آراء وتحليلات
تونس: الحبيب الجملي ومشاورات تشكيل الحكومة
تونس ـ روعة قاسم
تتواصل المشاورات بشأن تشكيل الحكومة التونسية الجديدة بعد أن تم تكليف مرشح حركة النهضة الحبيب الجملي رسميا من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، الساكن الجديد في قصر قرطاج. وتبدو مهمة الجملي صعبة وشاقة باعتبار تناقضات المشهد السياسي التونسي وصعوبة جمع الأحزاب التي من المفترض أن تتشكل منها الحكومة مع بعضها بعضًا.
فالحزب الفائز بالمرتبة الأولى، حركة النهضة، ليس لديه سوى 53 نائبا في البرلمان وهو بحاجة إلى 109 نواب لتشكيل الحكومة وهو نصاب إن تحقق لن يمكن الحكومة من تمرير مشاريع القوانين التي تحتاج إلى نصاب أكبر. وللإشارة فإن الحزب الأول في انتخابات 2014 أي حركة نداء تونس فاز بـ86 مقعدا وتحالف مع الحزب الثاني أي حركة النهضة التي حصلت يومها على 69 مقعدا أي أكثر مما حصلت عليه اليوم رغم أنها الأولى.
التوفيق بين المتناقضات
وبالتالي فلا مفر لحركة النهضة من التحالف هذه المرة مع الحزب الثاني أي حركة قلب تونس الفائز بأربعين مقعدا للاقتراب من النصاب القانوني لتشكيل الحكومة ومحاولة الحصول على أغلبية مريحة للحكم في أفضل الظروف. كما أن حركة النهضة بحاجة إلى حركة الشعب ذات التوجهات القومية العروبية وأيضا التيار الديمقراطي لتشكيل هذه الحكومة.
لكن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي قد يصطدم برفض التيار الديمقراطي الانضمام إلى حكومة فيها حزب قلب تونس الذي يعتبره التيار الديمقراطي رمزا للفساد ويتبنى شعارات ثورية لا علاقة له بها. فالتيار الديمقراطي هو أحد شقوق حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يرأسه المنصف المرزوقي والذي انقسم إلى أحزاب صغيرة تعادي النظام السوري وتؤيد المؤامرة التي تسلطت عليه وتعتبرها ثورة.
سباق مع الزمن
ويبدو الحبيب الجملي في وضع لا يحسد عليه، فهو مطالب بتشكيل حكومة في أسرع الآجال بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش الذي تعيشه البلاد منذ سنوات والذي لا يحتمل التأخير وإضاعة الكثير من الوقت في المشاورات. فالأرقام تؤكد على ارتفاع معدلات الفقر والبطالة منذ اندلاع شرارة "الثورة" في 2011 إلى مستويات قياسية لم تعرفها البلاد من قبل، وغابت المشاريع التنموية التي ستنهض بالاقتصاد ناهيك عن تعطل عجلة الإنتاج التي أدت إلى تراجع الصادرات وارتفاع الواردات.
وأدى كل هذا إلى تراجع سعر صرف الدينار التونسي مقارنة بالعملات الأجنبية وتسبب هذا الانهيار للدينار في ارتفاع أسعار المواد المستوردة من سيارات وآلات الكترونية وغيرها. وبالتالي فإن الحكومة الجديدة سترث تركة ثقيلة بكل ما للكلمة من معنى وستعمل في ظروف صعبة خصوصا في موسم الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية وهو شهر كانون ثاني/ يناير من كل عام.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024