاديا وسياسيا ...اذ يتوقع خبراء الاقتصاد ان يصل حجم خدمة الدين العام في تونس الى حدود 11.678 مليار دينار. فالدولة التونسية ولئن نجحت في الانتقال السياسي الديمقراطي الا ان الانتقال الاقتصادي لم يتحقق بعض، فكل المؤشرات الاقتصادية تعكس تراجعا كبيرا في نسب النمو بسبب الأزمات العديدة التي عرفتها البلاد خلال الاعوام الماضية. علما ان اتفاق القرض الممدد مع صندوق النقد الدولي ينتهي في السنة القادمة ..لذلك فان التحدي الكبير  على الحكومة الجديدة هو الدفع بالنمو والاستثمار من اجل استرجاع الحد الأدنى من التوازنات المالية التونسية وايقاف النزيف في الانفاق العمومي العام لكي لا يتفاقم الوضع الاقتصادي أكثر. كل هذه الملفات تتطلب تكاتفا للنخب التونسية والتيارات السياسية الفائزة في مجلس نواب الشعب سواء التي ستحكم او التي ستنضم الى صفوف المعارضة وتؤثث جبهتها.

ولعل اعلان الجلسة العامة لمجموعة العمل المالي (Gafi) المنعقدة في باريس إخراج تونس رسميا من "القائمة السوداء" يشكل  خطوة هامة على طريق انعاش الوضع الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات الخارجية التي تحتاجها البلاد للخروح من الأزمة المستفحلة . فمسيرة تونس وتجربتها الديمقراطية ، تحتاج ايضا الى مقومات اقتصادية حياتية لتعيش وتستمر.

قيس سعيد

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات