آراء وتحليلات
التكافل الشعبي.. الحل الأنسب لتجنب أزمة الأمن الاجتماعي
يوسف الريّس
استفاق العالم على وباء جديد وصل الى قرابة 150 دولة، موديًا بحياة أكثر من 7870 شخصًا ومهاجمًا حوالي الـ195000 شخص بحسب منظمة الصحة العالمية (WHO).
تعاملت الصين مع فيروس كورونا بعملية احتواء كلّفت إغلاق مدينة ووهان التي يقطنها 11 مليون شخص وتبع ذلك انخفاض بالانتاج وبأسعار أسهم الشّركات الصّينية. وبعد النجاح الصيني في مواجهة كورونا وضبطه، ستعاود الشّركات الصّينية العمل لتصل إلى 100% من خط الإنتاج فيها بعد أن وصلت معدلات الانتاج إلى 25% والـ50% من قدرتها الانتاجية القصوى. فمؤشر شنغهاي SCE، مؤشر السوق الصينية، قد انخفض 2.53% منذ أول حالة كورونا سجلت في البلاد. وقد أعلن المصرف المركزي الصيني أنه سيضخ 174 مليار دولار سيولة في الأسواق لاعادتها إلى العمل.
أما على صعيد الولايات المتحدة الأميركية، فقد خسرت البورصة الأميركية 11.2 تريليون دولار بعد اتساع هجوم فيروس كورونا وهاجم الولايات المتحدة الأميركية. أما أوروبيًا فقد استهلت التداولات بالأسهم الأوروبية إلى الارتفاع اليوم بعد قرارات تحفيزية من المصارف المركزية. هذا الارتفاع جاء بعد إعلانات للحكومات الأوروبية بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تحدّ من انتشار الفيروس. هذه الإجراءات أدّت إلى إقفال شركات متعددة الجنسيات مراكزها، محاولة اعتماد مبدأ العمل المنزلي كبديل للعمل في المراكز.
هذا الانخفاض بالتداول العالمي في البورصة يؤشر إلى توجه العالم إلى الدخول في ركود عالمي. فقد أعلنت منظمة العمل الدولية أنه من المتوقع أن يفقد 25 مليون شخص عمله جرّاء انتشار فيروس كورونا.
لبنانيا، اجتمعت الأزمة الاقتصادية مع تداعيات انتشار فيروس كورونا في العالم لتضغط أكثر على اللبنانيين وخاصة أصحاب المهن الحرة والمتعاقدين والمياومين. فقد اضطرت الحكومة اللبنانية الى اتخاذ إجراءات عزلت لبنان عن العالم الخارجي جوا وبرا وبحرا. وكذلك الأمر شلّت هذه الإجراءات حركة السوق الراكد أصلا. هذا ما يجعل ابناء الطبقة الوسطى تحت خطر الفقر كما يجعل الطبقة الفقيرة بمهب أزمة الجوع. الحكومة اللبنانية اتخذت على عاتقها ضرورة اتخاذ تدابير وقائية لمواجهة أزمة انتشار وباء وإن على حساب الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعائلات.
أزمة ميزان المدفوعات التي ترجمت على أرض الواقع أزمة شح بالدولار بما يؤشر الى عدم إمكانية الدولة اللبنانية أن تغطي تكاليف هذه الأزمة الصحية الباهظة، وعدم القدرة على مساعدة أصحاب المهن الحرة والمتعاقدين والمياومين لتأمين حاجاتهم الغذائية والصحية. وهذا ما يجعل لبنان أمام وضع إنساني صعب على صعيد الأمن الاجتماعي والغذائي. كذلك الأمر فإن الحكومة وبعد قرار عدم دفع استحقاقات ديونها لن تكون قادرة على ضخ سيولة في البلد فيما بعد الوباء لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
هذه الأزمة أوضحت صوابية عدم دفع استحقاقات اليوروبوندز والمستحقة في شهر آذار، إلا أن التخلف عن الدفع لا يعني أن احتياطي العملات في لبنان سيكفي لتخطي تكاليف الوباء وما بعده.
سيعود اللبنانيون إلى قواعد التكافل الاجتماعي ويتخلون عن كماليات اعتادوا الحصول عليها. هذا التغير الحاصل سيترافق مع حركة ركود عالمية لا يمكن توقع حدّتها الآن، وهذا ما سيجعل المضي بفرضية الهبات والقروض الخارجية أقل نسبة. استطاع القطاع المصرفي في أزمة 2008 جذب رأسمال خارجيا نظرًا لأسهم الثقة المرتفعة فيه آنذاك وانفصاله عن العالم المالي المتقدم. أمّا الآن فالقطاع المصرفي على حافة الانهيار، لتكون فرصة جذب الدولارات جرّاء الازمات الخارجية أمرا مستبعدا. ومن هنا، وحتى تخطي أزمة الكورونا، فإن التكافل الاجتماعي هو الحل الأنسب لعدم الوقوع في أزمة الأمن الاجتماعي.
إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات
21/11/2024
خطاب الأمين: قوةٌ وتمكين ونصرٌ وتطمين
19/11/2024