معركة أولي البأس

آراء وتحليلات

واحد وأربعون عامًا على انتصار الثورة.. لماذا الـ
07/02/2020

واحد وأربعون عامًا على انتصار الثورة.. لماذا الـ "ايرانو فوبيا"؟

ايهاب شوقي

في رصدنا للصراعات الاقليمية، فإننا نلمح على غير المعتاد في اقليمنا ثلاثة معسكرات، بينما المعتاد هو وجود معسكرين، احدهما ثوري تقدمي، والاخر رجعي عميل للاستعمار. بينما نشهد اليوم حالة من الحالات الفريدة ولا نقول غير المسبوقة، وهذه الحالة هي وجود ثلاثة معسكرات، احدها تركي قطري، والاخر سعودي اماراتي ومضمونه سلطوي شمولي ويضم في طياته جماعات متنوعة بين المرتزقة من السياسيين والاعلاميين والسلطويين وبقايا تيارات قومية بائدة، والمعسكر الثالث في الاقليم هو معسكر المقاومة والذي يضم دول محور المقاومة والجماعات والفصائل التي تنتمي لهذا المحور، ولا شك ان ايران تقف على رأس هذا المحور.

وبينما هناك علاقات تبدو ودية "رسميا" بين ايران وتركيا، وتقارب "شكلي" بين ايران وقطر، الا أن عدم القطيعة الرسمية والتقاربات الشكلية لم تمنع كافة الجماعات التابعة للاتراك والقطريين من التطابق في ممارساتهم وادعاءاتهم وتحاملهم بشكل متطابق مع جماعات المعسكر السعودي الاماراتي.

هنا، وفي مجمل رصد التيارات الفكرية والأوضاع الاقليمية والدولية، نحن بصدد حالة يمكن أن نطلق عليها (الإيرانو فوبيا)، وخاصة عندما نرصد أصداءها في الأوساط الشعبية في بلداننا العربية. هي حالة مرضية بالفعل ولها بالطبع ما يفسرها وتراكمات جهود دوائر استخباراتية، الا أن الاخطر والذي تجب مناقشته، هو الخلل الذاتي لدى التيارات الفكرية، وكذلك بعض الاوساط الشعبية.

وهنا نلقي الضوء باختصار على ابرز الجهود الاستخباراتية والدعايات التي خلقت هذه الحالة وعلى ما نراه خللا بالتيارات الفكرية والسياسية وكذلك الاوساط الشعبية.

أولا: وعلى صعيد الدعايات المضادة، فمنذ انتصار الثورة الاسلامية، انطلقت الدعاية المضادة بالانقلاب الرجعي والتباكي على الشاه، وزعم وجود محاولات لتصدير الثورة وزرع الفوضى في الاقليم.

ثم انطلقت ماكينة الدعاية الوهابية برعاية استخباراتية أمريكية لتكفير ايران (على غرار تكفير عبد الناصر)، وروّجت دعايات احتلال ايران للاراضي العربية، ثم بدأت حرب ضروس قادها للاسف قطر عربي قومي، ليهدر قوته وقوة الجيش الايراني الصاعد في معركة لم يربحها سوى الامريكيين والصهاينة، حيث عطلت جهود بناء القوة واهدرت الوقت لصالح مسار مواز للاستيطان الصهيوني وفرض مفاهيم (السلام المزعوم)!

وتتواصل ماكينة الدعاية الاعلامية حتى اللحظة لشيطنة ايران بزعم أنها تتدخل في شؤون الدول وتهدد امن الخليج وتحاول الهيمنة عبر (المد الشيعي) وصولا الى دعايات هزلية انطلت على البعض رغم كونها لا تنطلي على الاطفال، من قبيل ان الصراع الامريكي الايراني هو مسرحية.

ثانيا: ان كانت مصالح الغرب وممالك الخليج او مصالح الانظمة بشكل عام تسوغ لهم هذه الممارسات الدعائية بسبب خياراتهم المختلفة والمتنوعة بين العمالة والضعف والاحجام عن المواجهة مع امريكا وتبعاتها، فإن التيارات الفكرية والسياسية، وكذلك الاوساط الشعبية، لا ينبغي لها الوقوع في هذا الفخ.

وهنا نقول انه خلل لاننا نفترض ان بعض هذه التيارات لم يتخذ هذا الموقف من قبيل الارتزاق او الخيانة، وان كان البعض مرتزقا ويحظى بتمويل مقابل هذه المواقف.

اما من يتخذون هذه المواقف عن طريق الايمان الحقيقي بها فنقول لهم ما يلي:

1- لا نقول ان ايران دولة معصومة من الخطأ ولكن نقول انها دولة شريفة، أعلنت أن امريكا هي الشيطان الاكبر، وانها لا تعترف بدولة الكيان الاسرائيلي، وهو من المفترض ما يتلاقى مع التيارات القومية والدينية وهو اكبر جامع بين هذه التيارات وايران ولا سيما ان المشروع الصهيو امريكي يستهدف المنطقة بشكل علني وفاجر.

2- لم يختطف (الخمينيون) الثورة، بل كانوا على رأسها وكانت خطابات الامام الخميني أكبر محرض لها، وكانت عودته وانضمام قطاعات الجيش له اعلانا عن نجاح الثورة، والفيصل دوما هو الجنازات، فكما كانت جنازة جمال عبد الناصر، اكبر دليل على شعبيته ونجاح ثورته واكبر دليل على بطلان الدعاية المضادة له من أن الالتفاف كان عن طريق القمع والحشد، فكانت الجنازة حشدا تلقائيا، وهو ما حدث مع الامام الخميني، ولا يزال يحدث حتى الان في ايران، ولعل جنازة الشهيد قاسم سليماني، كانت أحدث التجليات لهذا الالتفاف.

3- يوجد في ايران الكثير من التنوع، ولم تحاول ايران فرض مذهبها الرسمي عليهم، والزائر لايران يعرف احترام الدولة لحرية العبادة لجميع المذاهب والديانات، فلا يوجد مبرر لاتهامها بمد مذهبي، كان الاولى ان تمارسه في الداخل.

4- على الاوساط القومية مراجعة موقف عبد الناصر من الثورة الايرانية ودعمه لها، والتعاون والتحالف لا يعني اختراق السيادة، والتذكير بأن القومية العربية هي حالة حضارية وليست عرقية، وهي تتلاقى مع ايران في المكون الاسلامي الغالب على الحضارتين.

ان الثورة الايرانية في ذكراها الواحدة والاربعين وما قدمته من تضحيات وانجازات تقدمية وعلمية وقوة ردع دولية، تفرض على الجميع مراجعة حساباتهم للخروج من هذه الحالة المرضية (الايرانو فوبيا).

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل